وزيرا الدفاع اللبناني سمير مقبل ونظيره الفرنسي جان ايف

تسلم لبنان الاثنين الدفعة الاولى من صفقة اسلحة فرنسية ممولة من السعودية تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار وتهدف الى تعزيز قدرات الجيش لمواجهات تداعيات تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية في سوريا، وفق ما اعلن مسؤولون فرنسيون ولبنانيون.

وسلم وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الذي وصل امس الى بيروت نظيره اللبناني سمير مقبل الدفعة الاولى من العتاد العسكري وتتضمن العشرات من العربات المدرعة القتالية وست طائرات مروحية للنقل المسلح ومدفعية حربية حديثة على غرار مدافع سيزار.

وتشمل صفقة السلاح الفرنسية في فترة تمتد حتى ربيع 2019، نحو 250 آلية عسكرية وسبع مروحيات من نوغ كوغار وثلاثة زوارق سريعة والعديد من معدات الاستطلاع والاعتراض والاتصال.

وكان الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان اعلن نهاية عام 2013 قبل اشهر من انتهاء ولايته في ايار/مايو الماضي، عن تقديم الهبة السعودية، على ان يتم شراء الاسلحة من فرنسا نظرا لعمق العلاقة التي تربطها بلبنان.

وقال لودريان خلال احتفال التسليم في قاعدة بيروت الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي "يتعرض لبنان اليوم لضغوط غير مسبوقة من تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) ما يجعل من مراقبة الحدود والتحكم بها تحديا حيويا لامنه".

ويسمح تسليح الجيش اللبناني وفق لودريان بـ"تحسين القدرات الحساسة لمراقبة وامن الحدود، كما يتضمن شقا يتعلق بمكافحة الارهاب وتعزيز الاستخبارات، يستجيب لاحتياجات هندسة امنية متكاملة ترقى الى مستوى التحديات التي يواجهها لبنان اليوم".

وقال وزير الدفاع اللبناني من جهته ان الاسلحة التي تسلمها لبنان "يحتاجها الجيش لمواجهة الهجمات الارهابية وحماية الحدود". واضاف "انتصار لبنان بمواجهة الارهاب هو انتصار لكافة الدول القريبة والبعيدة المهددة بإرهاب لا يرتبط بدين او جيش".

وتضع السعودية مساعداتها في سياق دعم الشرعية التي يمثلها الجيش اللبناني. وقال السفير السعودي علي عواض عسيري لوكالة فرانس برس على هامش حفل تسليم الاسلحة "يواجه لبنان اليوم تحديات اكثر من اي وقت مضى وهذا ما جعل المملكة (...) تقدم هذه الهبة التي ستدعم الجيش اللبناني والشرعية في لبنان".

واضاف "هذا الدعم يأتي لجيش شرعي يؤمن الاستقرار في ظل ظروف وتحديات يواجهها لبنان امنيا".

ويبلغ عديد الجيش اللبناني نحو 70 الف عنصر، لكنه يعاني من تقادم عتاده ومن نقص كبير في الاسلحة والذخائر.

في المقابل، يملك حزب الله المدعوم من ايران وحليف النظام السوري، ترسانة ضخمة من السلاح التي يطالب خصومه المدعومون من الرياض بوضعها تحت اشراف الجيش اللبناني وحصر السلاح بيد القوى الشرعية.

وثمن مقبل الهبة السعودية مبديا في الوقت ذاته شكر فرنسا على "فهمها العميق لكافة المخاطر التي تهدد لبنان من الناحية العسكرية عند الحدود او في الداخل جراء تدفق اللاجئين الذي يهدد الاستقرار عامة".

ويستضيف لبنان ذو الموارد المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، 1,2 مليون لاجىء سوري يعيشون بمعظمهم في ظروف مأسوية.

ويشكل هذا الوجود عنصر توتر اضافي في لبنان، لا سيما في المناطق الحدودية.

وشهدت بلدة عرسال الحدودية مواجهات دامية في شهر آب/اغسطس الماضي بين الجيش ومسلحين قدموا من سوريا ومن مخيمات للاجئين في البلدة، قتل فيها عشرون عسكريا و16 مدنيا وعشرات المسلحين، وانتهت بانسحاب المسلحين الذين خطفوا معهم عددا من العسكريين قتل اربعة منهم، ولا يزال 25 محتجزين لدى جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية.

واعتبر الوزير الفرنسي اليوم ان "احداث عرسال جاءت لتشهد" على التحديات الامنية، مشيرا الى ان "الجيش اللبناني دفع ثمنا باهضا في هذه المعركة". واضاف "افكر هنا بشكل خاص بالرهائن وعائلاتهم".

وتزامنا مع معارك عرسال، اعلن رئيس الوزراء اللبناني الاسبق سعد الحريري المدعوم من السعودية ان الرياض ستقدم مليار دولار اميركي لدعم الجيش اللبناني، في مبادرة منفصلة عن الصفقة الفرنسية.

وليست المرة الاولى التي يتلقى لبنان دعما عسكريا خارجيا. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية منذ عام 2006 تخطت قيمتها اكثر من مليار دولار.

كما اعلنت ايران في وقت سابق نيتها المساهمة في تجهيز الجيش اللبناني، لكن هذا الاقتراح لا يلقى توافقا على الساحة اللبنانية.

وعلى الرغم من اهمية السلاح الجديد، لن يكون كافيا لسد حاجات الجيش الذي تتوزع مهامه بين ضبط الشارع اللبناني الذي يشهد توترات عدة على وقع الانقسامات المذهبية والسياسية، وحماية الحدود، على خلفية النزاع السوري.

ويقول الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ارام نرغيزيان لفرانس برس ان الجيش "سينتقل من اداء دور الشرطة الى قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن الحدود في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية".

لكن المحلل العسكري اللبناني العميد المتقاعد هشام جابر يشير الى حاجة الجيش اللبناني بشكل ملح الى تجهيزات اخرى، بما فيها طائرات مروحية قادرة على نقل قوات النخبة وضمان سرعة تحركها. ويقول ان كلفة التجهيز الاجمالية المطلوبة تصل الى عشرة مليارات دولار اميركي.

ويبدي جابر اسفه لتأخير موعد تسليم المروحيات في من طراز كوغار والتي تتضمنها صفقة التسليح الى عام 2017.

وياتي هذا التطور اليوم في ظل ازمة سياسية يعيشها لبنان ابرز تجلياتها فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد للبلاد على الرغم من مرور سنة على شغور منصب الرئاسة.

ا ف ب