وسواس العظمة يفسد الناس

وسواس العظمة يفسد الناس

وسواس العظمة يفسد الناس

 لبنان اليوم -

وسواس العظمة يفسد الناس

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

يعجب المرء مما يحدث لأناس يصعد أحدهم درجات سلم مجد الشهرة، ويحصد من بريق أضواء الشهرة ما يضعه إما موضع إعجاب ذوي نيّات حسنة يتمنون له مزيدَ النجاح والتألق، أو يجعله محل غيرة وحسد الذين أدمنوا البغض لكل ناجح، فتحمل صدورهم الشحناء ضد كل متفوق. هكذا تناقض في التعاطي مع المتميزين بأي من المجالات، يحدث لهم داخلياً، أي حيث المجتمع الذي فيه نشأوا، ثم نجحوا، أو أنه يتمدد عالمياً فينتشر في فضاء أوسع. بيد أن أولئك المتألقين أنفسهم، تصدر فجأة عن بعض منهم سلوكيات يقدمون عليها، أو أقوال يتفوهون بها تنم عن سفه عقل، أو استخفاف بكل ما عداهم، فتفضح البشع مما أخفوا عن الناس من جوانب شخصياتهم، وإذ تنتشر حكايات سلوكياتهم، أو مضامين تصريحاتهم، على منصات الإعلام، وخصوصاً تلك النهمة دائماً لتعميم روائح أخبار الفضائح، حينئذ يتساءل العقلاء بما مضمونه؛ تُرى ماذا حصل كي يتجاوز عاقل متميز حدود العقل فيقدم على الذي فعل، أو نطق؟

خلاصة الجواب، وفق تقديري، وليس لي أن ألزم غيري بها، هو أن وسواس الشعور بالعظمة يوّلِد نوعاً من الإحساس يقنع من يسيطر عليه، أن ما يجوز له غير جائز لغيره من الناس، فينطلق مسلوب العقل والإرادة بعدما خضع لذلك الوسواس، يفعل، أو يقول، ما يظن، آثماً، أنه صحيح، حتى لو كان ضد كل نواميس علاقات البشر الطبيعية. ضمن هذا السياق، يمكن إعطاء أكثر من مثال، سواء من أمس بعيد، أو قريب. بيد أن الأقرب زمنياً بينها هو الذي حصل مع هيو إدواردز، المذيع السابق في تلفزيون «بي بي سي». لقد تمتع مستر إدواردز بقدرٍ من الاحترام حقيقٍ بكل نجم تلفزيوني يسطع حضوره في مجتمعه، بعدما يدخل بيوت الناس، وربما يجلس معهم حول موائد الطعام، فيما يشاهدونه يقرأ لهم الأخبار وهم يتناولون العشاء. استمر ذلك الوضع إلى أن ذاع نبأ إقدام إدواردز على دفع مال من مرتبه، المدفوع له من جيوب دافعي ضرائب «العمة» - كما يداعب الإنجليز «بي بي سي» - مقابل شراء صور فاضحة لأطفال.

إذنْ، واضح أن وسواس عظمة استولى على هيو إدواردز، المُفتَرض أنه ذو عقل راجح، فضلاً عن كونه ربَّ أسرة، وهو نفسه يقوم على تربية أطفال إلى جانب زوجته، فسوّل له ذلك الخناس افتراض أن إخفاء الفعل الخطأ ممكن إلى الأبد. حقاً، ما أخطر الوهم حين يصوّر لمن هم مثل هيو، وبشر آخرين غيره ممن ليسوا في مستوى نجوميته، أن حبل الكذب الطويل لن ينقطع أبداً، فترى الواحد منهم لا يتورع عن ارتكاب حتى الفحشاء، متوهماً أن سره لن ينفضح أبداً. هكذا يفعل مسلوب العقل الصائب، ومُضيّع فطرة الخير السوية. الاثنين الماضي حُكم على إدواردز بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ لسنتين، ووضع اسمه في سجلات مرتكبي الجرائم الجنسية سبع سنوات. كم فادح هو الخسران إذ يُضيّع المرء حصيلة مشوار الحياة باستجابة عمياء لوسواس عظمة مخادع وكاذب، فيقع في براثن الخطيئة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسواس العظمة يفسد الناس وسواس العظمة يفسد الناس



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon