الجزائر ـ وكالات
قدر مختصون في الشأن الاقتصادي عدد الفقراء الذين يحقهم لهم الاستفادة من زكاة الركاز بحوالي 8 ملايين ونصف مليون مواطن، يعيشون تحت عتبة الفقر، يتوزع معظمهم عبر 444 بلدية. مؤكدين بأن التزام المؤسسات المعنية بإخراج هذه الزكاة سيؤدي إلى تخليص أكثر من 3 ملايين أسرة من الفقر المدقع، لأن قيمتها إلى جانب الزكاة العادية ستبلغ 10 ملايير دينار سنويا.وتعرف زكاة الركاز في الشريعة الإسلامية بالأموال التي يتم إخراجها مقابل الثروات الباطنية التي تزخر بها الدولة. وهي محددة بخمس القيمة الإجمالية لهذه الثروة. ويتم إيداعها في بيت المال. غير أن الفقهاء يختلفون في تفسير شروط فرضها على المؤسسات المعنية بها، منها المؤسسات النفطية والمنجمية وكذا المحاجر . إذ يرى عضو المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ محمد شريف قاهر بأنه ما دامت الدولة هي التي تكتشف آبار النفط فإن ذلك يعني بأن الثروة هي ملك للجميع، بحجة أن المواطن يأخذ حقه من تلك الثروة عن طريق الخدمات المجانية التي توفرها الدولة من علاج وتعليم وكذا تهيئة الطرقات وغيرها، معترفا بوجود تقصير في توزيع هذه الثروة.ويقول مأمون القاسمي، عضو في المجلس الإسلامي الأعلى، ورئيس الهيئة الرقابية الشرعية لبنك البركة بالجزائر، بأنه إذا توفرت هيئة للزكاة قائمة بشروطها لجمع وإنفاق وتوزيع تلك الأموال، فإنه من المناسب أن تخرج الدولة زكاة الركاز وتصبها في هذه المؤسسة التي تتولى بدورها توزيعها على الفقراء والمساكين. غير أن فرضها على المؤسسات المعنية بها ينبغي أن تسبقه استشارة من قبل الهيئات العليا للبلاد للمجلس الإسلامي الأعلى المخول قانونا بالإفتاء في مثل هذه القضايا التي تهم الأمة، غير أن هذا لم يحدث أبدا وفق تأكيد الشيخ قاهر وكذا مأمون القاسمي.ويقول الخبير الدولي في المالية الإسلامية "فارس مسدور" في تصريح لـ"الشروق" بأن دراسة أخيرة أحصت 3 ملايين أسرة جزائرية تعيش في عتبة الفقر، وأنه لو تم فرض زكاة الركاز على المؤسسات الاقتصادية المستقلة التي تنشط في المجال الطاقوي والمنجمي، من بينها المؤسسات التجارية المتفرعة عن سوناطراك والتي تتمتع بالاستقلالية التامة عن الدولة، فإن قيمة هذه الزكاة إلى جانب الزكاة الخاصة بالأفراد ستصل إلى 10 ملايير دج سنويا، وهو مبلغ مالي ضخم بإمكانه أن يخرج كل العائلات المحتاجة من عتبة الفقر، مقدرا العدد الإجمالي للفقراء في الجزائر بأزيد من 10 ملايين فقير جدا. وأضاف المتحدث بأن البترول إذا كان تابعا للقطاع الخاص فإن القيمة التي ينبغي إخراجها هي 20 في المائة من إجمالي قيمة هذه الثروة، في حين استثنى العلماء الدولة من دفع زكاة الركاز، بدعوى أنها تستخدم مداخيل الثروات الباطنية في خدمة الصالح العام، غير أن الأستاذ مسدور يتهم المؤسسات الخاصة التي تستغل الثروات الباطنية بمخالفة الشريعة لكونها لا تلزم بإخراج هذه الزكاة.ويقول الخبير الاقتصادي من جانبه بأن الثروات الباطنية في الجزائر تحكمها المادة 17 من الدستور التي تنص على أن كل ما في باطن الأرض هو ملك للدولة والشعب، وأن الجزائر بعد اعتمادها للنموذج الأوروبي القائم على تولي الدولة توفير كل الخدمات لمواطنيها، أسقطت عنها فريضة زكاة الركاز لأنه يستفيد منها الفرد مقابل الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، منتقدا وجود فوارق صارخة في توزيع الثروة بسبب غياب التنسيق بين الإدارات، ومن آثار ذلك تصنيف 444 بلدية في دائرة الفقر المدقع، أي ما يعادل 8.6 مليون فقير في الجزائر.