مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط

مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط

 لبنان اليوم -

مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط

أحمد السيد النجار

شهدت أسعار النفط تحركات عنيفة وصادمة منذ الربع الأخير من العام الماضي وحتى الآن. وقد نزلت تلك التحركات بالأسعار إلى اقل من 45 دولارا للبرميل وهو ادنى مستوى لها منذ ستة اعوام.

 وقد شكلت تلك التحركات محورا للجدل والتفسيرات المتنوعة لأسبابها والتوقعات بشأن نتائجها المتباينة على البلدان العربية وبلدان العالم حسب موقعها كدول مصدرة أو مستوردة للنفط والغاز. وتتراوح منطلقات التفسيرات لما يجري في سوق النفط بين العوامل السياسية وصراع الأمم عالميا وإقليميا، والاعتبارات الاقتصادية المتعلقة بالحفاظ على تنافسية وتفوق النفط في مواجهة مصادر الطاقة الأخرى بالذات الطاقة المتجددة والنفط الصخري، والحفاظ على الحصص الإنتاجية والتصديرية في السوق العالمية.

ولأن مصالح مصر هي المقصد والمنتهى ومنطلق النظر والرؤية لكل أحداث العالم، فإن السؤال الذي يتبادر لذهن كل مصري هو تأثير التطورات في أسواق النفط على الاقتصاد المصري. وهو تساؤل تقوده المصلحة الوطنية ويسبق التساؤل المنطقي الآخر الخاص بتفسير ما يجري في السوق النفطية العالمية.

وإذا نظرنا للمصلحة الآنية المباشرة فإن مصر لديها عجز في معاملاتها النفطية، أي أن وارداتها أكبر من صادراتها، وبالتالي فإن انخفاض أسعار النفط بما يقرب من 60% سوف يعني بصورة مباشرة انخفاض قيمة العجز في التجارة النفطية مع العالم. كما أنه سيؤدي إلى تراجع هائل في مخصصات دعم الطاقة العملاقة والتي تعد سببا رئيسيا للعجز الكبير في الموازنة العامة للدولة.

اقتصاد مصر وتأثيرات انخفاض أسعار النفط

تشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالى الصادرات النفطية المصرية بلغ 12452 مليون دولار عام 2013/2014. وفى نفس العام بلغت قيمة الواردات النفطية 13247 مليون دولار، وبلغ العجز النفطى 795 مليون دولار. ولو استقرت اسعار النفط عند مستواها الحالى فإن العجز النفطى سيتراجع إلى 300 مليون دولار تقريبا، أى أن الميزان التجارى النفطى قد يتحسن بما يقرب من نصف مليار دولار. لكن اللافت فى التجارة الخارجية لمصر فى مجال النفط أن مصر تصدر النفط الخام وتستورد المنتجات وهو وضع بائس تخلصت منه حتى بعض أفقر دول العالم من خلال بناء معامل لتكرير النفط ترفع القيمة المضافة فى القطاع النفطى وتخلق فرصا للعمل وتسهم فى تطور الاقتصاد واعتماده على ذاته فى توفير المنتجات النفطية.

وفى العام المالى 2013/2014 بلغت قيمة صادرات مصر من النفط الخام نحو 7,7 مليار دولار، وبلغت قيمة وارداتها منه نحو 2,1 مليار دولار. اى أن هناك فائضا فى تجارة خام النفط يبلغ 5,6 مليار دولار شأننا فى ذلك شأن اى دولة لم تحرز تقدما صناعيا رغم أن الصناعة بالمعنى الحديث بدأت فى مصر قبل قرنين من الزمان فى عهد محمد على الكبير وابنه وقائده العسكرى الفذ إبراهيم باشا باعث العسكرية المصرية وقائد أعظم الانتصارات العسكرية المصرية فى العصر الحديث.

أما بالنسبة لتجارة المنتجات النفطية فإن صادرات مصر بلغت فى العام المالى المذكور نحو 3,3 مليار دولار، بينما بلغت قيمة وارداتها نحو 10,6 مليار دولار. أى أن العجز فى تجارة المنتجات النفطية بلغ نحو 7,3 مليار دولار، وهو عجز كبير يلتهم الفائض فى تجارة النفط الخام ويجعل ميزان التجارة النفطية عاجزا بقيمة 1,7 مليار دولار. لكن نظرا لوجود فائض فى تجارة الغاز، فإن العجز الكلى فى هذا القطاع يتراجع إلى مستوى 795 مليون دولار كما ورد آنفا.

ومن الضرورى الإشارة إلى أن التراجع فى أسعار المنتجات النفطية يكون أقل من التراجع فى سعر الخام، وبالتالى فإن استفادة مصر من التراجع فى اسعار النفط تكون اقل على ضوء اعتمادها على تصدير الخام واستيراد المنتجات المكررة.

ولا يجوز الدفع بمبررات خائبة مثل عدم توفر التمويل لإنشاء معامل لتكرير النفط لأن مثل هذه المشروعات المضمونة النجاح نظرا لوجود الطلب على منتجاتها، يمكن بناؤها بالاكتتاب العام لمشروعات يملكها حملة الأسهم كليا او بمشاركة الدولة كمبعث للاطمئنان للمواطنين الذين سيكتتبون فى تلك المشروعات. كما يمكن استنهاض استثمارات من المصريين العاملين بالخارج فى هذا الشأن، خاصة أن الحسابات الاقتصادية لربحية مثل هذه المشروعات التى يوجد طلب حاضر على منتجاتها تعتبر جيدة ومبشرة لمن سيمول تلك المشروعات.

كما أن الكثير من الشركات الدولية الكبرى بالذات من شرق آسيا وروسيا والتى راكمت احتياطيات مالية ضخمة، تتوق إلى الفرص الاستثمارية فى هذا القطاع فى مصر أو فى أى بلد آخر. وغالبية العروض التى تقدم من تلك الشركات تتركز حول المشاركة مع الحكومات أو نظام الـ BOT .

أما بالنسبة لتأثير التراجع الهائل فى اسعار النفط على الموازنة العامة للدولة، فإنه إيجابى بصورة كبيرة على قدر انخفاض الأسعار. وإذا كانت الحكومة قد رصدت 100 مليار جنيه كدعم للطاقة فإن تراجع الأسعار على النحو الحادث حاليا سيعنى تخفيض ذلك الدعم إلى أقل من 65 مليار جنيه إذا استمرت الأسعار متدنية وتقل عن 50 دولارا للبرميل حتى نهاية العام المالى الجاري. وهذا الأمر سيتيح من حيث لا تحتسب الحكومة، تخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة إلى نحو 205 مليارات جنيه بدلا من 240 مليار جنيه فى الموازنة التقديرية، وذلك مشروط بانضباط باقى عناصر الإنفاق العام.

لكن تراجع أسعار النفط أو قل انهيارها بالصورة الجارية حاليا سيعنى تدهور تنافسية الطاقة الشمسية ووأد برنامج تطوير الاعتماد عليها فى توليد الكهرباء للاستخدام فى مصر والتصدير للخارج، اى أنه سيعنى تعطيل توظيف ثروة طبيعية عملاقة فى مصر هى الطاقة الشمسية المتجددة والنظيفة. وتتمتع مصر بنطاق شمسى شديد التميز من زاوية معدل سطوع الشمس على مدى العام ودرجة الحرارة وزاوية ميل اشعة الشمس، وهو ما يجعلها واحدة من الدول التى يمكن أن تتصدر عالميا فى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لو بقيت اسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، ولو تم ضخ الاستثمارات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة فى هذا القطاع .

كما أن تراجع اسعار النفط سينعكس بصورة سلبية على السياحة العربية فى الخارج. وبما أن مصر هى أحد المقاصد السياحية العربية فإنه من الممكن أن تتراجع حركة السياحة العربية إليها. وإن كان من الضرورى الإشارة إلى أن حركة السياحة العربية إلى مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 كانت منخفضة. ولولا حركة النازحين الليبيين والسوريين القادمين إلى مصر هربا من الاقتتال والإرهاب الذى يضرب بلديهم لتراجع مستوى السياحة العربية فى مصر فى السنوات الأربع الأخيرة بصورة أشد فداحة. وإن كانت هناك رؤية تذهب إلى أن تراجع أسعار النفط يجعل السياح العرب يفضلون المقاصد السياحية الأقل تكلفة مثل مصر، وبالتالى فإنه حتى لو انخفض تدفق السياح العرب للخارج عموما، فإن تدفقهم إلى مصر يمكن ألا يتأثر نظرا لدخول فئات كانت تذهب للسياحة أوروبيا وأمريكيا، فى قائمة السياح الذين يفدون إلى مصر.كما أن سوء أفعال المتطرفين دينيا وتركيز الإعلام الغربى على هذه الصورة باعتبارها مرادفا للعرب والمسلمين، سوف يزيد النزعات العنصرية ضدهم. ومن المرجح أن يؤدى ذلك لتباطؤ أو حتى تراجع حركة السياحة العربية فى الغرب لمصلحة زيادة الحركة السياحية للبلدان العربية.

