بروكسل - أ.ف.ب
يحتمل ان تفشل المفاوضات التي بدات الاربعاء في بروكسل بين اوكرانيا وروسيا ويفترض ان تستأنف مساء الخميس بسبب عجز القادة الاوكرانيين على تسديد ديون كييف المستحقة، ما يشكل مأزقا يزيد التوتر بين الاتحاد الاوروبي وموسكو.
وصرح المفاوض الروسي وزير الطاقة الكسندر نوفاك لوكالة الانباء العامة ريا نوفوستي صباح اليوم الخميس "ان المفاوضات لم تنته بعد (...) لم نتوصل الى اتفاق لمواصلة هذا العمل" مساء اليوم. فيما دعا الاتحاد الاوروبي اوكرانيا وروسيا لابرام اتفاق لحل خلافهما بشأن الغاز لكن بدون ان يوضح ما اذا كان مستعدا لتقديم مساعدة مالية لكييف.
وقالت المفوضية الاوروبية في بيان ان رئيسها جوزيه مانويل باروزو "دعا كافة الاطراف الى انجاز المفاوضات بغية تأمين امداد اوكرانيا بالغاز المتوقف بشكل موثوق ومستند على سعر السوق".
واضاف البيان ان باروزو "تحدث مرات عدة امس (الاربعاء) مع الرئيس" الاوكراني بترو "بوروشنكو اثناء المحادثات الثلاثية حول الغاز في بروكسل". و"اكد على ان اتفاق بات بمتناول اليد على اساس مقترحات المفوضية الاوروبية.
لكن رئيس مجلس ادارة مجموعة غازبروم العملاقة الكسي ميلر حذر من جهته بان المفاوضات لن تستأنف الا في حال التوصل الى اتفاق بين كييف والاتحاد الاوروبي بشأن التمويل.
واوضح مصدر دبلوماسي انه تم التوصل الى اتفاق بشأن السعر والاطار العام للعقد، لكن توقيعه يرتهن بالدعم المالي للاتحاد الاوروبي لاوكرانيا للسماح للمجموعة الاوكرانية نفتوغاز بتسديد جزء من متأخراتها لغازبروم ودفع ثمن اي طلبية جديدة مسبقا على ما قال مصدر اخر.
وقد عاد الوفد الروسي الى موسكو في ساعات الصباح الاولى تاركا الاوكرانيين والاوروبيين يتفاوضون بشأن التمويلات. وصرح مصدر قريب من المفاوضات ان الروس "ينتظرون صعود دخان ابيض فوق برلايمونت (مقر المفوضية الاوروبية) للعودة الى بروكسل".
واعلن فريق المفوض الاوروبي للطاقة غونثر اوتينغر الوسيط في هذه المفاوضات الغاء مؤتمر صحافي بدون اعطاء اي توضيحات.
واوتينغر مصمم بحسب مقربين منه على انتزاع اتفاق لتأمين نقل مشتريات اوروبية من الغاز الروسي عبر اوكرانيا. لكن الاتحاد الاوروبي لا يستطيع تسديد الفواتير غير المدفوعة لنفتوغاز على ما اوضح مصدر اوروبي لوكالة فرانس برس. وهذا ما تريده في الواقع كل من موسكو وكييف.
ويحتاج الاتحاد الاوروبي كل سنة ل450 مليار متر مكعب من الغاز لاستهلاكه. وعليه ان يستورد 300 مليار منها 125 مليار متر مكعب يشتريها من مجموعة غازبروم العملاقة. ويمر 75 مليار متر مكعب من مبيعات روسيا من الغاز عبر منشآت اوكرانيا.
وينص اقتراح التسوية على ان تدفع كييف 3,1 مليار دولار عن فواتير غير مدفوعة منها مليارا دولار قبل نهاية تشرين الاول/اكتوبر. في المقابل تتعهد غازبروم باسئناف شحنات الغاز الى اوكرانيا المتوقفة منذ حزيران/يونيو مع شحنة صغيرة من خمسة مليارات متر مكعب تدفع على اساس سعر 385 دولارا للالف متر مكعب.
واقر اوتينغر بان المال هو مفتاح المفاوضات. وقال يجب تأمين 4,6 مليار دولار في الاجمال، مضيفا "نسعى الى تشكيل حزمة مالية لتغطية قسم من الفواتير غير المدفوعة لغازبروم وتمويل المشتريات المدفوعة سلفا" كما قال. لكنه اضاف باسف "ان اوكرانيا لديها مشكلات دفع كبيرة وهي عمليا عاجزة عن السداد".
وتابع ان كييف "حصلت حتى الان على مساعدة بالمليارات" من صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي "ويتعين عليها استخدام جزء منها" لشراء الغاز. وعلى كييف في الوقت نفسه تحمل نفقات اخرى مثل "اعادة بناء طرقات" او "شراء اسلحة".
وقد طلبت كييف من الاتحاد الاوروبي خط اعتماد بملياري يورو لمساعدتها على مواجهة التزاماتها.
ويسعى الاتحاد الاوروبي الى حمل القادة الاوكرانيين الجدد الموالين للغرب على تسديد ديون الغاز، لكن الاخيرين يخشون ان يخفف الاوروبيين الضغط عن موسكو عندما يطمئنون على امداداتهم من الغاز كما علق مصدر قريب من المفاوضات.
الا ان العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا ما زالت متوترة. وما زاد الطين بلة اعلان موسكو عن رغبتها في الاعتراف بنتيجة الانتخابات التي ينظمها الانفصاليون الموالون لروسيا الاحد في شرق اوكرانيا.
وقد قرر الاوروبيون ابقاء العقوبات المفروضة على روسيا لدورها في النزاع في اوكرانيا.
ويعتزم الانفصاليون تنظيم الانتخابات الاحد في شرق اوكرانيا بعد ان قاطعوا الانتخابات التشريعية الاوكرانية المبكرة التي جرت في 26 تشرين الاول/اكتوبر وفازت بها احزاب موالية للغرب. ويخشى ان يؤدي تنظيم الانتخابات الى تفاقم النزاع الذي اوقع 3700 قتيل وتسبب باخطر ازمة بين موسكو والغرب منذ نهاية الحرب الباردة.
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان هذه الانتخابات "ستوجه ضربة قوية لاتفاقات مينسك التي ينبغي تطبيقها بكل بنودها وبسرعة".
وقدم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء دعما للمتمردين باعلانه ان روسيا "ستعترف بالتأكيد" بالانتخابات التي سينظمونها.
ورد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو بالقول ان "اي انتخابات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك تنتهك القوانين الاوكرانية لن تعترف بها الاسرة الدولية وستهدد عملية السلام".
وموسكو التي تتهمها كييف والغربيون بدعم الانفصاليين الموالين لها عسكريا، لم تعترف رسميا في ايار/مايو الماضي باستفتاءين حول الاستقلال نظمهما المتمردون، خلافا لذلك الذي سمح قبل شهرين من ذلك بضم شبه جزيرة القرم الى روسيا.
ودان وزير الخارجية الاميركي جون كيري بشدة تصريحات لافروف، وقال "ان ذلك يشكل انتهاكا واضحا للتعهدات التي قطعتها روسيا والانفصاليون اثناء اتفاقات مينسك".
ميدانيا سجلت كييف الاربعاء هجمات عديدة على جنودها. وقال متمردون من جهتهم لفرانس برس ان "الحرب قد تكون طويلة".