بيروت ـ وكالات
يتوجّب على لبنان استحداث 23 ألف وظيفة سنوياً على مدى العقد المقبل، ويُعدّ معدل البطالة في صفوف الشباب الأعلى في المنطقة العربية اذ يبلغ 34 في المئة، فيما لا تمثل النساء سوى 24 في المئة من القوى العاملة. هذه الخلاصة خرج بها التقرير الجديد للبنك الدولي، والذي أُعلن أمس في المجلس الاجتماعي والاقتصادي في بيروت، بعنوان «الحاجة إلى توفير وظائف مناسبة: دور السياسات المتعلقة بالاقتصاد الكلي، الاستثمار، العمل، التعليم، الحماية الاجتماعية». وجاء التقرير نتاج برنامج للتعاون الفني امتد ثلاث سنوات بين البنك الدولي والحكومة اللبنانية. وأشار إلى أن لبنان يُصنّف رسمياً من المجتمع الدولي على أنه «ينتمي إلى مصاف الشريحة العليا من الدول المتوسطة الدخل». لكن الاقتصاد اللبناني «لا يزال في مرتبة متدنية بالنسبة إلى دول أخرى تتمتع بالتصنيف ذاته». وعلى رغم قيام النظام التعليمي اللبناني بتخريج أعداد كبيرة من الطلاب من أصحاب المهارات، لاحظ التقرير أن «كثراً من هؤلاء الخريجين يغادرون البلاد بحثاً عن فرص عمل خارجه». ولفت إلى أن من القضايا التي تستوجب المعالجة «شيوع العمل في القطاع غير الرسمي في شكل كبير والتدني النسبي في التحول إلى العمل في القطاع الرسمي، وينخرط نحو 20 في المئة من القوى العاملة في القطاع غير الرسمي الذي يفتقر إلى التأمين الاجتماعي ولا تحكمه أنظمة العمل. ويعمل 30 في المئة من القوى العاملة لحسابهم الخاص في نشاطات متدنية الإنتاجية، وهم لا يخضعون أيضاً للبرامج الإلزامية». وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس في اللقاء، أن «الأوان حان للخروج من دوامة الانشغال بالأزمات». ورأى ضرورة «إرساء برنامج عمل اقتصادي واجتماعي متكامل وتنفيذه، يمكّن بلدنا من الارتقاء إلى ممارسة دوره ورسالته في هذه المنطقة وفي العالم». وأوضح مدير إدارة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج، أن «التباين الحاصل بين معدلات النمو واستحداث الوظائف لا يعد أمراً يتفرد به لبنان، لكنّ له وقعاً خاصاً في دولة مثل لبنان». ولفت إلى أن متوسط النمو السنوي للناتج المحلي بين الأعوام 1997 و2009 بلغ 3.7 في المئة، فيما لم ينمُ معدل استحداث الوظائف سوى 1.1 في المئة، ما يُعد مشكلة تستوجب إيجاد حلول لها». وأكد أن على لبنان «استحداث 23 ألف وظيفة سنوياً على مدى العقد المقبل، أي ما يوازي 6 أضعاف ما ينتجه الاقتصاد اللبناني حالياً». وأشار المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني ممثلاً وزير المال في حكومة تصـــريف الأعمال محمد الصفدي، إلى أن هذا التقرير «أتى بعد ثلاث سنوات من الجهــــود والنقاشات المستمرة حول إمكانات إيجاد فرص عمل للإنتاجية العالية وتطوير الاقتصاد وتأمين الحماية الاجتماعية». ولم ينكر وزير العمل اللبناني سليم جريصاتي، وجود «عطب بنيوي في سياساتنا الاقتصادية - الاجتماعية». وأكد «الحاجة إلى إطلاق ثورة إصلاحية إدارية تبدأ بإعادة هيكلة المؤسسات الرسمية، على المستويات التشريعية والوظائفية، وإعــادة تحـــديد نوعية موازناتها لتجمع بين التشغيل والتطوير، وقد يكون في مفاصل كثيرة من هذا التقرير دعوة إلى التخطيط». وأشارت منسقة التنمية البشرية في لبنان والأردن وسورية حنين السيد وهي إحدى المشاركين في إعداد التقرير، إلى أن النتائج أظهرت أن «46 في المئة من السكان في سن التوظيف يشاركون في سوق العمل، وأن من بين القوى العاملة 11 في المئة عاطلون من العمل، فضلاً عن 50 في المئة يعملون في القطاع غير الرسمي»، واعتبرت أن «الأمر الأكثر خطورة هو معدلات البطالة المرتفعة جداً في صفوف الشباب، والتي تصل إلى 34 في المئة، أو شاب من كل ثلاثة». وشدد رئيس فريق قطاع العمل في البنك الدولي ديفيد روبالينو، الذي شارك في إعداد التقرير، على أهمية «بذل جهود قطاعات كثيرة لإنتاج سياسات للحد من البطالة». ورأى ضرورة أن «يعيد لبنان التفكير في ما يقدمه من برامج تدريب في مجال سوق العمل لتحديث مهارات القوى العاملة وتسهيل التحولات في سوق العمل».