محمد سلماوي
ماذا حدث لشركة مصر للصوت والضوء؟ أين ذهبت عروضها المبهرة التى كنا نستمتع بها حين بدأت بمنطقة الأهرام بالجيزة، ثم امتدت إلى مناطق أثرية أخرى فى القاهرة والإسكندرية والأقصر وأسوان؟ هل صحيح أنها فى أزمة مالية، وأنها لا تجد رواتب العاملين بها وتضطر إلى طلب الدعم من الحكومة شهراً بشهر؟
لقد قمت بزيارة لموقع الصوت والضوء فى الأهرام، فوجدته خراباً، وحين سألت قيل لى إن تراجع معدلات السياحة هو المسؤول عن هذا التدهور الذى أصاب المشروع، ومثل هذا الكلام مردود عليه بالطبع، فتراجع معدلات السياحة لم يؤد إلى تدهور الفنادق والمتاحف مثلاً، رغم ما يواجهها من مشاكل، ثم إن شركة الصوت والضوء لها خبرة سابقة فى أعمال الإنارة للغير، فهى التى أضاءت شارع المعز عند ترميمه، وهى التى أضاءت قلعة صلاح الدين وجامع محمد على الذى مازالت أضواؤه الخلابة تبهر كل المارين بطريق صلاح سالم، وهى التى أضاءت البر الغربى بالأقصر ومقابر النبلاء بأسوان وشارع يوسف السباعى بالمعمورة وغيرها.
لقد كانت عروض الصوت والضوء أول من استخدم لمبات «الليد» الموفرة التى ندعو الآن لتعميمها، ذلك أنها الإضاءة الوحيدة غير الضارة بالآثار، فأين ذهب كل ذلك؟ وكانت الحفلات الفنية على مسرح الصوت والضوء بالجيزة مطمعاً لكل فنان عالمى زائر، فأين ذهب كل ذلك؟
إن المشكلة الحقيقية ليست فى السياحة، رغم أن تراجعها أثر بلا شك على دخل الشركة منذ بداية عام 2011، وإنما فى عدم وجود فكر مبتكر فى إدارة الشركة يستطيع أن يستخدم الإمكانيات المهدرة الآن فيما يعرف فى علم الإدارة بـ«الخطة ب» - أى الخطة البديلة - فإذا كنا نعتمد على السياحة وتوقفت السياحة، فعلينا أن نبحث عن خطط بديلة بدلاً من أن نتسول من الحكومة رواتب العاملين شهراً بشهر.
وهل هناك على سبيل المثال خطة للتوسع فى السياحة الداخلية ووضع الخطط لتشجيعها؟ هل هناك خطة للاهتمام بالآثار الإسلامية التى تهم السائح العربى والترويج لعروضها؟ هل هناك خطة للتعاون مع محافظة القاهرة التى تفكر الآن فى ترميم وإحياء المواقع المرتبطة بحياة أديبنا العالمى نجيب محفوظ وتحويلها لمزارات؟ هل هناك خطة لتقديم خبرة الشركة للقطاع الخاص فيما ينشئه من مشروعات سواء كانت أبراجاً سكنية أو مكاتب تجارية؟
من المحزن حقاً أن تهدر إمكانياتنا بهذا الشكل ويتم تدمير مشروعاتنا الناجحة وما الصوت والضوء إلا نموذجاً، وذلك بحجة الفوضى التى تلت الثورة، فقد بدأنا الآن مرحلة البناء، وعلى كل مؤسسة وطنية أن تبحث عن وسائل جديدة ومبتكرة للنهوض بأعمالها وتنميتها، ويجب أن يكون هذا هو المعيار الأول فى اختيار القيادات فى المرحلة الحالية.