أما احتمالات تأثر الاستثمارات العربية المباشرة التى تتوقع مصر تدفقها إليها مع تحسن الاستقرار السياسى والأمنى فيها مؤخرا فإنه لن يحدث غالبا، حيث توجد احتياطيات هائلة واستثمارات ضخمة بالصناديق السيادية المملوكة للدول العربية المصدرة الرئيسية للنفط بفعل الطفرة النفطية المستمرة من عام 2003 وحتى الآن والتى لم يقطعها إلا عام 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.

الاقتصادات العربية والتراجع الدرامى للنفط

على الصعيد العربى فإن أى تراجع لأسعار النفط يشكل خسارة مباشرة للدول العربية المصدرة الكبرى له. وتملك البلدان العربية احتياطيات نفطية هائلة بلغت فى عام 2012 نحو714 مليار برميل تعادل نحو 57% من إجمالى الاحتياطيات العالمية البالغة نحو 1257 مليار برميل. وتبلغ احتياطيات المملكة العربية والعراق والكويت والإمارات بالترتيب نحو 265، 141، 101، 98 مليار برميل بالترتيب. وهى تحتل أربعا من المراتب الست الأولى فى حجم الاحتياطيات النفطية، حيث لا يدخل بينها سوى إيران التى تاتى ثانية فى الترتيب العالمى باحتياطيات تبلغ نحو 155 مليار برميل، وفنزويلا التى تاتى خامسة باحتياطيات تبلغ نحو 99 مليار برميل. ويبلغ الإنتاج العربى من النفط نحو 24,2 مليون برميل يوميا تعادل 32% من إجمالى الإنتاج العالمى من النفط. وتنتج المملكة العربية وحدها قرابة 9,9 مليون برميل يوميا، وتأتى ثانية خلف روسيا التى تنتج عشرة ملايين برميل يوميا. كما تنفرد بين الدول المنتجة والمصدرة للنفط بأنها صاحبة أكبر طاقة احتياطية تمكنها من زيادة الإنتاج للتأثير على حركة الأسعار عندما تقرر ذلك.

كما تملك الدول العربية احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعى تبلغ نحو 55 تريليون متر مكعب تعادل نحو 28,4% من إجمالى الاحتياطى العالمى البالغ نحو 192 تريليون متر مكعب. كما تستحوذ البلدان العربية على حصة قدرها 571 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى المسوق عالميا، بما يعادل 17% من الإجمالى العالمي.

وبالتالى فإن اى انخفاض فى أسعار النفط والغاز ينعكس سلبيا على إيرادات الصادرات العربية الضخمة منهما. ومع تراجع اسعار النفط بنسبة 60% تقريبا، فإنه لو استمرت الأسعار تدور حول هذا المستوى لمدة عام، فإن إجمالى الخسائر من إيرادات الصادرات النفطية العربية سيبلغ أكثر من 350 مليار دولار فى العام. وبما أن الإيرادات النفطية تشكل الغالبية الكاسحة من إيرادات الموزنات العامة للدول العربية المصدرة للنفط، فإنه يمكن توقع تعرض العديد من تلك الموازنات للعجز إذا لم تتخذ حكوماتها إجراءات تقشفية وتخفيضا للإنفاق على ضوء الانخفاض الكبير فى إيرادات القطاع النفطي.

وحتى الآن لم تبد الدول العربية المصدرة للنفط أى توجه نحو تقليص الإنفاق العام ومواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط بصورة فعالة. وبالتالى فإن الأرجح أن تلك الدول ستلجأ إلى السحب من احتياطياتها أو تسييل بعض الاستثمارات العملاقة فى صناديقها السيادية التى تستثمر أكثر من 5 تريليونات دولار خارج الوطن العربي، وبالذات فى الولايات المتحدة وأوروبا وبعض البلدان الآسيوية، أى أنها فى كل الأحوال تعتبر خارج معادلة التنمية العربية القطرية والإقليمية. وهذه القضية اى استثمار الفوائض النفطية العربية خارج الوطن العربي، إضافة إلى الاعتماد على العمالة غير العربية رغم وجود أكثر من 17 مليون عاطل عربي، تعد من العلامات الرئيسية على ضعف التكامل الاقتصادى العربى الحقيقى بعيدا عن الشعارات التى لا تتحول إلى قوة مادية فى الواقع.

ومقابل الخسائر التى تتعرض لها الدول العربية المصدرة للنفط والتراجع الكبير المتوقع فى الناتج المحلى لكل منها والناتج المحلى الإجمالى لمجموع الدول العربية، فإن هناك بعض الدول العربية التى ستستفيد من تراجع اسعار النفط وهى الدول المستوردة للنفط ومنتجاته مثل المغرب . والفائدة المتحققة قطريا فى هذه الحالات تعتبر محدودة للغاية. كما أن بلدا مثل المغرب يمكن أن يتأثر سلبيا من تراجع السياحة العربية المتوقع بعد انخفاض أسعار النفط.

تفسيرات تراجع النفط بين السياسة والاقتصاد

يشكل انخفاض أسعار النفط ضربة قوية للعديد من الدول المعتمدة على إيرادات صادراتها منه والتى تعتبر فى حالة تناقض او صراع مع الغرب وبالذات روسيا وإيران وفنزويلا. وهذا الأمر إضافة إلى سرعة انخفاض أسعار النفط بصورة صادمة، فتح الباب امام التفسيرات التى تذهب إلى ان هذا التراجع ينطوى على فعل إرادى بالتوافق بين الولايات المتحدة والدول المنتجة والمصدرة الكبرى للنفط فى الخليج للإضرار بالدول الأربع المذكورة آنفا. ورغم أن الولايات المتحدة لا تتورع عن فعل اى شيء لإيذاء تلك الدول بصورة منفردة او بالتعاون مع الدول المصدرة الكبرى للنفط والمرتبطة بها، إلا أنه لا يمكن تجاهل أن البيانات الخاصة بالعرض العالمى للنفط والطلب عليه تشير منذ بداية عام 2014 إلى وجود فائض فى العرض. وتشير النشرة الشهرية الصادرة عن منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) إلى ان فائض العرض العالمى للنفط بلغ 0,9 مليون برميل يوميا فى شهر فبراير الماضي، ونحو 2,8 مليون برميل يوميا فى شهر مارس الماضي. ومع استمرار الدول المصدرة الرئيسية للنفط فى زيادة إنتاجها وصادراتها فإن ذلك الفائض استمر وشكل ضغطا على أسعار النفط، خاصة أن منظمة الأوبك لم تتخذ أى إجراء لتخفيض او ضبط الإنفاق، بل إن الدول الأكبر فيها عللت ذلك بعدم التدخل فى آليات السوق، رغم ان الدور التاريخى للمنظمة كان يقوم على ضبط الأسواق بصورة لا تأبه لفكرة آليات السوق.

وعلى أى حال فإن صادرات النفط تشكل 64% من إجمالى الصادرات السلعية الروسية، ونحو 71% من إيرادات الصادرات الإيرانية، ونحو 93% من الصادرات الفنزويلية، و99% من صادرات العراق، ونحو 97% فى الجزائر. أى أن أى تحرك لتلك الصادرات وإيراداتها سيشكل مؤثرا مهما على حركة اقتصادات تلك الدول ومستويات المعيشة فيها. كما أن إسهام الموارد الطبيعية فى الناتج المحلى الإجمالى يعتبر عاليا للغاية فى بلد صناعى متقدم مثل روسيا حيث يشكل نحو 20% ، مقارنة بنحو 1,5% فقط فى بريطانيا. ويسهم النفط وحده بنحو 14,2% من الناتج المحلى الإجمالى الروسي. ويبلغ إسهام النفط فى الناتج نحو 69% فى العراق، ونحو 24% فى إيران، ونحو 18% فى فنزويلا.

وكانت الدول الأكثر وضوحا فى رؤيتها لما يجرى فى سوق النفط العالمية باعتباره موجها ضدها بصورة مخططة هى فنزويلا وروسيا.

ومن الغريب حقا أن تضع دولة كبرى مثل روسيا نفسها فى هذا الوضع، فهى دولة صناعية متقدمة ويمكنها أن تعتمد بصورة أساسية على تصدير السلع الصناعية، لكنها ارتكنت على صادراتها من النفط والغاز كمصدر رئيسى لإيراداتها من الصادرات، بحيث اصبحت صادراتها من السلع الصناعية مجرد 15% فقط من إجمالى صادراتها. وربما تجبرها الأزمة الراهنة على إعادة النظر فى هذا الأمر حتى لو كانت تملك احتياطيات نفطية قدرها 80 مليار برميل، واحتياطيات من الغاز قدرها 48 تريليون متر مكعب تضعها فى المرتبة الأولى عالميا بحصة تبلغ ربع حجم الاحتياطيات العالمية من الغاز.

