مقاومة أضعفت المقاومة

مقاومة أضعفت المقاومة

مقاومة أضعفت المقاومة

 لبنان اليوم -

مقاومة أضعفت المقاومة

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

الأربعاء الماضي، نُقل عن زعيم «حزب الله» في لبنان قولٌ خلاصته أن إسرائيل فشلت في فهم المقاومة. السياسي المُشار إليه هو السيد حسن نصرالله. أما الكلام فقد تضمنه خطاب له كان يلقيه في إحدى المناسبات التي تهم الحزب الذي يتزعمه. بصرف النظر عما إذا كان القول ورد حقاً في نص الخطاب، كما تردد، أو أنه كان في سياق ذلك المضمون، فهو يبقى مهماً، وهو أيضاً ينم عن توضيح لواحد من أسباب استمرار دوامة الحروب بين إسرائيل والعرب ككل، وبينها وبين الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، طوال الخمسة وسبعين عاماً الماضية. بيد أن أهمية القول ذاتها، تفتح الباب، كذلك، أمام جراح كثيرة تتعلق بالمسارات التي سلكتها المقاومة الفلسطينية، ومِن ثم الذي آلت إليه من مآلات، الأرجح أن يتفق كثيرون على أنها تسببت في إضعافها، وفي مآسٍ لحقت بشعبها.عِوض البدء بما يجري على الأرض الفلسطينية الآن، أبدأ بالعودة إلى ماضٍ يرجع إلى بضعة عقود مضت، لكن تبعاته لم تزل قائمة حتى هذا اليوم. في السياق ذاته، سوف أرجّح أن صاحب القول المُشار إليه يتذكر أنه في عز ريعان شبابه، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين بعد (هو من مواليد 1960)، كان شاهد عِيان على ما شهدت مخيمات فلسطينية في لبنان من فظائع في حرب اندلعت بين فصائل مقاومة تحمل اسم فلسطين في مايو (أيار) عام 1985. في تلك الحرب القذرة بكل المقاييس الإنسانية، ناهيك عن الوطنية، جاع أطفال فلسطينيون، كما يجوع أقرانهم في غزة الآن، واقتات بعض منهم على ما جادت به نفايات راح ذووهم يفتشون فيها عن الفتات، ويتنافسون حتى مع الفئران في الفوز بها، خلال فترات توقف الاقتتال بين عناصر تلك الفصائل، التي كان بعضها مدعوماً، زمنذاك، من جانب الطيف السياسي نفسه المنتمي إليه صاحب القول ذاته.

وصف قاسٍ؟ نعم، هو كذلك، وقد يصعب على التصديق، إنما الأكثر قسوة على نفس كل فلسطيني، أن أمر صفاء النيات بين زعماء الفصائل الفلسطينية داخل مخيمات اللجوء اللبنانية، لم يتحقق بشكل تام حتى هذا اليوم. هذه العِلة، كما يعرف الجميع، هي مصيبة المصائب التي عاناها الشعب الفلسطيني جراء انقسام الفصائل الفلسطينية على نفسها، منذ مطالع سنوات نشوء التنظيمات المعاصرة، عشية انطلاق حركة «فتح» في مثل هذه الأيام من عام 1965. كل الانقسامات الفلسطينية، بكل مكان، وبأي زمان، أسهمت دائماً في إضعاف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن أنها كانت بمثابة خذلان للقضية الأساس، أعني ضياع فلسطين في النكبة الأولى. إنما، أتى انقسام سنة 2007 ليشكل كارثة الكوارث في مسلسل صراعات الفصائل الفلسطينية. تُرى، هل تدرك قيادات كل من حركة «حماس»، وحركة «فتح»، الحالية والتي سبقتها، مدى ثقل المسؤولية التي تتحملها، والتي سوف تُحاسب عليها تاريخياً، من حيث إن صراعاتها أضعفت المقاومة، فأطالت عمر الاحتلال، وأن شعبها كان، ولم يزل، دافع ثمنها الفادح؟

نعم، إسرائيل فشلت في فهم معنى أن يقاوم الشعب الفلسطيني ككل، وليس الفصائل وحدها، اغتصاب أرض الآباء والأجداد، وإجباره على الرحيل عام 1948، بعد التنكيل به من قِبل عصابات الإرهاب الصهيوني، لكن مصيبة المصائب أن يفشل قادة تنظيمات المقاومة في فهم معنى أن تنبض مواقفهم جميعاً من قلب واحد، هو القلب الفلسطيني وحده. ها نحن نشهد، تقريباً، المشهد ذاته يتكرر. قادة مقاومة لكل منهم وِجْهة موليها، وشعب فلسطين يدفع الثمن، أرواحاً وتهجيراً وجوعاً. تُرى، هل الآتي أعظم؟ الله وحده يعلم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاومة أضعفت المقاومة مقاومة أضعفت المقاومة



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon