بيروت ـ قنا
أصبحت الساحة اللبنانية عنوانا بارزا يتداول على مختلف الصعد، فالسياسة اللبنانية ما زالت تستنزف الاقتصاد المحلي وكذلك تداعيات الأزمة السورية، إلى جانب نسبة نمو لم تتعد العام الجاري 1.5 بالمائة, وأوشكت أن تكون سلبية لو لم يبادر مصرف لبنان إلى دعمه عن طريق الرزم المالية التحفيزية التي يستمر في ضخها في السوق عن طريق القطاع المصرفي.
وفي العام الجاري 2015، كرسي رئاسة الجمهورية ما زال شاغرا مما انعكس سلبا على عمل الحكومة ، أما نداء 25 يوليو الذي أطلقته الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني لمواجهة الانتحار فقد ضاع، فالتباطؤ الاقتصادي الذي ينحدر باتجاه الهاوية دفع أركان المجتمع الاقتصادي إلى التحذير من أنه بات قريبا جدا من الانفجار الاجتماعي، فلبنان يشهد أزمات متعددة في الكهرباء والمياه والنفايات وارتفاع معدلات البطالة واستمرار تدفق النازحين السوريين، مرورا بمالية الدولة وخدماتها وارتفاع الدين العام إلى مستويات قياسية حيث تعدى الـ70 مليار دولار أمريكي وارتفاع عجز الموازنة.
وإذا كانت القطاعات الاقتصادية تئن من تراجع مؤشراتها خصوصا مع إقفال المعبر البري بين الأردن وسوريا الذي كان يشكل حوالي 85 بالمائة من نسبة التصدير اللبناني إلى مختلف الدول العربية خصوصا الخليجية منها، والاتجاه إلى التصدير بحرا، فإن القطاع المصرفي ما زال يشكل رافعة إيجابية لهذه القطاعات، حيث حافظ على مستوى نمو تعدى الـ 8 بالمائة رغم تراجع حجم التسليفات، إضافة إلى ارتفاع الاحتياطات لدى مصرف لبنان التي وصلت إلى حدود الـ50 مليار دولار، وهذا يعطي استقرارا نقديا ومصرفيا ومؤشرا على الانضباط الذي يمسك به مصرف لبنان في هذا المجال.
ورأى نائب رئيس جمعية مصارف لبنان سعد الأزهري أن أداء القطاع المصرفي ما زال مقبولا رغم الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، فقد ارتفعت موجودات القطاع بنسبة 6 بالمائة، كما ازدادت القروض بنسبة 5.7بالمائة ، مشيرا إلى أن نسبة نمو النشاط المصرفي متواضعة مقارنة بالنسب التي شهدها القطاع خلال العقد الماضي، وأدت إلى حد كبير إلى ثبات في أرباح المصارف، الأمر الذي نتج عنه انخفاض في الردود على رأس مال القطاع إلى 11 بالمائة.
قاعدة مهمة يعتمد عليها لبنان وهي تدفقات الأموال الوافدة على مدى فترات زمنية طويلة والتي تقدر بحوالي 8 مليارات دولار سنويا ، وتعتبر بمثابة " أوكسجين " للاقتصاد بمقومات الحياة ، على أمل أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وانتظام المؤسسات، والمباشرة بالإصلاحات الإدارية الموعودة وتأمين الحل السياسي للأزمة السورية وعودة النازحين السوريين إلى وطنهم.. كل ذلك، لا يلغي التحديات الجمة التي يواجهها لبنان في ظل انسداد الأفق الاقتصادي والتخوف من فقدان المناعة التي ما زال يتمتع بها.