وبالمقابل فإن منافسا قويا للولايات المتحدة على عرش الاقتصاد العالمى هو الصين سيستفيد بصورة هائلة من تراجع أسعار النفط حيث تستورد الصين قرابة 6 ملايين برميل من النفط يوميا. وبالتالى فإن مدفوعاتها عن هذه الواردات ستتراجع وسيرتفع فائضها التجارى الذى شهد تراجعا فى العام الماضي. وهذه الدولة بناتجها الحقيقى البالغ قرابة 13 تريليون دولار مقارنة بنحو 16 تريليونا للولايات المتحدة صارت على مقربة من عتبة التعادل مع الولايات المتحدة وتجاوزها فى نهاية العقد الحالي. ومن المؤكد أنها ستستفيد من تراجع أسعار النفط فى تحقيق مقصدها للحاق بالولايات المتحدة وتجاوزها.لكن هذا الأمر الآتى بلا ريب أصبح أمرا مسلما به بالنسبة للولايات المتحدة ويمكن التعامل معه، بينما يبدو الإضرار بروسيا بضراوة فى الوقت الراهن آلية للضغط عليها فى القضايا الملتهبة بين الطرفين فى أوكرانيا وسوريا.

وعلى صعيد آخر فإن تطور الإنتاج من النفط الصخرى ومن الغاز الصخرى بعد ان اصبحت تكلفة إنتاجهما اقتصادية بل وعالية الربحية فى ظل ارتفاع اسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، قد خلق مخاوف لدى الدول المنتجة الرئيسية وجعلها اكثر استعدادا لتخفيض اسعار النفط لجعل الاستثمار فى النفط الصخرى غير اقتصادي. وكانت الولايات المتحدة قد تمكنت من إنتاج 4 ملايين برميل يوميا من النفط الصخري. وهى تخطط لمضاعفة حجم الإنتاج بحلول عام 2020 لكنها قد لا تتمكن من ذلك لو بقى سعر النفط قريبا من مستوى 50 دولارا للبرميل. وبالتالى فإن التراجع الراهن فى اسعار النفط سيضمن كبح الاستثمارات فى النفط والغاز الصخريين وضمان استمرار هيمنة النفط والغاز كمصادر للطاقة .

والحقيقة ان التفسيرات السياسية والاقتصادية لما يجرى فى سوق النفط لاتعتبر بدائل بقدر ما تقدم صورة متكاملة للمبررات السياسية والاقتصادية لما يجرى فى هذه السوق.

مؤتمر الإمارات.. التنمية المستدامة والتشارك الإقليمي

وسط صخب السوق وما يجرى فيها تتواصل فعاليات أسبوع ابوظبى للاستدامة والمكرس لمعالجة تحديات الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. ويبدو أمرا لافتا ان تعقد هذا المؤتمر دولة نفطية كبيرة مثل الإمارات العربية المتحدة التى تملك احتياطيات نفطية قدرها نحو 98 مليار برميل، وتنتج نحو 2,7 مليون برميل يوميا (اثنين وسبعة أعشار مليون)، فالمصلحة المباشرة لهذه الدولة هى فى استمرار هيمنة النفط وليس الانتقال لمصادر الطاقة المتجددة. بل إن أحد تفسيرات الانهيار الحادث فى أسعار النفط حاليا، هو انه محاولة من الدول المنتجة الرئيسية صاحبة الاحتياطيات النفطية الأكبر لجعل إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة وبالذات من الطاقة الشمسية، غير اقتصادية وباهظة التكلفة بالمقارنة مع الطاقة المنتجة من النفط الرخيص. لكن هذا المسعى نحو إبراز أهمية الطاقة المتجددة والنظيفة للتنمية المستدامة يعد فى النهاية امرا محمودا ايا كانت مبرراته. كما أنه من المهم أن يكون هناك تشارك إقليمى فى الاستفادة من الموارد الطبيعية النفطية والغازية، ليس بمنطق الاقتسام ولكن بمنطق المشاركة فى العمليات المتعلقة بهذه الثروة، فمن المؤكد ان انتشار صناعات البتروكيماويات والأسمدة والتكرير، واستخدام الطاقة فى تصنيع الثروات المعدنية والمحجرية والمنتجات الزراعية إقليميا سوف يساعد على دفع التطور فى اقتصادات المنطقة وتحسين مستويات المعيشة وتهدئة الخواطر، لأنه ثبت أن أى بلد او إقليم يتسم بوجود فروق هائلة فى الدخل بين أبنائه، يصبح عرضة أكثر للتوتر الداخلى والاضطراب الإقليمى وبلدان المنطقة العربية احوج ما تكون للنهوض معا على قاعدة تبادل المنافع والتكامل الاقتصادى الحقيقي.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط مصر والعرب والمكاسب والخسائر من دراما سوق النفط



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon