التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر

التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر

التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر

 لبنان اليوم -

التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر

أحمد السيد النجار

يشكل النمو السكانى وتأثيره على التنمية الاقتصادية والاجتماعية قضية مهمة، ومحل جدل فى أى عملية نهوض اقتصادى واجتماعى. فالسكان هم عماد أى عملية تنموية حقيقية وهدفها فى الوقت ذاته. وتبعا لطبيعة التركيب العمرى للسكان فى أى بلد يتحدد التأثير الممكن للسكان على عملية التنمية على ضوء مستويات تعليمهم وتدريبهم وحالتهم الصحية العامة، بينما تحدد مستويات تشغيلهم مدى تحويل الإمكانات السكانية إلى قوة مادية فى الواقع وإلى عماد النهوض والتنمية أو عبء معوق لها. والإدارة الاقتصادية هى المسئولة المباشرة وغير المباشرة عن هذا التشغيل. وكلما تدنت مستويات التنمية الاقتصادية الشاملة وتباطأ التحسن فى مستويات المعيشة أو تدهورت تلك المستويات، تبدأ موجة من استخدام النمو السكانى السريع وما يترتب عليه من زيادة الاحتياجات من السلع والخدمات وعلى رأسها السلع الغذائية، كمبرر رئيسى لهذا التدنى والفشل فى تحقيق التنمية وتأمين الغذاء. وهذا الاستخدام الحقيقى أو الذرائعى للنمو السكانى فى هذا الصدد وفى مجالات أخرى يحتاج لدراسة علمية لطبيعة النمو السكانى ومدى تأثيره على التنمية وتوفير الاحتياجات الغذائية بصفة عامة وفى حالة مصر فى الوقت الراهن.

أولا: مراحل النمو السكانى وأنماط التعامل مع تبعاتها

هناك مراحل متعددة يمر بها النمو السكانى فى أى بلد. والبداية هى مرحلة النمو البطىء فى المجتمعات البدائية على ضوء ارتفاع معدل المواليد وارتفاع معدل الوفيات أيضا فى مجتمعات بها وفرة من الموارد الطبيعية، دون أن تحرز تقدما علميا يساعدها على مكافحة الأمراض والأوبئة. وتليها مرحلة التذبذب الحاد فى عدد السكان على ضوء العلاقة الإيجابية أو السلبية مع عوامل الطبيعة، والسلام أو التطاحن الدموى بين التكوينات الاجتماعية المتجاورة فى الصراع على الموارد، وانتقال الأمراض والأوبئة من مجتمع لآخر عبر التواصل الودى أو العدائى. وفى مرحلة التذبذب هذه قد تحدث انفجارات سكانية كبرى فى بعض المناطق والبلدان حتى فى ظل التخلف العلمى، نتيجة تضافر العوامل الطبيعية المواتية من وفرة الموارد ونقاء الجو وغياب الأوبئة، مع عوامل اجتماعية سياسية مثل غياب الصراعات والحروب، مثل الانفجارات السكانية فى الصين فى فترات السلام الطويلة فى التاريخ القديم حتى فى العصور الوسطى، التى شهدت تقدما علميا فى ذلك البلد، مما جعلها مطمعا لمجتمعات أقل تحضرا وتقدما ولكنها أكثر تسليحا وحيوية لتبدأ فى هجماتها عليها للاستحواذ على الموارد، حتى على البشر فيها. وقد تؤدى مثل تلك الانفجارات السكانية الناتجة عن العوامل الطبيعية المواتية من وفرة الموارد ونقاء الجو وغياب الأوبئة والحروب، إلى التهام الموارد الطبيعية وجعلها محدودة مما يحرك الجماعة البشرية، التى يحدث فيها مثل هذا الانفجار إلى الاندفاع فى موجات من الهجرة أو الغزو تجاه مناطق جديدة، مثل الهجرات والغزوات الكبرى التى حدثت فى التاريخ القديم من صحراء وسط آسيا، إلى أوروبا من جهة وإلى شبه القارة الهندية من جهة أخرى، والهجرات الغازية التى دخلت شمال العراق واندفعت نحو العالم القديم بأسره فى منتصف الألف الثانى قبل الميلاد، التى جاءت من مناطق القوقاز، والهجرات والغزوات المتتابعة، التى انطلقت من شبه الجزيرة العربية إلى بلدان الهلال الخصيب ومصر قبل الإسلام ومعه وبعده.

وتأتى بعد ذلك مرحلة الانفجار السكانى المنتظم التى يتزايد فيها عدد السكان بمعدلات سريعة تؤدى إلى زيادة هذا العدد بصورة انفجارية، بسبب تقدم العلم والرعاية الصحية بشكل يؤدى إلى تخفيض معدلات الوفيات ويطيل العمر المحتمل للإنسان عند الولادة، بينما تكون معدلات المواليد مرتفعة مثلما كانت فى العهود السابقة. وبتعبيرات أخرى فإن معدلات الوفيات تتراجع نتيجة الإنجازات العلمية السريعة والفورية التأثير، بينما تظل معدلات المواليد مرتفعة لأنها لا تتغير إلا بناء على تطورات اجتماعية ثقافية بطيئة التغير بطبيعتها، بل يمكن أن تحدث ارتدادات سلبية فيها إذا تغيرت القوى المهيمنة على صياغة ثقافة المجتمع وانحازت لقيم دينية وأيديولوجية أو اجتماعية رافضة، أو لا تشجع على تحديد النسل.

ومن الجدير بالتأمل أنه كلما كان المجتمع هو الذى يحقق إنجازاته العلمية بنفسه وينتصر لقيم العلم والتنوير، فإن التغيرات الاجتماعية-الثقافية تكون أسرع وضمنها ما يتعلق بحجم الأسرة وتحديد النسل. وبالتالى تكون فترة الانفجار السكانى أقصر وأقل حدة. أما فى المجتمعات التى تعتمد على استيراد منجزات العلم من الخارج، دون أن تسود قيم العلم والتنوير فيها بصورة عميقة وملائمة لمستوى نتائج الإنجازات العلمية، التى حصلت عليها جاهزة من الخارج، فإن الانفجار السكانى فيها يكون أكثر حدة وأطول أمدا وقابلا للتذبذب والارتداد، لأن معدلات المواليد تظل مرتفعة فترة طويلة فى ظل قيم تقليدية أكثر رسوخا، بينما تتراجع معدلات الوفيات بسرعة نتيجة الاستفادة من منجزات العلم التى تحققت فى مجتمعات أخرى انتصرت لقيم العلم والتنوير.

وقد مرت المجتمعات الأوروبية بمرحلة الانفجار السكانى فى القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ثم وصلت إلى مرحلة النضج السكانى حيث أصبحت معدلات نمو السكان منخفضة للغاية فى ظل انخفاض معدلات المواليد والوفيات معا، مع زيادة محدودة لمعدلات المواليد على معدلات الوفيات. أما البلدان النامية - وضمنها البلدان العربية - فقد شهدت مرحلة الانفجار السكانى المنظم بصورة متفاوتة زمنيا على ضوء مستوى تطور كل دولة ومدى تقدم الرعاية الصحية فيها، لكنه حدث فى غالبيته فى القرن العشرين وبالتحديد فى النصف الثانى منه.

وفى قمة سلسلة التطور السكاني، تأتى مرحلة التوازن التى يبقى تعداد السكان خلالها ثابتا فى ظل تساوى معدلات المواليد والوفيات عند مستويات منخفضة للاثنين. وهناك بعض المجتمعات يتناقص تعدادها بمعدلات هامشية بسبب وجود نقص طفيف فى معدلات المواليد عن معدلات الوفيات عند مستويات منخفضة للغاية لكليهما كما يحدث فى ألمانيا وبعض دول الشمال الأوروبي.

وخلال سنوات الانفجار السكانى الأوروبى فى القرن التاسع عشر ظهرت أفكار «مالتوس» الذى بشر بكارثة ومجاعات عالمية بسبب تزايد السكان وفقا لمتواليات هندسية سريعة التزايد، بينما يتزايد إنتاج الغذاء وفقا لمتواليات عددية بطيئة التزايد. وكانت تلك النظرية سطحية إلى حد بعيد وقائمة على عدم إدراك قدرة العلم على تمكين البشر من التوسع الأفقى والرأسى فى الزراعة وإنتاج الغذاء. كما كانت تتجاهل أيضا أن التزايد السكانى فى الحالات الطبيعية هو مصدر تزايد لقوة العمل التى تعد من أهم العناصر التى تنهض عليها التنمية.

التنمية القائمة على البشر.. اليابان وسنغافورة

ربما تكون اليابان نموذجا على توظيف الإنسان والاعتماد على علمه وعمله وادخاره واستثماره فى تحقيق التنمية الاقتصادية القوية حتى فى فترات الانفجار السكانى فى نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين حتى الآن. وإن كان من الضرورى الإشارة إلى إساءة الإمبراطورية اليابانية لتوظيف البشر فيها خلال النصف الأول من القرن العشرين باللجوء لمستويات عالية من العسكرة لتنفيذ سياسات عدوانية إزاء البلدان المجاورة واحتلال العديد من الدول الآسيوية والتنكيل بشعوبها بصورة إجرامية خلال الحرب العالمية الثانية.

وفى عام 2013 بلغ عدد سكان اليابان نحو 127,3 مليون نسمة ومساحتها 378 ألف كم مربع بما يزيد قليلا على ثلث مساحة مصر. وهى فقيرة جدا فى الموارد لكنها صارت من أغنى البلدان المرتفعة الدخل، وبلغ ناتجها القومى الإجمالى نحو 5900 مليار دولار، ومتوسط نصيب الفرد منه نحو46330 دولارا عام 2013 وفقا لتقرير مؤشرات التنمية فى العالم الذى يصدره البنك الدول. ويحتل اقتصادها المرتبة الثالثة عالميا بعد الولايات المتحدة والصين.

كذلك الأمر بالنسبة لسنغافورة وهى مجرد مدينة يسكنها 5,4 مليون نسمة ولا موارد فيها سوى البشر والموقع الجغرافي. ومن خلال توظيفها للأمرين أصبح الناتج القومى الإجمالى لها نحو 292 مليار دولار، وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو 54040 دولارا. أما ناتجها القومى الإجمالى المحسوب بالدولار وفقا لتعادل القوى الشرائية، فإنه بلغ 415 مليار دولار، وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو 76860 دولارا فى عام 2013.

ويمكن القول أن نمط التفاعل مع المرحلة التى يمر بها النمو السكانى بشكل طبيعي، هى التى تحدد نتائج النمو السكانى على التنمية والتشغيل والقوة الاقتصادية-الاجتماعية الشاملة التى هى أساس القوة السياسية والعسكرية لأى دولة.

وفى مصر بدأ الانفجار السكانى المنظم منذ عهد محمد على حيث ارتفع عدد سكان مصر من نحو 2.5 مليون نسمة فى بداية القرن التاسع عشر إلى نحو 10 ملايين فى نهايته. وواصلت مصر انفجارها السكانى بوتيرة أعلى خلال القرن العشرين حيث ارتفع تعداد سكانها فى نهايته إلى نحو 65 مليون نسمة، قبل أن يصل عدد السكان فى منتصف سبتمبر عام 2015 إلى نحو 89.5 مليون نسمة وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

أعاجيب الارتداد السكانى فى مصر

شهدت مصر ظاهرة الارتداد السكانى أكثر من مرة، فبعد أن أدى التطور العلمى والثقافى والاجتماعى خلال عقد الستينيات إلى تراجع وتيرة النمو السكانى من 2.52% سنويا خلال الفترة من عام 1960 حتى عام 1966، إلى نحو 1.92% سنويا خلال الفترة من عام 1966 حتى عام 1976، عاد النمو السكانى للزيادة بقوة خلال الفترة من عام 1976 حتى عام 1986، ليبلغ نحو 2.75% سنويا فى المتوسط.وكان ذلك المعدل هو أعلى مستوى للنمو السكانى فى تاريخ مصر الحديث.

وكان ذلك الارتداد مرتبطا بهجرة أعداد كبيرة من العمالة المصرية إلى الخليج من منتصف سبعينيات القرن العشرين وتأثر هؤلاء العاملين فيما يتعلق بحجم الأسرة وتحديد النسل بالقيم الاجتماعية الخليجية المحافظة وبالذات بالفكر الوهابى المتطرف والبعيد بشكل هائل عما كانت منظومة القيم الاجتماعية المصرية قد أحرزته من تطور وتنور. ومع تكثيف العمل الثقافى والإعلانى للسيطرة على النمو السكاني، ومع ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الدخل تراجع معدل النمو السكانى فى مصر ليصل إلى نحو 1.9% سنويا خلال السنوات الخمس التى سبقت ثورة يناير 2011. وبدا الأمر وقتها أن مصر تتجه فى المسار الطبيعى لتراجع معدلات النمو السكاني. لكن أمرا عجيبا حدث مرة أخرى بارتداد بالغ القوة فى النمو السكانى مرة أخرى منذ عام 2011.

وقد ارتبط ذلك الارتداد بصعود التيارات الإسلامية الإخوانية والسلفية المحافظة والرافضة لتحديد النسل إلى قمة هرم السلطة فى مصر منذ عام 2011 من خلال حيازة الأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى ثم منصب الرئيس بعد ذلك. وحدث الارتداد المخيب للآمال حيث عاد معدل النمو السكانى للارتفاع بقوة متجاوزا نحو 2,3% سنويا بعد أن كان قد انخفض إلى نحو 1.9% قبل عام 2011. وفى عام 2014 بلغ عدد المواليد 2,72 مليون، وبلغ عدد الوفيات نحو532 ألفا، وبلغت الزيادة الصافية فى عدد السكان نحو 2.19 مليون نسمة، وبلغ معدل النمو السكانى نحو 2.4%. وهذا المعدل يشكل استمرارا للارتداد السكانى الناتج عن اختلاط وتعثر التطور القيمى بشأن تحديد النسل فى مصر.

ومع السماح للأحزاب السلفية وهى أحزاب دينية وهابية بالعمل السياسى وبخوض الانتخابات البرلمانية والالتفاف على الدستور فى هذا الشأن، فإنه يمكن توقع المزيد من التشوه السكانى فى مصر فى الفترة القادمة، خلافا للدورة الطبيعية للنمو السكانى التى فقدت كل عناصر المنطق فى مصر منذ منتصف سبعينات القرن الماضى تحت وطأة الغزو الفكرى الوهابى المحافظ والمتطرف والمرتبط بمجتمعات أقل تطورا.

وخلال الفترة من عام 2011 وحتى سقوط حكم الإخوان بعد الموجة الثورية الهائلة فى 30 يونيو، استخدمت التيارات الدينية المحافظة والمتطرفة المنابر السياسية التى سيطرت عليها وكذلك المساجد والجمعيات الأهلية الشرعية والدينية والمؤسسات التعليمية الجامعية وما قبلها فى نشر فكرها المتطرف والأدنى تطورا بشأن مختلف القضايا وضمنها قضية تحديد النسل مما أسهم فى ذلك الارتداد السكانى المشوه.

التركيب السكانى المصرى ونافذة الفرصة الديموجرافية

تشير البيانات الرسمية المصرية إلى أن عدد السكان الأقل من 15 عاما بلغ 27.14 مليون نسمة بما يعادل 31.3% من عدد السكان عام 2014. وبلغ عدد السكان فى الفئة العمرية المنتجة أى من 15- 64 سنة نحو 55.94 مليون نسمة بما يعادل 64,4% من عدد السكان. وبلغ عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر نحو 3,73 مليون نسمة بما يعادل 4.3% من السكان.

وهذا التكوين السكانى هو تكوين مثالى يمكن الاعتماد عليه كأساس لتحقيق نهضة اقتصادية فعالة أو دورة نمو وازدهار اقتصادى قوي. لكن ذلك يتوقف على توظيف هذه القوة البشرية فى أعمال حقيقية تؤدى إلى زيادة الناتج ورفع مستويات المعيشة، وتحويل القوة البشرية إلى طاقة جبارة للنهوض. وقد حققت غالبية دول العالم المتقدمة والناهضة قفزاتها الاقتصادية العملاقة خلال الفترات التى كان السكان فى سن العمل يشكلون الغالبية الساحقة من السكان مثلما هو الحال فى مصر حاليا.

وتشير البيانات الرسمية إلى أنه من بين عدد السكان البالغ 55.94 مليون نسمة فى سن العمل، فإن من يعتبرون ضمن قوة العمل المحتملة (عاملين وعاطلين) لا يتجاوز وفقا لتلك البيانات نحو 27.69 مليون نسمة. وإذا استبعدنا من هم فى مراحل الدراسة فى هذه الفئة العمرية الطويلة ومن يخدمون فى الجيش، فإن قوة العمل المحتملة تبقى ضئيلة مقارنة بعدد السكان فى سن العمل. وهذا الأمر يعكس الاعتماد على تقديرات منخفضة للغاية لقوة العمل بهدف تخفيض عدد العاطلين ومعدل البطالة بصورة غير واقعية.

