الأسواق السورية

يضرب الجمود الأسواق السورية منذ نحو أسبوع ، فلا بيع ولا شراء في شتى المجالات التجارية إلا ما ندر، حيث اقتصر الطلب فقط على المواد الغذائية، في حين أن باقي العمليات التجارية تشهد نوعا من الترقب لما سيؤول له وضع سعر الصرف الذي شهد هبوطاً كبيراً ما استدعى الكثير من التجار لعدم شراء البضائع. وتجار ملابس كثر ذكروا أن حركة الأسواق جامدة ، "لا نستطيع شراء البضائع تخوفا من أن ينخفض سعرها مع انخفاض سعر الصرف المستمر ، أو خوفا من ارتفاع مفاجئ له، وهذا يجعلنا نتكبد الخسائر الكبيرة" ، وينسحب ذلك أيضا على تجار المواد الغذائية (المفرق) الذين أكدوا عدم طلب مواد من تجار الجملة إلا ما هو ضروري فقط أو المادة التي يحصل فيها نقص لدى محلاتهم ، ما جعل حركة البيع تركد على نحو كبير مع غياب الطلب على البضائع.

وشهدت أسعار بعض السلع انخفاضا مثل الدخان وبعض أنواع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، ولكن ليست بنسب كبيرة، كما شهدت بعض أنواع المواد الغذائية انخفاضا لا يذكر مقارنة مع الانخفاض الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية. أما بالنسبة للذهب ، فقد شهدت أسواق الذهب إقبالا على بيع المدخرات من قبل المواطنين تخوفاً من انخفاض أكبر يطال غرام الذهب, بعد أن شهد انخفاضات كبيرة يومياً , ووصلت إلى 2500 ليرة للغرام خلال أسبوع واحد , ما استدعى من جمعية الصاغة في دمشق بتوجيه نصيحة إلى المواطنين بعدم بيع مدخراتهم الذهبية كون سعر الذهب قابل للارتفاع مجدداً.

الشارع السوري حاليا وبخاصة ممن يملكون مدخرات بالدولار أو الذهب يشعرون بالتشويش الحقيقي ويترقبون سعر الصرف دائماً ، خوفا من ضياع قيمة مدخراتهم وشهدت الأسواق خلال الأسبوع الفائت حركة بيع دولار كبيرة من قبل المواطنين ، ما دفع حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام التصريح مؤخراً قائلاً "المخزنين للدولار خلال سنوات الحرب هم بحالة هلع غير مبررة، لأنه بسلوك التخلص من الدولار بأسرع وقت هذا أمر غير طبيعي , ويغذي مطامع التجار الذين يلعبون على سعر الدولار", طالباً من جميع المواطنين عدم التخلص من الدولار للتجار الجشعين في الأسواق.

وانخفاض الدولار وصفه الكثير من الخبراء الاقتصاديين بأنه غير مفهوم وغير صحي ، ولا يحتمل أي منطق اقتصادي , طارحين سؤالاً منطقيا: هل يعقل ان تتحسن عملة بلد ما بنسبة 12% خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع الواحد؟!. وفي حال استقر سعر الصرف منخفضا، فإن تأثيره على الأسعار يحتاج إلى شهر كحد وسطي وفق ما أكدته غرفة تجارة دمشق ، في حين أن غرفة صناعة دمشق وعبر رئيسها سامر الدبس أكد بأن انخفاض سعر صرف الدولار أمام الليرة على نحو حاد له مضار أكثر من ارتفاعه الحاد , وأن خسائر كبيرة ستكبدها المصدرون ما سيدفع بالكثير من المصدرين إلى وقف العقود التصديرية , لتؤكد الحكومة بأنها متابعة في دعم الصادرات وتلافي آثار انخفاض سعر الصرف على الصادرات، وأنها سعر الصرف مراقب والأمور يتم التحكم بها بشكل ممتاز وفق وصف وزير الاقتصاد.

ومع انخفاض سعر الصرف بدأت المطالبات بخفض أسعار الكثير من الخدمات والسلع وبخاصة المحروقات، والمكالمات الهاتفية، والأدوية والمشافي الخاصة، والنقل وغيرها، وبخاصة أن هذه الخدمات والسلع تم رفع أسعارها سابقا نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، أي أن حجة الارتفاع ذهبت ولم يبقى لهم إلا أن يخفضوا السعر، إلا أن هذه المطالبات تصطدم بمنطق اقتصادي واقعي ألا وهو ضرورة استقرار سعر الصرف لأشهر عدة على الأقل.