صباحات عراقية

صباحات عراقية

صباحات عراقية

 لبنان اليوم -

صباحات عراقية

جعفر النصراوي
خرج ممتطيًا صهوة مركبته الحديثة ذات الدفع الرباعي كأنه فارس من فرسان العصور الوسطى ،كيف لا وهو العازب الثلاثيني . حقيبته الانيقة على الكرسي المجاور مليئة بأوراق مهمة للآخرين و لاتعني له شيئًا، سوى واجب وظيفي يؤديه برتابة وروتينية مملة، مع إنه يدر عليه الكثير من المال ..شعر بالزهو وهو ينظر الى الحقيبة كيف لا وهو الموظف الذي لابد أن تحصل أي ورقة على التشرف بتوقيعه قبل أن تأخذ طريقها في دهاليز الدوائر. في نقطة التفتيش عند المنفذ الوحيد للدخول والخروج  من وإلى منطقته التي أحيطت بالكتل الخرسانية لتوفر له ولغيره من القاطنين فيها الأمن الأمان والتي عادة ما تحتاج إلى ساعة لاجتيازها، جذبت انتباهه بوجهها الجميل الذي أطل من شباك مركبتها وكأنه شمس الصباح ....على يمينه. قفز إلى ذهنه السؤال المعتاد .. متى وجدت كل هذا الوقت قبل الساعة السابعة صباحًا لتكون بهذه النظرة وبهذا المكياج والشعر الذي يتكلم من فرط جمال تسريحته!! تمهل وأخذ يفكر لاسيما أن الشرطي الذي يعبث بجهاز الكشف عن المتفجرات يبدو غير مستعجلاً هو الآخر. تسائل في نفسه ...كيف السبيل إليها ؟؟؟؟ نظر إلى الجيب الصغير في الحقيبة ..تذكر أنه يحتفظ ببطاقته التعريفية التي استنسخ منها المئات في هذا الجيب ...لمعت في خاطره الفكرة (فاز باللذات من كان جسورًا ). استل واحدة من تلك البطاقات المذهبة الأنيقة وأخذ ينظر إلى اسمه وأرقام هواتفه المميزة وعنوانه الوظيفي (المساح....دائرة التسجيل العقاري )، مد يده من نافذة سيارته ..فهمت هي مراده ابتسمت ...التقطت البطاقة رمقتها بنظرة ثم حركت شفتاها ومعها إشارة برأسها لايمكن أن تخطئها عين الخبير بالنساء مثله (اتبعني ..بسيارتك ). ابتسم ابتسامة رضا وغرور فقد تعود ان تتقبله النساء بسرعة لحسن هندامه وجمال مظهره وعبق الرجولة الذي يفوح من نظراته. عاد إلى مكانه خلف المقود ... جذب هاتفه الذكي المتطور بتمهل ..نظر إلى الرقم 2 الذي اختزن فيه رقم هاتف مسؤولة القسم الثلاثينية التي ارتبط بها بعلاقة  فهي الأنثى كذلك، لكنها موجودة في حياته طيلة سنوات خلت...تحدث بصوت خافت وكأن صاحبة السيارة الأخرى تجلس إلى جانبه ..وبكلمات مستعجله...صباح الخير حبيبتي ..آسف لأنني لن أتمكن من المجيء إلى العمل اليوم، فوالدتي في المستشفى وتعرفين أن ليس لها غيري للعناية بها واحتاج إلى اجازة ... قبلاتي. ضحك في نفسه ..كما  أنثاه في المكتب ستنتظر فالمراجعين كذلك لن يضيرهم الانتظار يومًا آخر .. فالدنيا لن تقف على يوم واحد .. تذكر أمه التي ودعته وهي تمتم بكلمات الدعاء المعتادة (اللهم افتح له ابواب كل شيء..واكفه شر الحاسدين ....) أعادته ابتسامة رجل الأمن من شروده وهو يشير له بالحركة بإشارة تدل على أنه راى البطاقة وهي تمرق بين نوافذ السيارتين ...اذهب فأنت نظيف ....أمنيًا ....تحرك خارجًا من الحدود ....توقفت بسيارتها في جانب الطريق فتبعها ونزل إليها بخطوات واثقة ...بادرته هي قائلة بكلمات ذات دلال ومعنى ....اتبعني بسيارتك ...........واختفيا سويا في شوارع المدينة ......  ضاع يوم آخر ... ضياعه  يعني للآخرين الكثير .
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صباحات عراقية صباحات عراقية



GMT 11:21 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 09:16 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 15:25 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

أنور الخطيب لمحمود درويش: إذن..لماذا خرجت

GMT 17:28 2021 الأربعاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

ومضات شعرية

GMT 17:02 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

GMT 16:58 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

" واقتلع الشوق ماتبقى مني "

GMT 18:14 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

يوسف السباعي فارس قتلته السياسة وأحياه الحبــ

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:47 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء
 لبنان اليوم - مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء

GMT 00:46 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

وصفة طبيعية لتحصلي على أكواع بيضاء

GMT 22:53 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

الشهري يستقيل من تدريب فريق النهضة السعودي

GMT 22:47 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

جورج قرداحى يسلم جائزة "اسم من مصر" للفائز

GMT 07:07 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

كارول سماحة تنتهي من تصوير "وحشاني بلدي"

GMT 15:56 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

الموضة الرائجة للبلوزات خلال موسم ربيع وصيف 2022

GMT 10:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

وزير مصري سابق يؤكّد أنّ أعراض "كورونا" تختلف بحسب الطقس

GMT 10:35 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين وإصابة 300 في إعصار عنيف ضرب تايوان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon