يوميات روسيا20
ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة وسط بيروت إلى 11 شهيداً و63 مصاباً القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع الكويت تسحب جنسيتها من سالم الهندي الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" للإنتاج الفني ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان
أخر الأخبار

يوميات روسيا..20

يوميات روسيا..20

 لبنان اليوم -

يوميات روسيا20

بقلم: يونس الخراشي

لكل مكان سحره الخاص. وحيث كنا، في ذلك النزل البعيد وسط قرية معزولة بكالينينغراد، شعرنا بشيء من الراحة المفتقدة لفترة طويلة من الزمن. وكان طبيعيا أن نشعر بالحزن ونحن نفارق أرضا وفرت لنا بعض الراحة. مع أننا في واقع الأمر كنا فرحين بالمغادرة، متشوقين إلى موسكو، بصخبها، وما تمنحه للإعلامي، في حالات كهذه، من فرص للكتابة، والتصوير، والتنويع.

كنا نلتقي بصاحبة النزل لنودعها، ونسلمها المفاتيح. فاقترحت علينا بعض الشاي. دعتنا إلى مطعم غير مستعمل. وهناك تذوقنا الحلويات التي كنت اشتريتها صباحا من الطرف الآخر للقرية، ونحن نتجاذب أطراف الحديث بشأن رحلتنا المتعبة، ومباراة الأمس، وما ينتظرنا في موسكو، وأشياء أخرى كثيرة، لعل أهمها طبيعة المكان، وجماله.

يا له من مكان جميل. قلناها وكررناها. كان أشبه بكنيس، أو بغرفة قصر. البناء بالطوب الأحمر، الذي يعني أن هناك بردا قارسا يتقى، ومطرا قويا يحذر. والنوافذ بالأقواس أعلاها، كي تستجلب أكبر كمية من أشعة الشمس العزيزة جدا في تلك المدينة المعزولة بين دولتين أوربيتين، مع أنها روسية، بفعل تكاليف الحرب العالمية الثانية.

قال الشباب:"يونس، إن صاحبة النزل تصلح لك زوجة". ضحكنا طويلا. وحين كنا نستعد للوداع، أعدت "الجاكيط" لصاحبها، وإذا ببنثابت يقول له:"معذرة، لقد فقدت مظلتك". توقعنا حينها أن يكون الرد كالتالي، مع ابتسامة عريضة، وتربيت على الكتف:"لا بأس عليك، هون عليك". غير أن الذي حدث هو العكس. انفعل الشاب، وقال بغضب ظاهر على وجهه:"إنها مظلة غالية". وراح ينتظر رد الفعل من قبلنا. كان بنثابت لبقا، كعادته، وقال:"اطمئن، أنا مستعد كي أدفع ثمنها، أيا كان". وتهللت أسارير الشاب، وأسارير أمه، وصاحبة النزل معا. ثم راح يحسب ما قدمه له بنثبات، ويضغط بيد على الروبلات، وبأخرى على "الجاكيط" الخضراء، فيما أمه وصاحبة النزل تحسبان معه، بعينين حادتين.

حين كنا نغادر، طلبت منا صاحبة النزل صورة. التقطناها ونحن نسارع كي نتفادى مطرا محدقا. ثم مضينا إلى محطة الحافلة بخطى متسارعة، ونحن نسخر من زميلنا بنثابت، ونستعيد المشهد العجيب. كان مشهدا نادرا في رحلتنا إلى روسيا. ولكنه كان معبرا جدا. فبعض الناس في كالينينغراد يعطونك الانطباع بأنك فرصة، لا غير. وهي الفرصة التي يتعين ألا تضيع. تشعر بذلك في جحوظ العيون، وتلمظ الشفاه، والانكفاء لحساب الروبلات، والمجادلة في الثمن، والحرص على المزيد. وهذا حدث لمرات هناك، بعكس ما كان عليه الوضع في موسكو وسابن بتيرسبورغ. ربما لأن الناس يعانون صعوبة العيش. من يدري؟

وصلنا إلى وسط المدينة، وقد قررنا، سلفا، أن نمضي بعض وقتنا في التبضع، ثم نتناول شيئا ما للغذاء، ونمضي قدما نحو المطار. وهكذا توجهنا إلى السوق. وهو عبارة عن حوانيت صغيرة، أشبه بما يوجد في بلادنا تماما. تجد في المدخل من يبيعون أشياء بسيطة، مثل التذكارات. ثم تجد بعد ذلك صفوفا منظمة لبائعي الخضر والفواكه، وفي الجانب الآخر لبائعي السمك واللحوم، وفي غيرهما لبائعي الأثواب والثياب الجاهزة، وغير ذلك كثير.

ما أثارنا كثيرا هو التذكارات المصنوعة من الكهرمان. فكالينيغراد هي عاصمة الكهرمان في العالم. ثم أثارتنا تلك الأسماء المجففة، ووفرة سمك السومون الذي نادرا ما يطعمه مغربي. وهناك أشياء أخرى مثيرة ايضا، بأثمنة معقولة بالنسبة إلى أجانب مثلنا، غير أنها قد لا تكون كذلك بالنسبة إلى مقيم. ومع ذلك، فالسلع لم تكن بجودة عالية. فمثلا عثرنا على مناديل صغيرة، لكننا فضلنا إلا نشتريها، رغم أن الزميل رزقو كان يرغب في اقتناء بعضها لأمه. 

التقينا، بعد العودة إلى وسط المدينة، في مقهى يضم محلا لبيع الخبز والحلويات. طعمنا بعض الأشياء هناك. ورحنا نتبادل أطراف الحديث مجددا، في انتظار موعد الرحلة إلى موسكو. كان الطقس ما يزال متقلبا. فبينما ترتاح في لباسك الخفيف لأشعة الشمس وهي تتساقط مثل الندى فوق الأزهار والأشجار والعشب الذي يبرز في كل مكان، إذا بك تفاجأ بمطر صاعق، يلطم وجهك، ويضطرك إلى أن تتلفع بالبلاستيك، لتحمي نفسك من البلل.

في الطريق من المقهي إلى المحطة الطرقية نحو المطار، وكان هناك باعة للخبز، والتذكارات، والمأكولات، وكأننا في سوق ممتد على الرصيف، سألنا رجلا بقوام رشيق، في حدود الستين، عن أيسر السبل إلى وجهتنا. وإذا بنا أمام نبيل من نبلاء العالم. قال إن أصله كوبي، ويعيش في روسيا. وابتسم ابتسامة لم تفارقه حتى بعد أن فارقنا. ألح على أن يصحبنا حتى يطمئن إلى أننا بخير وفي الطريق الصحيح. ولم يغادرنا إلا وقد حصلنا على التذاكر، وركبنا في ميكروباص أبيض. تحدث مع السائق والمرافقة. وقال لنا وهو يودع مبتسما:"سفر طيب". 
ونحن في المطار، بعد رحلة قصيرة بين طرق جميلة، تتوسط غابات خضراء جميلة، رحنا نشتغل على مواد الأعداد الجديدة. كل منا في زاوية. ومن سوء حظي، حينها، أنني لم أجد لي مكانا سوى بجانب المرحاض. وكان له باب يصفق، فيحدث رجة مدوية. ولأن الناس لم يتوقفوا عن استعماله، فقد أصيبت طبلة أذني بلوثة. كما أصيب أنفي هو الآخر بلوثة. للأسف، لم يكن لي بد من الاستمرار في العمل هناك، ذلك أنني كنت أشتغل وأستعمل الكهرباء لشحن الأيباد. "ويني راك مفوج لي مع راسك". قلتها في نفسي، وضحكت، وواصلت أيضا.

في لحظة تالية صعقنا بشاب مغربي يقول لنا بغضب:"مشات علي الطيارة". أسفنا لذلك جدا. غير أنه لم يكن لدينا ما نفعله إزاءه. وإذا بنا نكتشف أن طائرتنا هي الأخرى على وشك الرحيل. لقد تغير موعد الرحلة، وقيل ذلك مرارا باللغة الروسية، دون أن نفهمه. ولولا الصدفة التي قادت مغربيا يعيش بروسيا كي ينبهنا، لكنا في ورطة. رحنا نجمع حاجياتنا بسرعة، وكل منا يوصي غيره كي لتفقد الوضع، لكيلا لا ننسى شيئا مهما.

عرفنا، بعدها، بأن الرحلة كانت بالفعل على وشك الانطلاق. بدا المسافرون غاضبين وهم يتفرسوننا بعيون جاحظة، تكاد تقفز من المحاجر. ولأن الطائرة صغيرة، فقد كنا نبحث عن أماكننا فلا نكاد نتبينها. أما وقد جلس كل منا في موضعه، وحلقت الطائرة في السماء، فلم ننعم سوى بكأس ماء. وكأنما كالينينغراد تؤكد لنا مرة أخرى بأنها تأخذ أكثر مما تعطي. 

ما أن وصلنا إلى مطار موسكو، بعد حوالي الساعة ونصف، حتى رحنا نبحث عن محطة القطار إلى وسط المدينة. فوجئنا، حينها، بأن الرحلة الأخيرة على وشك الانطلاق. وكم كان منظرنا مثيرا للسخرية ونحن جميعنا نركض وسط المطار، من مكان إلى مكان، ثم نبدل الاتجاه حين يشعرنا أحد ما بأننا نركض في الاتجاه الخاطئ. وفي الأخير، وقد وصلنا إلى تلك المحطة العجيبة، إذا بالنبل يتجسد مرة أخرى أمامنا. فقد قرر رجال ونساء الأمن أن يفتحوا لنا المعابر الإلكترونية. بل إن أحدهم، وهو كبيرهم على ما يبدو، راح يطمئننا بأن القطار لن ينطلق حتى نركب جميعا. 

لم يكن ذلك قطارا. كان فندقا من خمس نجوم. فالكراسي وتيرة أكثر من اللازم. وهناك مساحة واسعة لكي تمد رجليك، وتمنحهما الراحة. ولديك فرصة كي تتابع شيئا ما مسليا على الشاشة التي أمامك. ثم هناك مرحاض بماء ساخن، ونظافة إلكينيكية ممتازة، حيث يمكنك أن تتوضأ. والنهوافذ الكبيرة تغريك بمتابعة شريط الخضرة والجمال وهو يمر بتؤدة. كان مثيرا جدا أن ذلك القطار لا يتحرك بإيقاع سريع جدا، بعكس الميترو. لكنه متعة، بصدق.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوميات روسيا20 يوميات روسيا20



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 12:18 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

فريق لكل وزير

GMT 12:16 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

توجه فرنسي بالوداد

GMT 12:29 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

صفات حكام كرة القدم

GMT 12:27 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخ المُستفز

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021

GMT 05:47 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 07:03 2013 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

بريطانيا تقترح تسديد الخريجين قروضهم مبكرًا

GMT 04:00 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

4 مشاكل تًهدد الحياة الزوجية بالفشل

GMT 04:21 2022 الأحد ,15 أيار / مايو

رحم الله الشيخ خليفة

GMT 08:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

الفنان راغب علامة يحتفل بعيد ميلا ابنه لؤي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon