بقلم : أنور الخطيب *
بعيدا ..
عن الأصدقاء الشعراء والمنفى القريب
عن الوطن الحبيب الغريب
عن الأمنيات الكثيرة التي لا تغيب
عن النداء القليل الذي لا يجيب
بعيدا…
عن حصان أبيك وقلب أخيك
وصدر “أنات”
بعيدا
عن الصحراء تفتش في شِعرك الملكي
عن مفردات الصعاليك والأتقياء
بعيدا
عن المقاتلين المرتبكين بين القادة والأنبياء
عن جيوش تستعد لاحتفالات “فالنتاين” بعد صلاة العشاء
بعيدا
عن نسائك المنتظرات في شرفة القصيدة
بعيدا
عن رائحة القهوة في شال أمك
بعيدا
عن قلب قلبك
بلا خجل قررت أن تموت
بعيدا عنك،
بعيدا عنا،
بعيدا عن البيوت ومن في البيوت..
وكما ساحرٍ
قرّر أن يكون ضحية سحرِه
خرجت من جدارية الوقت
من التفاسير الكثيرة للعابرين
من مقهاك على شاطئ بحرك
ألقيت سلاحك
لا مُنازِلٌ في الغيب تسأله النزال
لا يوسف في الجب تسأله القتال
خرجت خلسة وفجأة من عواصم الذكريات
هجرت بيروت، الشام، عمّان
وتونس واللوتس والأحجيات
وضعت أقلامك السود على الحدود
لتكتب أشياءك الخاصة في العراء
ويكتب ظلك فوقها حين تعود
من نزهة في الاختفاء،
أين اختفيت؟
هل توقيتُ اختفائك مقنع؟
واختيارُك للمكان مقنع؟
وعودَتك التي لا تشبه العائدين مقنعة؟
ومشيتُك التي لا تشبه مشيَك مقنعة؟
واعتلاؤُك المسرح دون ظلك مقنع؟
لا شيء مقنع مما فعلت..
لأول مرة لا يعتريك الجنون
وأنت تكتب نصاً بحجم نكبتنا
لأول مرة يخونك الحرف في وصفنا
لأول مرة تخوننا
لأول مرة تكون أمامنا ولا تكوننا
فهل يرضيك نصك الجليل
العصيُّ على النشر والتأويل
عصيٌّ على القراءة والكتابة
عصيٌّ على بياض الورق
لأول مرة
لا تكتب نصا مقلقاً
خرجتَ منا ومنكَ وأنت تعلم
أي مفترق للطرق
كلها تقود إلى نفقٍ بعده نفق
حيث السلام يختنق
والنهار يحترق
واليمام بلا أفق
خرجت في زيِّك الأبيض الأخير
كأنك تمسح ما كتبت على الهواء
إذن..لماذا خرجت!