على الرغم من الحركة الناشطة لعمل المقالع والكسارات في بيروت وضواحيها إلا أن هذه الحركة لم تنعكس على السوق العقاري الذي لا يزال يشهد تباطؤا في النمو منذ سنتين، من دون أن تؤدي موجات تدفق الأغنياء من السوريين إلى لبنان انعاشا لهذا القطاع بسب غلاء أسعار الشقق السكنية وتفضيلهم استئجار البيوت عوضا عن شرائها ليقينهم بالعودة إلى بلادهم. ولم ينسحب تزايد عدد السكان في لبنان نتيجة موجات النزوح منذ اندلاع الأزمة في سوريا، على ارتفاع الطلب على شراء العقار الذي يشهد ركودا منذ عامين، وكل مؤشرات القطاع العقاري لعام ٢٠١٢ تدل على ذلك، ومها إحصاءات نقابة المهندسين في لبنان، التي أكدت تراجع هذه المساحات التي تعكس توّقعات مستوى العرض في القطاع العقاري، بنحو 12.3% خلال العام الماضي. وأوضحت الخبيرة الاقتصادية سابين عويس، أن القطاع العقاري في لبنان يعاني من الجمود منذ سنتين الا ان بداية هذه السنة شهدت تراجعا ملحوظا في النشاط العقاري وصلت الى نحو ١٩%، موضحةً لـ"العربية نت" أن السبب يعود الى الجو السياسي المحتقن الذي ساد مطلع هذا العام نتيجة التجاذبات السياسية على الساحة المحلية والاضطرابات الأمنية على الساحة الإقليمية، وما رافقها من تداعيات سلبية على زخم النمو الاقتصادي في لبنان عامة وعلى الاستثمار العقاري خاصة. وأشارت عويس، إلى ضعف الثقة بمستقبل اقتصاد لبنان لدى المستثمرين المحليين والأجانب، مشيرة إلى المقاطعة العربية كان لها أثر كبير وهي لم تقتصر على الحركة السياحية بل انسحبت أيضاً على القطاع العقاري، مضيفة "هذا ما نتج عن أحجام العرب عن الاستثمار". وفي هذا السياق، يؤكد رئيس مركز "ايدال" نبيل عيتاني، لـ"العربية نت"، ان حجم الاستثمار الأجنبي وهو عربي بشكل اساسي والذي يشكل القطاع العقاري جزء أساسي منه بلغ عام 2010 حدود الخمسة مليارات دولار، هذا الواقع كان قد أدى الى ازدهار القطاع الذي ترافق مع تحريك العجلة الاقتصادية والمالية. اما خلال السنتين الماضيتين فقد انخفض بشكل كبير. وبالنسبة للسوريين في لبنان، أكدت عويس أنه ليس من السهل تحديد نسبة تملكهم للعقارات مؤخراً في لبنان لأن معظم من اشترى دفع نقداً أو لديه حسابات في بنوك لبنانية. وتوضح عويس ان هناك نوعان من النازحين، الفئة المعدومة والتي تعاني من مشكلة الإيواء، والفئة المقتدرة التي استطاعت ان تساهم بتحريك العجلة الاقتصادية قليلا لكن معظم هؤلاء يفضلون الاستئجار عن الشراء. مضيفة، "لذلك لا نستطيع القول انهم ساهموا في إنعاش القطاع العقاري لكنهم حدوا من تدهوره". وأكد كبير اقتصادي "بنك بيبلوس" في هذا الإطار إن النزوح لم يؤدي الى ارتفاع الطلب على الشقق لان معظم السوريين ميسوري الحال امتلكوا شقق في لبنان قبل اندلاع الأزمة في بلادهم. اما باقي هذه الفئة من اللاجئين، فهم حركوا سوق الإيجارات، مخترقين بذلك الجمود السياحي الذي كان يعول على حركة إيجارات الشقق الصغيرة والمفروشة. ويتفاءل البعض بانتعاش عمليات الشراء من قبل المتمولين السوريين في عام 2013 الأمر الذي لم يكن متاحا في 2012. كما يتوقع البعض الاخران يشتري السوريين المنازل التي يقطنون فيها اذا استمرت الازمة في سوريا. ويعتقد غبريل ان تحريك هذا القطاع يجب ان يترافق مع طلب الاستهلاك المحلي الذي يقتضي نمواً يتجاوز الـ١٪ كما كان الحال طيلة السنتين الماضيتين. وبشكل عام يتأثر السوق العقاري بقاعدة العرض والطلب، وفي لبنان لا يزال العرض كبير مقابل طلب ضعيف لان الرعايا العرب والمغتربين يفضلون الانتظار ريثما ترسم معالم المنطقة العربية قبل ضخ اموالهم في شراء العقارات. وفي المقابل يتفق الخبراء انه ستبقى أسعار الشقق شبه ثابتة "على الرغم من التصحيح النسبي في نشاط السوق العقارية، فالمقاولون ليسوا تحت ضغط لجهة إتمام صفقات البيع لان نسبة الاقتراض متدنية والمبيعات كافية على الخرائط للمشاريع قيد الإنشاء، في حين أن ندرة الأراضي المتوافرة في بلد صغير توفر دعماً للأسعار وهي بذلك لن تتراجع أبداً."