فن تشكيلى

دفعتها الموهبة لتطوير ملكتها الفنية لتتخطى دور الدراسة الأكاديمية فقدمت الفنانة التشكيلية إيمان القهوجي مختلف الأشكال الفنية بالألوان الزيتية والمائية وألوان الزجاج إلا أنها لم تتخل عن الإحساس والعفوية ومحاولة الاقتراب من الواقع لأن الصدق كما تراه أساس الفن.

وقالت الفنانة القهوجي في حوار مع سانا: “عبر الدروس التعليمية التي كنت أتلقاها في المرحلة الثانوية اكتشف معلمو الفنون أنني قادرة على التميز وعلى التنويع في الرسم والتشكيل والزخرفة فكانوا يسمحون لي بتجاوز عدد اللوحات المطلوب من الطالبات الأخريات فكنت مميزة بذلك بينهن وهذا الأمر جعلني أشعر أن داخلي فنانة قادرة على العطاء”.2

وأضافت القهوجي أنه “ثمة شيء كان يعتمل في داخلي ويدفعني لأتناول أدوات الرسم دائما في منزلي وأعبر عن مكنوناتي الداخلية عبر تلك الوسائط المتعددة فأحياناً أرسم شيئاً بالألوان المائية وأحياناً بالزيتية وأحياناً أكون حالة أخرى جديدة عبر الزخرفة والتكوين الفني البنيوي الذي يعبر عن شيء أريده”.

وتابعت هذه الأشياء “انعكاس حالات نفسية واجتماعية وميلي الكبير تجاه الطبيعة فبدأت أعبر عن حبي وعشقي لها بأشكال فنية متباينة تحمل ما أصبو إليه من نقاء رأيت انعكاسه الأولي من خلال رأي الوسط المحيط واقتنائهم للوحاتي”.

وأكثر ما يستهويها في رسم الطبيعة هو لون السماء وانعكاسها ولون البحر وتداعياته وهي أشياء كما قالت تلعب دوراً رئيساً فيما تظهره الطبيعة من تحولات مناخية لتعبر بشكل عفوي ومعقد عما يدور بين هذه الأشياء عبر الألوان وتقديم معان مختلفة في كل موضوع ترسم فيه السماء أو البحر لإظهار المتغيرات النفسية والاجتماعية وفق ما يدور بخاطرها وما يدور في نفوس الآخرين لأن المادة التشكيلية هي أولاً وأخيراً عمل ينجزه الفنان ليقدم حالة تواصلية مع بيئته ومحيطه وعالمه.1

وقالت إن الحالة النفسية التي أعيشها تنعكس على كل اللوحات التي أرسمها حتى ولو كانت اللوحة مرتبطة من الناحية التركيبية بالسماء أو الجبل أو السهل أو غير ذلك فلا بد للألوان من أن تعبر عما أريده وتحاكي ما يدور في النفس ليصل إلى سطح اللوحة الأبيض حتى يكون عالماً طبيعياً قريباً إلى الحقيقة يخص الإنسان وما يمتلكه من مشاعر وأحاسيس.

وعن سبب غياب الإنسان في لوحاتها التشكيلية التي رسمت خلالها الطبيعة قالت القهوجي إن اللوحة التي تتكون من الطبيعة وتتضمن الأشجار والجبال والورود والطيور والسهول والطرقات والشعاب دون أن يمر بها الإنسان تبقى على الفطرة فهي غالباً “بريئة من النفاق ومن الغدر والخيانة”.

وأوضحت أن الإنسان قد يكون إيجابياً ولكن في كثير من الأحيان من الممكن أن يشوه هذه الطبيعة فعندما نرى شجرة مقطوعة ندرك أن الإنسان مر من قربها وإذا رأينا رماداً فلا بد من أن يكون الإنسان ألقى عود ثقاب فكان ما كان.2

ولم تخل أعمالها الجديدة من وجود الإنسان ولكن هذه المرة وجد بشكل آخر عبر الإنسان الطفل الذي يشبه الورد ببراءته فأجهز على أحلامه الكبار وأدخلوه بالأزمات فراح يرزح تحت نير الفاقة والعوز والحرمان والظلم ويبحث من مكان إلى آخر عن ظل يستفيء به أو عن أم فقدها أو عن بيت يؤويه.

وتابعت قائلة هذه التحولات دعتني الى تغيير الألوان الزاهية والمزركشة “متضامنة مع الفرح المفقود الذي بات أملاً نبحث عنه” إلا أن المكون الزيتي كان الأقدر معي على أداء كل الحالات وتقديم كل اللواعج النفسية.

ورأت القهوجي أن الساحة الفنية لا تقف عند مستوى معين فالفنان السوري موجود بقوة إلا أن الساحة بدأت “تغص بالمتناقضات” فليس من الضروري أن يأخذ الفنان الحقيقي مكانه وهذا أيضاً يتوقف على تداعي الأزمة وتطوراتها كما يحدث لباقي الأجناس والأنواع الفنية إلا أن الفنان السوري قادر على إثبات ذاته في حال أخذ حقه بالكامل فهناك من نافسوا في معارض مهمة داخل البلاد وخارجها وهناك من دفعتهم الظروف للاختباء وراءها وبالتالي ظلت الموهبة “طي الحرمان”.3

ومن أجل ذلك نفذت فنانتنا مجموعة كاملة للأطفال في بداية عملها بالرسم باستخدام الألوان المائية صورت فيها فرح الصغار خلال ممارسة ألعابهم و جمال حياتهم لافتة إلى أن أطفالها لهم دور كبير في استمرار عملها بالفن لأنهم أساس في صناعة فرحها لتكون أمامهم في المستقبل أما يعتزون بها ويفرحون بما قدمته لهم ولوطنهم.

ومن بين الأسماء الفنية المعروفة لا تخفي القهوجي تأثرها بالفنان عاصم زكريا لأنه يرسم واقع الإنسان ورفض الظلم وتشكيل اللوحة عنده يقدم الطبيعة بأسمى المعاني وأنبل الأفكار وهذا بحد ذاتها مدرسة قد يقتصر عليها كرام النفوس وأصحاب النزعة الإنسانية قليلة الوجود.

يذكر أن الفنانة التشكيلية القهوجي شاركت بالعديد من المعارض الفنية بكل أنواعها سواء كانت بالرسم أو المجالات الفنية الأخرى كالزخرفة والتطريز والرسم على الفخار.