وكنت قد كتبت فى مقالات سابقة عن هذا الأمر. ورغم المبادرة الطيبة التى قدمها رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بالإقرار بوجود مشكلة فى حساب عدد العاطلين ومعدل البطالة والوعد بمراجعة الأمر، إلا أننا ما زلنا فى انتظار التعديل وآمل ألا يطول.

وعلى سبيل المثال تشير البيانات الرسمية إلى أن تعداد قوة العمل (عاملين وعاطلين) بلغ 27.7 مليون شخص فى نهاية عام 2014، مقارنة بنحو 27.3 مليون فى نهاية عام 2013، ونحو 26.9 مليون شخص فى نهاية عام 2012، ونحو 26.8 مليون شخص فى نهاية عام 2011. أى أن قوة العمل المصرية زادت بمقدار 400 ألف فقط فى عام 2014، ونحو 400 ألف عام 2013، ونحو 100 ألف فقط فى عام 2012. وكل هذه التقديرات لا علاقة لها بالواقع ولا تفيد فى بناء أى استراتيجية حقيقية لمواجهة البطالة فى مصر وتوظيف السكان بالصورة التى تحقق التنمية وتسهم فى نهوض مصر ورفع مستويات معيشة أبنائها.

وتشير بيانات الجهاز الخاصة بخريجى النظام التعليمى فى مصر إلى أن عدد خريجى التعليم المتوسط بلغ 546 ألف خريج، بينما بلغ عدد خريجى الجامعات والمعاهد الفنية نحو 358 ألف خريج. أى أن مجموعهما معا بلغ 904 آلاف خريج. وهذا يعنى أن الغالبية الساحقة من هؤلاء تنضم لقوة العمل. ويضاف إليهم الداخلون الجدد لسوق العمل من غير المتعلمين ممن تسربوا من التعليم ليبلغ مجموع الداخلين الجدد لسوق العمل من المتعلمين وغير المتعلمين أكثر من 1.1 مليون شخص سنويا. وإذا طرحنا من هذا الرقم ممن يخرجون من سوق العمل بالمعاش أو الوفاة ، فإن صافى الداخلين الجدد لسوق العمل لا يقل عن ثلاثة أرباع المليون وليس 100 ألف أو 400 ألف فى العام كما تشير بيانات الجهاز!!

ومن البديهى والمفهوم أن دخول بعض الخريجين للخدمة الوطنية (العسكرية)، يقابله دخول الخارجين منها إلى سوق العمل بما يجعل التأثير متعادلا فى هذه الحالة ولايؤثر على تقديرات الداخلين الجدد لسوق العمل.

ويمكن القول إجمالا أن التكوين السكانى الراهن لمصر، والذى يشكل من هم فى سن العمل غالبيته الساحقة هو تكوين مساند للتنمية الاقتصادية الفعالة والسريعة شرط استغلال هذه الطاقة البشر فى وظائف حقيقية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وشرط العمل على إيقاف دورات الارتداد السكانى المشوهة ببرنامج ثقافى وتعليمى وإعلامى وإعلانى فعال لتحديد النسل وضبط النمو السكاني. والحقيقة أن البطالة باعتبارها تعطيلا للطاقات السكانية الفعالةهى ظاهرة معقدة وذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية. ومن الضرورى أن يتم حشد الدولة والمجتمع لمعالجتها لتوظيف البشر وهم أعظم ثروات مصر. وهذا يبرر اعتبار هذه القضية هى الأكثر أهمية عن كل ما عداها لأنها ببساطة تجمع فى طياتها رفع معدلات الاستثمار لخلق فرص العمل الحقيقية، وتوفير التمويل للاستثمار من خلال رفع معدل الادخار، واتباع السياسات الاقتصادية الكلية والمالية والنقدية لتنشيط النمو وكل مسبباته، وتحسين الرعاية الصحية والتعليمية والتدريبية لرفع الكفاءة العلمية والمهنية والبدنية لقوة العمل. وكل ذلك يبرر اعتبار قضية معالجة البطالة بالتنمية هى القضية الأولى لمصر واقتصادها فى الوقت الراهن.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر التنمية وأعاجيب الارتداد السكاني في مصر



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon