عمار علي حسن
أواصل هنا نشر الرسالة التى وردتنى من الدكتور علاء رشدى، المدرس بقسم الإنتاج النباتى، كلية الزراعة، جامعة دمنهور، والتى تتطرق إلى موضوع مهم، وتكشف معلومات خطيرة وتقدم مقترحات جيدة، حين يقول:
«من هو أكثر فساداً، حيث يقومون بسرقة كامل كمية القمح الموردة لهم من هيئة السلع ويتم استبداله بأى نوع آخر ردىء من القمح لطحنه وتوريد دقيقه. أما هذا القمح الذى تمت سرقته من قوت الشعب، فإما يُباع للمطاحن الخاصة الأخرى التى تنتج دقيق 72%، والتى يتصف أصحابها أيضاً بعدم الضمير، بأسعار بخسة تقل عن أسعار القمح بالسوق بحوالى 500 جنيه للطن، وإما أن يقوم صاحب المطحن الــ82% بإنشاء مطحن آخر خاص بإنتاج الدقيق 72%، حيث يقوم بتحويل القمح المسروق إليه ويحقق من وراء ذلك مكاسب خيالية توازى فى مكاسبها تجارة المخدرات، حيث إن بند تكاليف شراء القمح عنده تساوى «صفر»، وبالتالى فإنه على مقدرة أن يبيع الدقيق بأسعار لا يمكن لأحد من أصحاب المطاحن الخاصة الأخرى أن يجاريها، والنتيجة العامة هى فساد واضطراب شديدان فى قطاع تجارة القمح والدقيق، خاصة للشرفاء منهم، وهذا بالطبع يؤثر على الوضع الاقتصادى لمصر، نتيجة لتأثر هذا القطاع الاستراتيجى.
ومن الطبيعى أيضاً أن تتم المراقبة على نوعية الدقيق المنتج من تلك المطاحن، ولكن من العجيب أن تلك المطاحن هى التى تقوم بإرسال عينات من الدقيق المنتج للمعامل ليتم فحصها وتحديد صلاحيتها، وطبعاً نتائج تحليل تلك العينات معروفة.
إن المنظومة بالصورة التى عرضتها يعتريها الكثير من العوار الذى يشجع منعدمى الضمير على التلاعب بقوت المصريين غير عابئين إلا بتحقيق حلم الثراء السريع وبملء بطونهم بالمال الحرام، إضافة إلى أن هذا الفساد يضر أيما ضرر بشرفاء هذا القطاع المهم -وإن قل عددهم- الذين يجب أن تهتم بهم الدولة وتوفر لهم البيئة الصحيحة للعمل والكسب الحلال حتى لا يضطروا نتيجة لهذه الحرب القذرة أن يستسلموا وينزلقوا فى مستنقع الفساد. كما أنه بإصلاح هذا الخلل سيتم توفير الملايين للحكومة والتى كانت توجهها إلى استيراد القمح من الخارج لإنتاج رغيف الخبز المدعم.
لقد عرضت فيما سبق المشكلة بصورة مختصرة وهى مشكلة قائمة، ولقد استشرت بعدما قامت الحكومة متمثلة فى وزارة التموين بهدم أحد أركان الفساد بتلك المنظومة عن طريق منع عمل مناقصات لتوريد الدقيق المدعم للمخابز. وكذلك الحال فإن لكل مشكلة حلاً، وبالسؤال والتفكير وجدت أنه يجب أن تعمل الحكومة على زيادة عدد صوامعها على مستوى محافظات الجمهورية حتى يكون تحرك شحنات القمح فى حدود كل محافظة ولا يمتد إلى المحافظات الأخرى، وكذلك يجب تفعيل وجود لجان على الطرق لمراقبة حركة شحنات القمح مع وجوب أن يكون مع كل شحنة أوراقها الثبوتية وإلا تتم مصادرة الشاحنة والشُحنة. وكذلك يجب أن يتوجه مفتشو التموين بأنفسهم إلى تلك المطاحن لأخذ عينات الدقيق المنتج من مراحل الطحن المختلفة، وكذلك من صوامع تخزين الدقيق، حتى يتم التمكن من الوقوف بالفعل على مدى صلاحية الدقيق المنتج من حيث نسبة الاستخلاص ونسبة الرطوبة.
وأخيراً أود أن أنوه إلى سعادتى بتصريح رئيس الوزراء منذ بضعة أيام بأن هيبة الدولة عادت وأن الدولة ستتصدى لمن يأكل قوت الشعب ويتاجر بالسوق السوداء، وخاصة مافيا السوق السوداء وأن لا أحد فوق القانون.. فأتمنى أن أرى تنفيذ تلك المقولة على أرض «الواقع» بخصوص تلك المشكلة -على سبيل المثال- حتى تكتمل سعادتى».