محمد سلماوي
قال لى الصحفى الروسى: يقول البعض إنه لا شىء تغير وكأن الثورة لم تقم فى مصر، قلت: بل كل شىء تغير، وإن كانت الثورة لم تحقق كل أهدافها بعد، فالحكم الاستبدادى الذى كان قائماً، سواء وقت مبارك أو وقت الإخوان، ذهب بلا رجعة، والآن لدينا حكم تم انتخابه فى انتخابات نزيهة وبأغلبية شعبية كاسحة، ثانياً: الشعب الذى كان كماً مهملاً لا يعمل حسابه أصبح الآن عنصراً فاعلاً فى المعادلة السياسية لا يمكن تجاهله، ثالثاً: الدستور القديم الذى سمح لمبارك بأن يظل فى الحكم 30 عاماً لم يعد قائماً، ودستور الدولة الدينية الذى وضعه الإخوان لم يعد قائماً هو الآخر، وإنما لدينا الآن أكثر الدساتير العربية تقدماً، وإن كانت التشريعات اللازمة لتفعيله مازالت تنتظر البرلمان الجديد الذى سيصدرها، رابعاً: هناك المقولة التى تتردد كثيراً، وهى أن حاجز الخوف الذى كان قائماً فى مصر قد انكسر، ليس فقط بإسقاط حكم مبارك الحديدى، وإنما أيضاً بإسقاط حكم الإخوان الاستحواذى، مما يثبت أن الشعب خرج من حالة الجمود والخنوع التى كان يوصف بها، وأصبح على استعداد لأن يثور على أى حكم مستبد بدلاً من المرة مرتين.
خامساً: الشباب الذى كان مهمشاً، طوال العقود الماضية، وكانت جميع المناصب القيادية حكراً على من هم فوق الستين، أصبح الآن فى مقدمة اهتمامات النظام الحالى، ويكفى أن ننظر إلى حركة المحافظين الأخيرة التى تعتبر أكثر قرارات التعيين تعبيراً عن السياسات الجديدة للنظام الحالى، لنتبين الحرص الواضح على تمكين جيل جديد من القيادات، هى وجوه جديدة شابة ومشرقة.
هذا كله فى المجال الداخلى، أما إذا نظرنا للسياسة الخارجية فنجد التغيير الأكبر الذى أحدثته الثورة، متمثلاً فى الزيارة الحالية التى يقوم بها رئيسكم فلاديمير بوتين والتى تعبر عن رؤية جديدة لسياسة مصر الثورة، والتى تقوم على إعادة التوازن لعلاقاتنا الدولية بعد عقود ظلت تميل بشكل معيب إلى جانب الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، وهو ما كان يحد من حرية التحرك السياسى لمصر، بينما هى الآن أكثر تحرراً فى حركتها على الساحة الدولية.
ثم هناك أيضاً التغيير الكبير الذى حدث فى السياسة العربية لمصر، والذى جعل مصر الآن هى حائط الصد الأكبر ضد الإرهاب الذى يستهدف الدول العربية جميعاً، وما الدعم العربى لمصر فى المرحلة الأخيرة إلا تأكيد على إدراك الدول العربية لهذا الدور الذى أصبحت تقوم به مصر.
فهل بعد كل هذا يمكن القول إن شيئاً لم يتغير.. ومع ذلك فالطريق مازال طويلاً لتحقيق بقية أهداف الثورة، لكننا على الطريق السليم.