محمد سلماوي
ما هذا الإقبال الشديد على معرض الكتاب هذا العام؟ بوابات الدخول مكتظة بالرواد الذين ينتظرون دورهم فى الدخول، وأجنحة الكتب مزدحمة بحيث تجد صعوبة فى التجول بينها.
لقد أجمع كل الناشرين الذين تحدثت إليهم على أن الإقبال هذا العام يعتبر الأكبر منذ سنوات، وقال لى المسؤولون عن جناح إصدارات «مكتبة الأسرة» إنهم يضطرون لإعادة تزويد الجناح بالكتب يومياً بسبب نفاد الكتب به.
ويأتى هذا الإقبال فى الوقت الذى يقوم فيه الإرهاب الأسود بتصعيد هجماته ضد أبناء الشعب المصرى بشكل كان يمكن أن يؤدى لجلوسهم فى بيوتهم، فمذبحة سيناء الأخيرة التى راح ضحيتها 40 شهيداً، عسكرياً ومدنياً، مازالت فى الذاكرة، والمتفجرات التى يتم العثور عليها أصبحت روتيناً يومياً.
من ناحية أخرى، شهدت مصر مع بداية افتتاح المعرض موجة برد لم تعرفها البلاد منذ سنوات، لكن نزول المواطنين إلى المعرض بهذه الكثافة هو تأكيد على تعطش الناس للمعرفة الجادة، وتلك رسالة ينبغى على إعلامنا أن يأخذها مأخذ الجد، ويعيد النظر فيما يقدمه للناس من مادة غثة لم يعد يقبل عليها المشاهد.
وقد لاحظت أن الإقبال على أجنحة الكتب أكثر بكثير من حضور الندوات، وهذا أيضاً يعنى أن الناس سئمت الكلام المكرر والمعاد، وأصبحت تتطلع إلى المعرفة التى تقدمها الكتب.
لكن الرسالة الأكبر التى يؤكدها إقبال الشعب المصرى على المعرض تكمن فى روح التحدى للإرهاب التى يجسدها هذا الإقبال الكبير، فمن ناحية يقول المواطنون للإرهاب إنهم يتحدونه بنزولهم للمعرض، ومن ناحية أخرى يثبت الناس للفكر الظلامى المتخلف أن الثقافة والمعرفة متأصلة فى هذا الشعب، وأن حكم الإخوان الذى ناصبها العداء لم ينجح فى المساس بالهوية الثقافية للمصريين.
لقد كانت الغالبية العظمى من رواد المعرض من الشباب، وقال لى الطالب محمد منصور إنه وزملاءه من كفر الزيات أتوا خصيصاً لزيارة المعرض، وسيعودون فى نفس اليوم إلى بلدتهم. وقالت لى فاطمة الزهراء إنها أقامت مع زميلاتها «جمعية» حتى تستطيع شراء الكتب من المعرض بسعر مخفض، وستقوم بتسديد المبلغ على مدى الشهور القادمة.
ولا يسع المرء وهو ينظر لهذه الجموع بالمعرض، وعلى الرسائل التى تتضمنها، إلا أن يقول: مصر بخير.