الارتفاعات المقننة في الأحياء القديمة يجب ألا تزيد على طابق واحد حتى لا تتأثر وتتفاقم مشاكل البنى التحتية، ويظهر في الصورة منظر من وسط جدة . "الاقتصادية" الارتفاعات المقننة في الأحياء القديمة يجب ألا تزيد على طابق واحد حتى لا تتأثر وتتفاقم مشاكل البنى التحتية، ويظهر في الصورة منظر من وسط جدة . "الاقتصادية" أفاد مختصون في الشأن العقاري بأن عمليات الإحلال للمباني والعقارات السكنية القديمة داخل المدن الكبرى في المملكة شهدت ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، مبينين أنها بلغت 30 في المائة سنويا، وأن كثيرا من ملاك العمائر والمباني القديمة يقبلون على هدم عقاراتهم ومبانيهم القديمة بغرض إحلال مبانٍ جديدة بدلا منها، موضحين أن عمليات الإحلال يمكن أن ترفع أعداد الوحدات القائمة إلى أكثر من 40 في المائة. من جهته، يرى فيصل صيرفي مستشار مالي أن هذه الظاهرة انتشرت خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل كبير لا سيما في الأحياء التقليدية داخل المدن نتيجة عدة أسباب يأتي في مقدمتها سماح بعض البلديات أخيرا كبلدية مدينة جدة بزيادة الأدوار في العمائر السكنية، والارتفاع في الإيجارات أو القيمة السعرية للوحدات السكنية الجديدة، إضافة إلى التيسيرات الائتمانية خصوصا من قبل صندوق التنمية العقاري، حيث شكلت دوافع لهذا التحول لدى العديد من ملاك العقارات القديمة. وأكد المستشار المالي أن ظاهرة لجوء العديد من ملاك العقارات أو العمائر التي أقيمت في السابق لهدمها وإقامة مبانٍ حديثة بدلا منها سيستمر خلال السنوات المقبلة مع استمرار الطلب المتزايد للوحدات السكنية لا سيما أن الإحصاءات تشير إلى أن نحو 60 في المائة من السعوديين لا يمتلكون مسكنا خاصا بهم. وبين صيرفي أن الاستمرار والتوسع في عمليات الإحلال والبناء في قطاع الوحدات السكنية بنفس الوتيرة القائمة الآن سيسهم في حلحلة واقع سوق العقار القائمة الآن سواء على مستوى الإيجارات أو أسعار التملك للوحدات السكنية، موضحا أن عمليات الإحلال يمكن أن ترفع أعداد الوحدات القائمة بأكثر من 40 في المائة إذا اعتبرنا أن المبنى القديم المكون من ثلاثة طوابق سيقام عليه مبنى أحدث يتكون من خمسة طوابق كاملة ونصف مساحة السطح. وألمح صيرفي إلى أن قلة المخاطرة في هذا المجال الاستثماري إضافة إلى عدم اشتراط وجود كثافة رأسمال، جعل قاعدة المستثمرين فيه كبيرة لا سيما من الطبقة الوسطى التي ترى في الاستثمار العقاري استثمارا آمنا، مطالبا من المطورين بأن يحرصوا على تقديم منتج متميز من الوحدات السكنية وأن تكون ضمن تطوير أشمل للمدن حتى تستطيع فترة استثمارها أن تطول أكثر، وألا يقتصر النظر فيها على البعد التجاري، مضيفا أن هذا التجويد للمنتج سيكون في صالح المستثمر والمستهلك، حيث إن ارتفاع قيمة الأراضي جعل الكثير من متوسطي الدخل وأصحاب الدخول المحدودة في المملكة من الموظفين وغيرهم يقدمون على شراء وحدات سكنية لعدم قدرتهم على شراء أراضٍ خاصة وإقامة دور سكن عليها. ووفقا لمصادر في وزارة الشؤون البلـدية والقروية فإن السنوات العشر الأخيرة سجلت فيها حركة منح رخص الإحلال والبناء ارتفاعا كبيرا فاق الـ 300 في المائة في معظم المناطق في المملكة، حيث ارتفع عددها من 37585 رخصة عام 1424 إلى 112362 رخصة عام 1432. في الإطار ذاته أوضح الدكتور ياسر عدس رئيس قسم الرخص بأمانة محافظة جدة أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في أعداد رخص الإحلال والبناء وأن عدد رخص الإحلال والبناء التي قامت الأمانة بإصدارها العام الماضي بلغت 14476 رخصة مسجلة بذلك زيادة فاقت الـ 30 في المائة عن العام السابق له. وبيّن رئيس قسم الرخص بأمانة محافظة جدة أن شهر صفر تصدَّر الشهور في إصدار تراخيص الإحلال والبناء بعدد 1899 رخصة فيما مثل شهر شوال من العام الماضي أقلها، حيث لم يصدر سوى 191 رخصة نتيجة فترات الإجازات، كإجازة عيد الفطر الطويلة في هذا الشهر. وألمح الدكتور عدس إلى أن عمليات الإحلال للمباني القديمة واستبدالها بمبانٍ سكنية حديثة أصبحت تحظى بنسبة كبيرة من التراخيص التي تقوم الإدارة بمنحها للمواطنين لإقامة مبانٍ سكنية لا سيما في الأحياء التقليدية، بخلاف الأحياء الجديدة، حيث لا وجود لهذه الظاهرة بها. من جانبه أوضح عبد الله البلوي شيخ دلالي العقار في جدة أن تعاظم الدوافع لأصحاب العمائر والمباني السكنية القديمة المتمثلة في ارتفاع القيمة الاستثمارية في إقامة وحدات سكنية حفز العديد من ملاك هذه العقارات لإعادة هدمها وإقامة عمائر مكانها أعلى ارتفاعا وأكثر في أعداد الوحدات السكنية. وأشار البلوي إلى أن السماح أخيرا بزيادة عدد الأدوار إضافة إلى التيسيرات في هدم العقارات القديمة وإحلال عمائر سكنية أحدث أصبح سمة في العديد من الأحياء داخل المدن لا سيما الأحياء القديمة، مشيرا إلى أن عمليات الإحلال تمثل أكثر من 60 في المائة من حركة الإنشاء داخل العديد من الأحياء القديمة في مدينة جدة بما فيها أحياء في شمال جدة كأحياء الفيصلية والبوادي والصفا والعزيزية وعنيكش والسلامة وغيرها. في الإطار ذاته يرى عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات في غرفة جدة أن استمرار ظاهرة الإحلال في العمائر والعقارات بالأحياء القديمة من شأنه أن يزيد الضغوط على البنية التحتية في تلك الأحياء خلال السنوات المقبلة نتيجة ارتفاع أعداد القوة السكانية لكل شارع وحي في أعقاب زيادة أعداد الوحدات السكانية التي يمكن أن تقام عليها. وأشار رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات في غرفة جدة إلى أن هذه الحلول قصد منها إيجاد مخارج لأزمة السكن، واصفا إياها بأنها حلول وقتية، وأنه إذا كان لها إيجابيات في توفير مزيد من الوحدات السكنية فإن لها سلبيات، وعلى الأمانات أن تعيد النظر في هذه القرارات وأن تنقل الثقل السكاني إلى الأحياء والمخططات الجديدة التي روعي في تصميم شوارعها وبناها التحتية قدرات أكبر. واقترح أن تكون الارتفاعات مقننة بحيث لا تزيد على طابق واحد أو عدد من الوحدات في الأحياء التقليدية القديمة التي أقيمت قبل عشرين أو ثلاثين عاما حتى لا تتأثر وتتفاقم مشكلات البنى التحتية بها. وبين الأحمري أن الظاهرة لم تعد قاصرة على مدينة دون أخرى في المملكة، بل أصبحت منتشرة في العديد من المدن، مستشهدا بما أعلنته أمانة مدينة الرياض من إحصاءات حول عدد رخص الإحلال والبناء الصادرة للمواطنين في 1431هـ، مشيرا إلى أنها بلغت 20013، فيما بلغت أعدادها خلال العام الماضي 1433 قرابة 27 ألف رخصة، وبزيادة فاقت الـ 30 في المائة.