في تصريح للبيت الأبيض حول الحرب على تنظيم "داعش" في سورية والعراق، جاء أن الاستراتيجية المعتمدة ضد "داعش" تحقق نجاحا، ولا أعلم ما النجاح الذي حققته الاستراتيجية.
الوضع على الأرض يقول غير ذلك، "داعش" تتقدم في العراق وسورية وتسيطر على مناطق حيوية آخرها سيطرتها على معسكر هيت وانسحاب القوات العراقية وتهجير أكثر من 180 ألف عراقي من الآنبار، هل هذا هو النجاح الأميركي.
أعتقد أنه يجب على البيت الأبيض قبل أن يصدر مثل هذه التصريحات أن يحلل الوضع على الأرض جيدا لكن يبدو أن هناك من يضلل الإدارة الأميركية ويضلل أوباما ويضلل الرأي العام الأميركي حول ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط.
الذي يحدث في العراق هو دمار وخراب بكل المقاييس ويبدو أن القوات العراقية لا تقدر على مواجهة "داعش" وليس كما يقول بعض المسؤولين في العراق، أن القوات العراقية قادرة على مواجهة "داعش" وأنه يجب على الولايات المتحدة إمداد وتزويد القوات العراقية بالسلاح لكن ما فائدة السلاح إذا كانت القوات العراقية غير قادرة على مواجهة "داعش" بسبب مشكلة في تدريب الجنود العراقيين على القتال ضد "داعش" لأن الإمدادات العسكرية للقوات العراقية ستقع بعد ذلك في يد "داعش" وستكون هناك مشكلة أكبر.
و"داعش" سيطرت على معسكرات للجيش العراقي في أكثر من موقع وحصلت على أسلحة الجيش، ولديها الآن أسلحة بالإضافة إلى أنها قادرة على مواجهة القوات العراقية، بسبب أن مقاتلين "داعش" تدربوا جيدا وهنا السؤال حول تدريب مقاتلي "داعش" ومن يقف وراء هذا التنظيم الخطير الذي تجاوز عدد المقاتلين فيه حسب تقديرات 100 ألف مقاتل والأخطر من ذلك ظهور تنظيم جديد في الغوطة الشرقية في سورية يعلن الولاء للتنظيم المتشدد، وهناك حديث حول وصول عدد مقاتلي هذا التنظيم الجديد إلى 200 شخص وأن هذا التنظيم الجديد يقوم باستقطاب المقاتلين من جبهة النصرة وزعيم هذا التنظيم كان في جبهة النصرة، وأن السبب في ذلك هو إفلاس الجبهة ماليًا.
وزير الخارجية البريطأني فيليب هاموند الذي قال في تصريح له إن مقاتلي "داعش" يحصلون على مرتبات بين 300 إلى 600 دولار شهريا وهذا يؤكد تصريحات قديمة كانت تقول إن مقاتلي التنظيم يحصلون على 500 دولار شهريا ولهذا هم ينجحون في استقطاب الشباب الذي قد يغريه المال وتغريه أشياء اأخرى مثل جهاد النكاح.
هناك آراء ترفض تدخل قوات التحالف في سورية والعراق وتقول إن القوات العراقية والسورية يجب أن تخوض حربها ضد "داعش" حتى النهاية، وهناك آراء اخري ترى أنه يجب أن يكون هناك تدخل دولي وترى أن ضربات التحالف الجوية لا تكفي وأنه يجب أن يكون هناك قوات برية على الأرض وهذا ما يبحثه قادة التحالف في الولايات المتحدة.
أوباما رفض قبل ذلك مقترح إرسال قوات برية في العراق للحرب ضد "داعش" وقال إنه يجب على العراقيين محاربة "داعش" للدفاع عن أرضهم وأنه سيقدم لهم المساعدة في حربهم ضد "داعش" بينما كأان هناك رأي آخر لقائد هيئة أركان الجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، حيث أكد أنه من الممكن إرسال قوات أميركيَّة برية مستقبلا إلى العراق، وهذا الانقسام الأميركي حول استراتيجية الحرب على "داعش" والآراء المتضاربة حول إمكانية إرسال قوات برية على الأرض أو تقديم غطاء جوي هو ما يجعل "داعش" تتقدم كل يوم في المدن العراقية والسورية ويجعل الاستراتيجية الأميركية.
نساء الأكراد فقط هم من نجحوا على الأقل في كوباني رغم الأنباء المتضاربة طوال الوقت حول ما يحدث في عين العرب وتقدم "داعش" أو تراجعها كما يصلنا.
وأعتقد أن مواجهة "داعش" على الأرض هي أفضل استراتيجية للقضاء على "داعش" لكن الموقف التركي يحتاج إلى تقديم تفسير حول رفض رجب طيب أردوغان مساعدة الأكراد في كوباني وهل يريد أردوغان التخلص من الأكراد أم لديه تخوفات بعد عودة الأكراد من المعركة لمواجهة أردوغان والمطالبة بالاستقلال، جعل أردوغان يتراجع عن مساعدة الأكراد.
المعروف عن أردوغان أنه يدعم الجماعات المتشددة وأنه من فتح الحدود لدخول مقاتلي تنظيم "داعش" إلى الأراضي السورية، بالإضافة إلى أن "داعش" اختطلفت مجموعة من الجنود الأتراك من الحدود التركية - السورية.
سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي، قالت في تصريحات لها، إن تركيا سمحت باستخدام قواعدها العسكرية للحرب ضد "داعش" ولكن أنقرة نفت هذه التصريحات بينما تصر أميركا على ذلك وهذا جاء في تصريح كيري أيضا في المؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء في باريس من أن تركيا تقدم الكثير من الخدمات للتحالف في الحرب ضد "داعش" وأكد أيضا كيري أن أميركا ستحدد وقتًا لقيام تركيا بتدريب المعارضة السورية.
إذن التنسيق الأميركي مع تركيا موجود لكن لماذا تنفي تركيا طوال الوقت وتمنع الأكراد من الحرب ضد "داعش"، في كوباني لكن يجب على تركيا أن توضح الغموض في موقفها من الحرب ضد "داعش" في كوباني على الأقل.
كيري قال أيضا إنه سينسق مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول المعلومات عن تنظيم "داعش" لكن يبدو أن الخلاف الأميركي - الروسي جعل كيري يخرج في مؤتمر صحافي منفردا ويخرج سيرجي لافروف منفردا في مؤتمر آخر.
الخلاف الأميركي والروسي في موضوعات كثيرة، أهمها الشأن الأوكراني وموقف روسيا من الأسد ونظرتها للولايات المتحدة الأميركية في دعمها للمعارضة السورية، بالإضافة إلى العلاقات الروسية مع إيران.
جون كيري في باريس قال إن 500 من أصل روسي يقاتلون في صفوف "داعش" لكن هذا التصريح سببه الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا أم كيري لديه معلومة حقيقية حول هؤلاء المقاتلين الروس في صفوف "داعش".
صحيح أن المقاتلين في صفوف "داعش" من كل الدول سواء العربية أو من دول الغرب لكن لماذا ذكر كيري أن الأيام القادمة في الحرب ضد "داعش" ستحمل الكثير وستوضح حقائق أكثر إذا ما كان الهدف هو إسقاط نظام الأسد أو إسقاط المنطقة العربية في حروب.