زكريا عبدالعزيز

زكريا عبدالعزيز

زكريا عبدالعزيز

 لبنان اليوم -

زكريا عبدالعزيز

عمار علي حسن

ما يجرى للقاضى البارز المستشار زكريا عبدالعزيز الآن يدعو للأسى، ليس عليه، لكن على كل من يقصده بسوء، ويخلط فيه الأوراق، وينتهز الفرص، ويحسبه على غيره عنوة، أو يستغل له خطأ وقع فيه ومن فى الناس لا يخطئ فيقول عنه ما ليس عنده، ثم الأدهى والأمر يسعى إلى عقابه بما ليس عليه برهان ناصع، ولا دليل قاطع، ويشهد كثيرون بأن سمت الرجل وتصرفاته لا تجعل ما قدحه البعض به ينطبق عليه.

وخطأ زكريا عبدالعزيز فى نظرى الوحيد هو انضمامه إلى جبهة سميت «قضاة من أجل مصر»، لكن الرجل ليس إخوانياً كما يريد البعض أن يصنفه الآن عنوة وقسراً، وحتى الإخوانى الذى لا يقتل ولا يخرب ولا يدمر ولا يحرض على كل هذا ولا يرتكب مخالفة للقانون ليس لأحد أن يتهمه إلا بأنه يعتنق فكراً مغلوطاً ويتمسك بأوهام، وهذا ليس محل عقاب إلا بقدر ما ينص القانون، وقد يصعب إثباته.

لكن انضمام عبدالعزيز إلى هذه الجبهة يُعزى إلى سوء التقدير، الذى وقع فيه كثيرون، بمن فيهم السلطة نفسها، فأيام مبارك جلست أجهزة الأمن وكبار رجال الحزب الوطنى لعقد صفقات مع الإخوان، وكان كل الموالين للسلطة ممن تعاقبوا على منصب نقيب الصحفيين مثلاً يذهبون تباعاً إلى مكتب الإرشاد طلباً لأصوات الإخوان، بل إن الإعلامى والصحفى الأشد قرباً من أجهزة الأمن فى الماضى والحاضر والأشد هجوماً على الإخوان الآن، نسق معهم ذات مرة ونجح فى اكتساب عضوية مجلس النقابة، وكانت النقابات كلها تفعل هذا تقريباً، وبعد الثورة عين المعزول محمد مرسى، الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى وزيراً للدفاع، وأشاع عنه الإخوان باطلاً بأنه إخوانى، فهل نحاسبه بإشاعاتهم، مثلما نحاسب زكريا عبدالعزيز بما أشاعوه عنه، لأن بعض من كانوا إلى جانبه وهو يناضل فى سبيل استقلال القضاء كانوا إخواناً أو متأخونين أو تأخونوا فيما بعد، وهل هذا يمنع من أن يكون المدنيون، من اليمين واليسار، هم الأشد حرصاً على تحقيق هذا الهدف، بل أليس الأولى أن يكون كبار القضاة أنفسهم مع استقلال القضاء؟

كثيرون كانوا يسيئون التقدير، والمهم أنهم الآن عرفوا من هى جماعة الإخوان؟ وماذا تريد؟ فالتزموا بمواجهتها أشد الالتزام خوفاً على الدين والوطن منها، وزكريا عبدالعزيز واحد من هؤلاء، فهو لم يذهب إلى «رابعة» ولم يظهر ليسب البلاد والعباد فى «الجزيرة مباشر مصر» أو قنوات الإخوان، ولم ينضم إلى التشكيلات التى كوّنوها بعد أن سقطوا عن الحكم. كما أن الرجل لم ينتفع منهم بشىء، لا بمنصب، ولا بمال، ولا حتى بوعد بهذا وذاك مثلما فعل غيره.

إن الخطأ الذى يُنسب إلى زكريا عبدالعزيز الآن ليس هذا، إذ إن قاصديه لا يمكنهم أن يقولوا: نعاقبه لأنه طالب ويطالب باستقلال القضاء، أو يقولون: نحن نصفّى حساباتنا القديمة معه حين كان رئيساً لنادى القضاة، لكن، ويا للغرابة، يتهمونه بأنه اقتحم مقرات أمن الدولة مع المقتحمين.

وأعتقد أن رجلاً بقامة زكريا عبدالعزيز لن يحرق ولا يدمر ولن يسرق مستندات، ولن يحرض على هذا. وقد رأيته فى الميدان طيلة أيام الثورة وفى مختلف مراحلها يطالب الشباب بالصبر والتحلى بالسلمية، ويرفض كل من يرتكب منهم عنفاً، ويعلمهم أن احترام القانون أمضى أثراً فى تحقيق الهدف من انتهاكه. سمعته مرات عديدة، وكنت معه، وهو يتحدث بهذا وفى هذا، بل إنه كان يستغل مهاراته كقاضٍ، ويحقق فى معلومات يتداولها الشباب ليبصّرهم بالحقيقة.

زكريا عبدالعزيز رجل وطنى، وقاضٍ شريف، دافع فى كل الأوقات عن كل ما اعتقد أنه الحق والصواب، رأيته للمرة الأولى فى اعتصام نادى القضاة قبل ثورة يناير بسنوات قليلة، وتابعت أقواله وأفعاله أيام الثورة نفسها، فوجدته مصرياً أصيلاً، وقاضياً عدولاً، ورجلاً غيوراً على الحق والعدل، وبسيطاً يدخل قلبك فور أن تراه وكأنك تعرفه منذ مائة عام.

زكريا عبدالعزيز سيخرج من هذه المعركة منتصراً، لأننا نعرف من هو، وكل من يروم حقاً وعدلاً وخيراً لمصر، لن يتركه، وأنا أول هؤلاء فى أى غرم، وآخرهم فى أى غنم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زكريا عبدالعزيز زكريا عبدالعزيز



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon