- يزيد الأمر سوءاً ما نصت عليه المادة «28» حينما منحت رئيس الهيئة ومجلس إدارتها الحق فى زيادة الراتب المتخذ أساساً لحساب المزايا المالية للعاملين بالنسبة التى يقدرها فى ضوء الاعتمادات المالية المتاحة. وهكذا دون تقدير لاعتبارات الظروف التى تمر بها البلاد، فما زال منطق العزبة والاغتراف من المال العام هو السائد فى عقل هذا الرجل الذى كان، وما زال، عضواً فى الجماعة السرية لجمال مبارك وأعوانه.
19- تأتى المادة «26» بمزيد من الصلاحيات لرئيس الهيئة دون رقيب أو حسيب، فهى تنص على حق رئيس الهيئة فى تحديد بدل حضور جلسات اللجان للمقررين والأعضاء من غير العاملين فى الهيئة، بما يفتح الباب لعمليات المجاملة والوساطة والمحسوبية.
20- فى المادة «30» والمادة «31» تأتى بدلات السفر لرئيس الهيئة ونائبيه ومساعديه وبقية الدرجات الوظيفية. ويهمنا هنا تسليط الضوء على مزايا رئيس الهيئة ونائبيه ومساعديه، حتى نتعرف على منطق الإدارة فى ظل ظروفنا الراهنة، فوفقاً للمادتين المشار إليهما فرئيس الهيئة يحصل على بدل سفر (المبيت والوجبات فقط) فى الليلة الواحدة داخل مصر 500 جنيه، وكذلك نوابه ومساعدوه، أما إذا كان البدل خارج مصر فهو 50 دولار فى الليلة الواحدة، وبحد أقصى 30 يوماً متصلة فى السنة الواحدة أو 60 يوماً غير متصلة (وتضاف إليها 25% فى المناطق النائية)، وهكذا فنحن إزاء ما بين 15 ألف دولار أو 30 ألف دولار فى بند واحد هو بدل السفر خلال العام الواحد. هذا بخلاف بدل الانتقالات وغيرها من المزايا المالية (لاحظوا أن بند المكافآت فى هذه الهيئة يكاد يزيد على بند الأجور الاسمية بأكثر من عشرة أضعاف).
21- فى المادة «36» ما يشكل أساساً للمساءلة والمحاسبة السياسية والأخلاقية لواضعى هذه اللائحة والمسئولين عن تطبيقها، ففى ظل البطالة التى يعانى منها ملايين الشباب فى مصر، تمنح المادة لشاغلى الوظائف العليا بدلاً نقدياً عن استخدام السيارات للعاملين على النحو التالى:
- شاغلو وظائف المستشارين والممتازة والعالية لهم استخدام سيارة ليموزين أو بدل نقدى شهرى قدره 3750 جنيهاً.
- شاغلو وظائف المدير العام سيارة ليموزين أو بدل نقدى 3125 جنيهاً شهرياً.
- شاغلو وظائف كبير إخصائيين وكبير محامين بدل نقدى 1700 جنيه شهرياً.
- كبير متابعين بدل نقدى قدره 1300 جنيه.
- باقى العاملين بالهيئة سيارات نقل جماعى أو بدل نقدى 625 جنيهاً شهرياً.
- موظفو الأمن والخدمات المعاونة بدل نقدى 435 جنيهاً شهرياً.
22- أما المادة «50» فترجع إلى ما اعتاده رؤساء الهيئات والمصالح فى عهد مبارك، حيث تنص على أن فواتير اتصالات رئيس الهيئة ونائبيه ومساعديه الهاتفية الداخلية والخارجية وفواتير نقل المعلومات الإلكترونية تسددها الهيئة من أموالها العامة، هكذا بالمطلق دون أن تحدد أن ذلك مرهون بساعات العمل فى الهيئة أو أن تكون هذه الاتصالات مرتبطة بالعمل ذاته وليست شخصية، وهناك إحصاءات تشير إلى أن تكاليف هذه الفواتير تربو على 60 ألف جنيه فى العام الواحد.
23- كما نصت المادة «52» على حق رئيس الهيئة أو من يفوضه فى ندب العامل إلى وظيفة أخرى فى نفس مستواها، أو فى وظيفة تعلوها مباشرة داخل الهيئة أو خارجها، لمدة سنة قابلة للتجديد بحد أقصى ثلاث سنوات، ويجوز تجاوزها بقرار من مجلس إدارة الهيئة، وهى سلاح ذو حدين، فقد تكون وسيلة للمحسوبية والفساد، وقد تكون وسيلة للانتقام من العامل.
24- أما المادة «60» فقد جعلت من قرارات لجنة شئون العاملين المتعلقة بالتعيين أو النقل أو الترقيات مجرد توصيات لرئيس الهيئة أن يعتمدها أو يطلب تغييرها، مما جعل حياة ومستقبل العاملين فى يد فرد واحد دون رقيب أو حسيب.
وهناك الكثير من المواد الفجة والمتعسفة التى تؤكد أن العقلية التى كانت سائدة أيام حكم مبارك لا تزال قائمة، وقد آن الأوان لمراجعة هذه اللوائح والقوانين والتشريعات إن كانت هناك جدية فى محاربة الفساد والتقدم على طريق التنمية والعدل الاجتماعى.