أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

 لبنان اليوم -

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

عمار علي حسن

أديب كبير وإنسان خلوق رائع، عبر كثيرون على كفيه وهو متطامن راض، فوق شفتيه ابتسامة رائقة، وفى قلبه امتنان عميم. يعمل فى صمت، وينتج بدأب، ولا ينتظر شيئاً من أحد، ويمضى مستغنياً بزهده، ومكتفياً بسطوره الفياضة بالجمال والمعانى. وفى هذه الأيام يواجه مرضاً عاتياً فى صبر، ولا يجد عناية كافية وفعلية من الدولة رغم أن كثيرين نادوها وخاطبوها بأن تهتم به كما فعلت مع غيره، بل مع من هم أقل منه.

استقبلَنا فى ميعة الصبا، ونحن نخطو على مهل نحو غاياتنا النبيلة، كان يجلس فى صدارتنا برأسه الذى يشتعل شيباً، يلملم أطرافنا البعيدة فى مكتب وسيع بجريدة المساء، وينصت إلى تباشيرنا بإمعان وجدية ظاهرة. يغمض عينيه حتى يقدح ذهنه، ويلتقط كل شىء من أفواهنا، وكأننا قد استوينا على عروش الأدب. وما إن ينتهى الواحد منا مما ألقاه، شعراً كان أو قصة أو جزءا من رواية، حتى يطلب من الآخرين أن يدلوا بدلوهم فيما سمعوه، وفهموه ووعوه. فإن أجاد أحدنا فى النقد، باركه وربت كتفه، وإن تجاوز تجريحاً وتقبيحاً زجره، فكان بذلك يعلمنا، فى يسر وسلاسة ومن دون خشونة وفظاظة ولا ادعاء، كيف يمكن أن يكون النقد مدفوعاً بالمحبة قدر اتكائه على العدل والاستقامة العلمية، والعمق والشمول.

أتذكر جيداً ذلك اليوم من شهر فبراير 1990، الذى حضرت ندوته للمرة الأولى، كنت طالباً بكلية الضباط الاحتياط، وما إن نزلت من «الباص الميرى» أمام محطة سكك حديد مصر، حتى هرعت إلى مسجد الفتح، فخلعت ملابسى العسكرية وارتديت زياً مدنياً كان مستقراً فى قعر حقيبتى، وهممت فى شارع الجمهورية، ومنه إلى شارع زكريا أحمد حيث «جريدة المساء». على الباب كان موظفو الأمن يتركوننا نصعد إليه، حين نقول لهم: ندوة الأستاذ محمد جبريل.

ولمَّا ترك موقعه كرئيس للقسم الأدبى فى الجريدة، انتقلت الندوة إلى مبنى نقابة الصحفيين القديم ذى الحديقة الساجية والمقاعد الخشبية البسيطة. انقطعت عنها سنين، وعدت ذات مساء، ودخلت على مهل فوجدته جالساً بين أصدقائه الصغار، ينصت إليهم من جديد. بعض القدامى كان لا يزال موجوداً، وغابت الكثرة، وحل محلها وافدون جدد، جاءوا من الشوارع الخلفية يبحثون عن مكان وسط الزحام الرهيب.

هكذا ظل الأستاذ جبريل مزاوجاً بين رغبته الطاغية فى الكتابة، والتى أثمرت عشرات الروايات والمجموعات القصصية والدراسات الأدبية، وبين حرصه على أن يسهم فى اكتشاف المواهب وتشجيعها، قدر استطاعته، وذلك فى وقت اكتفى فيه كثيرون بما يكتبونه وكأنه الدر المكنون، وأوصدوا أبوابهم أمام الآخرين من الباحثين عن فرصة للتعلم والتحقق، وهربوا منهم، بأنانية مفرطة ووهم طاغ بأن الساحة لا يجب أن تتسع إلا لهم، وأن أى نجم يلمع فى سماء الأدب سيسحب من أضوائهم هم فيتساقطون فى بحار الظلمات.

ورغم إنتاجه الغزير، لم يلق «جبريل»، حتى هذه اللحظة ما يستحقه من نقد أكاديمى عميق وواسع ولا من جوائز تقدر جهده وإبداعه مهما اختلف حول قيمته وقامته النقاد ومانحو الجوائز، لكن هذا لم يمنعه من أن يكتب هو عن غيره فى حفاوة وحب، غير ملتفت إلى ما يصيبه من تجاهل وجحود، وغير عابئ بما أورثه له الأدب، كتابة ورعاية، من رقة حال، وبساطة عيش، وهموم ثقيلة لا تنقضى أبداً. فبينما تراه، وهو فى هذه السن المتقدمة، يقفز فى «باصات» النقل العام آتياً من مصر الجديدة قاصداً قلب القاهرة الزاخر ضجيجاً وطحناً، تراه أيضاً منكباً على مكتبه، الأحلام فى رأسه والقلم فى يده والسطور البيضاء تسكنها الحروف أمامه، فيبدو لك راهباً مخلصاً للسرد والحكى والإمتاع والمؤانسة، وللجمال والمعنى، والإصرار الذى لا يتراخى على الإضافة والتجويد والتحقق، بكل ما أوتى من استطاعة وموهبة.

هذا الأديب يرقد مريضاً الآن وقرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب بشأن علاجه فى الخارج لم يفعّل، وبُح صوت الأدباء والمثقفين من أجل أن تتحمل الدولة نفقات علاجه كاملة، فهو فقير لا يملك من حطام الدينا شيئاً، لكن لا حياة لمن تنادى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon