ثورة يناير وميراث يوليو
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

ثورة يناير وميراث يوليو

ثورة يناير وميراث يوليو

 لبنان اليوم -

ثورة يناير وميراث يوليو

عمار علي حسن

كانت حركة الضباط المصريين الأحرار فى يوليو عام 1952 ثورة لكل العرب، إذ فتحت نوافذهم على الاستقلال، وصنعت لهم إطاراً سياسياً لعقدين آخرين من الزمن الزاهر، فتجاوزت بهذا الجدل حول ما إذا كانت «ثورة» أم «انقلاباً» أم «انقلاباً ثورياً»، لكنها حملت فى طموحها المندفع بذور انقضائها السريع.

وللوهلة الأولى لا يستطيع أحد أن ينكر أن الثورة أحدثت تحولات اجتماعية فارقة فى مصر، أعيدت على إثرها صياغة التركيبة الطبقية، وعناصر البيروقراطية، ونشأت فئة من التكنوقراط الجدد، فى ظل اتجاه إلى تعميق التصنيع وزيادة الغلة الزراعية وتنظيمها عبر مشروع السد العالى العملاق، بالتزامن مع بناء ركائز أخرى للقوة، منها العسكرى والعلمى.

وليس بوسع أحد أن يتجاهل أن ضباط يوليو تمكنوا من نيل إعجاب الغالبية الساحقة من الجماهير، فى إقدامهم على تلك الخطوة الشجاعة التى جبنت وقتها قوى أكبر منهم بكثير أن تقوم بها، وفى نبل الشعارات العامة التى رفعوها فى بداية الطريق، وفى تجرد القيادة السياسية ونزاهتها وطهارة يدها ووطنيتها وخيالها السياسى الطموح، الذى أراد مصر مستقلة لا تابعة، حرة لا مستعمرة، صاحبة دور إقليمى وعالمى لا منكفئة على ذاتها فى انعزال ممقوت.

إلا أن هذا «العدل الاجتماعى» النسبى، وذلك الدور الخارجى الكبير تمت مقايضته بالحرية السياسية، أو الديمقراطية، أو «العدل السياسى» بجوار «العدل الاجتماعى»، وهى مسألة ثبت خطؤها التاريخى، وقادت فى خاتمة المطاف إلى إزاحة ما حققته «الثورة» من عدل بقرار فوقى سريع، تم اتخاذه بعد رحيل عبدالناصر بأربع سنوات فحسب، وهو قرار الانفتاح الاقتصادى، الذى بدا الآن «حقاً أريد به باطل»، فأدى بعد سنوات من تطبيقه إلى إلقاء مصر فى فلك التبعية الاقتصادية الكاملة، والتبعية السياسية الجزئية.

وقبل اندلاع ثورة 25 يناير العظيمة بدت الإنجازات الاجتماعية الكبيرة والقومية المخلصة الطموحة لثورة يوليو تذوى ويختنق زخمها الثقافى الفياض مع اتساع رقعة التهميش الطبقى وانحسار الدور الخارجى أو انكساره وصعود فكر الاستهلاك وقيمه المفرطة فى الأنانية وتقديم المعدة على الدماغ والشهوة على الكرامة، وشيوع حالة من الميوعة والترهل والفساد لتصيب المؤسسات بمختلف ألوانها واهتماماتها وتفاوت تواريخ نشأتها وأهميتها وموقعها من عمليات التفاعل الاجتماعى والسياسى والنشاط الاقتصادى والمالى والرؤى الثقافية والتصورات والاعتقادات الدينية، وتصبح هذه المؤسسات، التى تمثل جسم الدولة، فى خاتمة المطاف، لا تعدو عن كونها «تكايا»، لمن يعتلونها من كبار الموظفين، الذين حلوا بأعجوبة محل «الباشوات» القدامى، بل إنهم «سوبر باشاوات»، لأنهم ينهبون الكثير من دون بذل أى جهد، ولا حيازة أى جدارة.

لم يبقَ من ثورة يوليو سوى «ميراث الاستبداد»، الذى دفع المصريون ثمناً غالياً من أجل القضاء عليه من خلال حركتهم الفتية الرامية إلى الإصلاح السياسى، المفعمة بحنين جارف إلى زمن الليبرالية المصرية. ولتحويل طاقة الحنين إلى حقيقة جلية يبذل قادة الإصلاح جهداً فائقاً من أجل علاج الخوف التاريخى الذى بثته أجهزة الأمن والاستخبارات فى الخمسينات والستينات فى قلوب المصريين. وعلى التوازى يبذل المؤرخون ما فى وسعهم فى سبيل إعادة الاعتبار لتاريخ ما قبل الثورة، التى أطلق عليه الضباط اسم «العهد البائد» وألصقوا به تهماً فاضحة، واعتبروه زمناً أسود، ليس فيه إلا الشر والضعف والهوان. وفى الوقت نفسه يحاول الباحثون الثقاة أن يجيبوا على تساؤل مهم مفاده: هل حققت بلادنا نعمة الاستقلال؟

الأفضل أن نطوى صفحة يوليو بحلوها ومرها، ونستعيدها فقط لنحصد العبر، والأهم الآن هو أن نطرح السؤال التالى: هل ثورة يناير الشعبية قامت لتنهى ميراث «يوليو» فى شقه الاستبدادى وتستعيده فى شقه الخاص بالدولة القائدة النازعة إلى التنمية واستقلال القرار الوطنى؟

فى الحقيقة تبدو الإجابة على هذا التساؤل معقدة رغم ما يبدو للمتعجلين من أنها يسيرة. فالطليعة الثورية نزلت لتطالب بدولة «الحرية والكرامة والعدل الاجتماعى» بمعنى أنها إن كانت قد طلبت عدلاً اجتماعياً مثلما ذهب ضباط يوليو فإنها لن تقايض هذا بالحرية أبداً. على الجانب الآخر هناك التيار الدينى الذى نظر إلى الثورة باعتبارها فرصة سانحة لتحقيق مشروعه الأممى الذى انتظره طويلاً، وسعى فى الطريق إلى الانتقام من ميراث «يوليو» الذى خاصمته. وبين الجانبين هناك المؤسسة العسكرية التى نظرت إلى الثورة باعتبارها انتفاضة ضد التوريث أبقت جوهر السلطة فى يد العسكريين ليستمروا فيها.

كل هؤلاء يعيشون فى الماضى، وإن كان «الماضى المستمر» بالمعنى اللغوى، لكن المستقبل هو بالطبع لشباب يؤمن بأن من يضحى بحريته من أجل تأمينه ضد الجوع والخوف لا يستحق أمناً ولا حرية، ويتمسك بإصلاح وتغيير جذرى فى اتجاه الحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة، ولن ينفك حتى ينال ما طلب، وما دفع من أجله ثمناً باهظاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة يناير وميراث يوليو ثورة يناير وميراث يوليو



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon