يا ورد مين يشتريك

يا ورد مين يشتريك؟

يا ورد مين يشتريك؟

 لبنان اليوم -

يا ورد مين يشتريك

بقلم - المهدي الحداد

شيء مؤسف بل ومؤلم أن تذبل الموهبة في عز التفتح، وتنطفىء الشمعة المنيرة في جحيم الظلام القاتم، وسط النفق الجبلي، المطل على ربوة التحرر. حرام أن يحترق الشباب في ريعان الإنتاج، والبحث عن الذات، ومحزن أن يسقط الرجال على مشارف نهاية السباق، ويتيهوا ويفقدوا البوصلة، ويشهروا راية الإستسلام قبيل بلوغ خط النهاية.

في الرياضة وكرة القدم كباقي المجالات، تضيع عدة مواهب لسبب من الأسباب، ويخسر الميدان عقلاً منيرًا وعبقريا مبدعا، توقع له الكل مسيرة نموذجية وخرافية، لكن رياح الزمن والقدر سارت بما لم تشتهه رغبة المتكهن ومخطط الفنان.

كثيرة هي السيوف التي تقطع الرؤوس اليانعة، ويبقى أكثرها حدُّ سيف الغرور والطيش وغياب النضج والتأطير الصحيح، مما يذبح الأقدام ويضع الرقبات على مقصلة الإعدام.

اللاعبون المغاربة داخل أرض الوطن وخارجه يتمتعون بمواهب فريدة وإستثنائية، ويُعتبرون الأفضل على الإطلاق أفريقيًا وعربيًا ومن بين الأجود عالميا، لكن بلا عقول وبلا رزانة ولا هم يطربون.

الأمثلة عديدة ومتعددة، والنماذج كثيرة ومتنوعة، والمواهب الكروية المغربية ذائعة الصيت دوليا، ومثيرة للجدل إثارتها للحسرة والأسف، والتعجب من سلكها طرق الفشل والإستهتار، وسوء الإختيار عوض مسالك النجاح والنجومية وصواب القرار.

نهاية الموسم دنت، والصيف أقبل، وسوق الإنتقالات يتأهب لفتح بابه، والأعين تنظر إلى بعض اللاعبين المغاربة بشفقة، حيث لا أحد يتابعهم أو يخطب ودهم، بعدما هبطت أسهمهم إلى الحضيض نظير إختفائهم عن الساحة، أو سقوطهم في منحدر قلة التنافسية، أو إنتحارهم طوعا بإختيار وجهات خاطئة لم تزدهم إلا معاناة وألما.

هاشم مستور الموهوب الأول أضحى في خبر كان، وإختفى وهو يحبو في مدينة هولندية صغيرة إسمها "زفول"، حيث يتسكع ويتردد على المطاعم أكثر من تردده على الملاعب، فالمسكين شاخ وهو قاصر وغرق في الهموم، وما زال ينتظر إحدى المكالمات التي تحمل له خبر إهتمام أحدهم به، بعدما لفظه الطاليان والإسبان والهولنديون، ولم يعد يتحدث عنه أحد، ليدخل مبكرا قسم الأرشيف بملف تحت عنوان "موهوب واحترق".

ويأتي عادل تاعرابت كمخرج فيلم فاشل بسيناريو مروع، عُرض في قاعات عدة دول أوروبية بداية من فرنسا وإنجلترا والبرتغال وإيطاليا، لكنه لم يلقَ القبول ولم يجذب إلا القليل الذي إقتنى تذاكر المشاهدة وندم بعدها، لينصح الجميع بطي صفحة هذا المخرج العاشق للفوضى والشغب، والقاتل لحسه الفني بسهام الطيش والتهور وغياب النضج.

الموهوبان أسامة السعيدي وأسامة طنان خذلا المعجبين والأنصار في ريعان شبابهما بإختياراتهما الخاطئة وتصرفاتهما غير اللائقة، فالأول غادر أوروبا دون سابق إنذار وذهب الى نعيم الخليج غير مبالٍ بمساره الإحترافي وإنتظارات الجمهور منه، والثاني أقدم على خطوة غريبة بالذهاب إلى فرنسا بعدما كان مطلوبا بالكالشيو والليغا، وسقط في مستقنع الغرور وعدم الإنضباط وجنى على نفسه مبكرا، ليضعه سان إتيان في اللائحة السوداء وينهال عليه بسلسلة من العقوبات.

هذه الشموع التي أضاءت الساحات الكروية مع "الأسود" والأندية الأوروبية لزمن ضئيل، وجاءت بالتوقعات الغزيرة والإنتظارات الواسعة لتضئ العتمة وتنير فضاء التغيير، سرعان ما هبت عليها نسمات خفيفة من الثقة الزائدة والغرور المشبع والشهرة الزائفة، لتحترق بسرعة وتنطفئ فجأة، وتصبح ذكرى جميلة وقصيرة من الماضي.

المشترون فطنوا وأضحوا يهتمون باللاعبين الأقل موهبة لكن الأكثر واقعية وإنضباطا وفعالية، وباتوا يتهافتون على من يملك العقول الناضجة ويقدم الإضافة وينصهر بسلاسة، ولا يتوفر على سوابق كروية أو أخلاقية حتى لو كان أمهر العازفين.

مستور، تاعرابت، السعيدي، طنان وحتى الشماخ والحمداوي أزهار خجولة تنظر إلى التراب الجاف في حدائق قاحلة، تشكو غياب الزوار وهروب العشاق، وتئن تحت وطأة العطالة وقلة الغيث، وغياب يدٍ تمتد إليها لتقطفها وتعيد لها القيمة والإعتبار، وتزين بها مزهريات الأمل والحياة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا ورد مين يشتريك يا ورد مين يشتريك



GMT 12:41 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 12:36 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon