الرباط ـ وكالات
أفادت مصادر في وزارة المال والاقتصاد المغربية بأن مجموع الديون الخارجية العمومية تجاوزت 25 بليون دولار نهاية الربع الرابع من العام الماضي، مرتفعة نحو ثلاثة بلايين دولار مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، وأصبحت تمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي، في حين كانت تقدر بنحو 16 بليون دولار عام 2008 قبل الأزمة الاقتصادية العالمية. وتبلغ حصة المؤسسات المالية الدولية من الديون الخارجية للمغرب 49 في المئة، والديون التجارية والخاصة (نادي لندن) بنحو 16 في المئة، ودول الاتحاد الأوروبي بـ24 في المئة، بينما تقل القروض العربية عن أربعة في المئة. وأظهرت النشرة الإحصائية للدين الخارجي العام أن الرباط اقترضت في السنوات الخمس الماضية نحو 10 بلايين دولار من الأسواق والمؤسسات المالية الدولية لمواجهة الصعوبات الاقتصادية ومواصلة الإصلاحات. ومنذ بدأ «الربيع العربي» تزايد اعتماد الاقتصاد المغربي على القروض الخارجية لمواجهة الأزمة، إذ اقترضت الرباط العام الماضي ما يعادل 37.5 بليون درهم (نحو 4،4 بليون دولار)، وهو الرقم الأكبر في سنة. وتستنزف خدمة الديون الخارجية نحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، لكن قيمتها تتراجع نتيجة ارتفاع معدل النمو المقدر هذه السنة بما بين أربعة وخمسة في المئة. وأشارت الدراسة إلى أن خدمة الدين الخارجي المقدرة بـ2،5 بليون دولار هذه السنة ستبقى مستقرة حتى عام 2017 تقريباً وترتفع بعدها إلى 2،8 بليون دولار، قبل أن تتراجع خلال العقد المقبل إلى ما دون بليوني دولار. ولم تأخذ الدراسة في الاعتبار زيادة الاقتراض الخارجي هذه السنة والذي يُتوقع أن يزيد على بليون دولار من قروض المؤسسات الدولية والدول المانحة. وكانت الرباط اقترضت نحو 500 مليون دولار من البنك الدولي، 203 ملايين منها الأسبوع الماضي للمساهمة في تمويل برامج تحديث القطاع الزراعي، وهو القرض الثاني الذي يندرج في إطار دعم برامج التنمية الموجهة لمشروع «المغرب الأخضر» الذي تزيد استثماراته على 22 بليون دولار لتحسين الإنتاج والأمن الغذائي وزيادة الصادرات. ووقعت الرباط الأسبوع الماضي اتفاقاً للتعاون المالي مع «المؤسسة الألمانية للتنمية» بلغ فيه إجمالي قيمة القروض 313 مليون يورو، منها 133 مليوناً برسم التعاون المالي 2012 - 2013، و180 مليوناً لتمويل برامج «المكتب الوطني للماء والكهرباء» وحماية البيئة وتطوير الطاقات المتجددة. ومنحت كندا خطاً ائتمانياً مالياً قيمته 500 مليون يورو من «الوكالة الكندية لدعم الصادرات» لزيادة المبادلات التجارية بين البلدين اللذين أبرما اتفاقاً لإنشاء منطقة تجارية حرة على غرار تلك الموقعة عام 2006 مع الولايات المتحدة. وحذرت أطراف اقتصادية الحكومة من التمادي في سياسة الاقتراض الخارجي التي كانت سبب فرض برامج التقويم الهيكلي على المغرب في ثمانينات القرن الماضي. واعتبر المصرف المركزي أن الديون العمومية المغربية الداخلية والخارجية يجب ألا تتجاوز 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكبح عجز الموازنة والميزان التجاري والتحكم في التضخم. وكانت ديون المغرب بلغت العام الماضي 536 بليون درهم (نحو 63 بليون دولار) وهي نسبة تقل عنها في دول الاتحاد الأوروبي ولكنها قد تثقل كاهل الاقتصاد في المستقبل. وتحتاج الحكومة هذه السنة إلى اقتراض 65 بليون درهم لمواجهة عجز الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية. ويمثل الاقتراض الخارجي حلاً لتجنب مزيد من الاقتراض الداخلي الذي يعزز نقص السيولة النقدية ويدفع معدلات الفائدة إلى الارتفاع، ويحد من تمويلات القطاع الخاص المحلي. وتنتقد النقابات العمالية، التي نفذت أول أمس مسيرات معارضة لسياسة حكومة بن كيران نصف الإسلامية، طريقة معالجة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتعتبرها تدفع نحو تأزم الأوضاع، وتُفقر الطبقات الوسطى وتزيد التراجع في برامج الاستثمارات العمومية عبر خفضها بنحو تسعة بلايين درهم، ما قد يرفع عدد العاطلين من العمل المقدرة نسبتهم بعشرة في المئة من الفئة النشيطة.