مشتركات بين السادات والإخوان 13

مشتركات بين السادات والإخوان (1-3)

مشتركات بين السادات والإخوان (1-3)

 لبنان اليوم -

مشتركات بين السادات والإخوان 13

عمار علي حسن

فى أنظمة الحكم الشمولية والمستبدة يلعب النسق العقيدى للقائد السياسى دوراً مهماً فى تحديد المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى ستسلكها الدولة، نظراً للسلطات الواسعة التى تكون فى يده. وهذا الأمر ينطبق على نظام الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، الذى كان يمسك بيده الجزء الأكبر والأهم من خيوط اللعبة، وراح يعززه باستمرار.

لهذا يمكن أن يكون للمعتقدات والتصورات السياسية للسادات، النابعة من تنشئته الاجتماعية وتجربته الحياتية وخبرته العملية، جنباً إلى جنب مع ما يترتب على جيناته الوراثية من سلوكيات وتصرفات، دور ملموس فى تحديد طبيعة علاقته بجماعة الإخوان، علاوة على الظروف السياسية التى كانت قائمة وقتها، وهو ما يمكن شرحه فى النقاط التالية:

1- التحايل: فالإخوان يؤمنون أشد الإيمان بالتحايل، ويتمثلونه ويطبقونه فى الواقع المعيش، وله عندهم تبرير فقهى وتصنيف مرحلى يسمونه «مرحلة الصبر» التى تقتضى منهم أن يتصرفوا بتودد شديد ويتسللوا بطرق ناعمة إلى أعطاف المجتمع وإلى مؤسسات الدولة، فإن قويت شوكتهم بحيازة ركائز قوة راسخة من المال والرجال، غيروا قواعد اللعبة، وتصرفوا على النقيض مما سبق، فيتحول التودد إلى غطرسة، والصبر على الآخرين إلى إكراه، ويسمون هذا «مرحلة التمكن». وفى المرحلة الأولى لا مانع لدى الإخوان أن يتحالفوا مع أى طرف ما داموا سيخرجون منهم بمدد يزيد من قوة جماعتهم ويقربها من تحقيق هدفها وهو حيازة السلطة فى كل البلدان سعياً للوصول إلى ما يسمونها «أستاذية العالم».

والسادات كان بارعاً فى التحايل، وهو ما ظهر فى كثير من المواقف، مثلما فعل ليلة قيام ثورة يوليو 1952 حين حرص على دخول السينما هو وزوجته واحتفظ بالتذكرتين فإن فشلت محاولة الضباط يكون هو فى مأمن، ويثبت لجهة التحقيق أنه لم يكن معهم، ومثلما فعل فى التخلص من خصومه فيما سماها «ثورة التصحيح» فى مايو 1971، حين أملى لهم ثم أخذهم بشدة، لينفرد بحكم البلاد، بعد أن كانوا يظنون أنهم سيحكمون من خلاله، وأنه سيكون لعبة فى أيديهم، وكذلك مثل خطة الخداع التى سبقت حرب أكتوبر 1973، التى اتسمت بالكتمان والتحايل والدهاء إلى حد بعيد.

2- الصبغة الدينية: فالسادات صبغ نظامه بصبغة دينية، بل امتد هذا إلى شخصه، وأعلن عن عزمه على تكوين دولة «العلم والإيمان»، وحرص على أن يبدو فى نظر الناس مقرباً من علماء الدين ويحترم المؤسسات التى تقوم على علومه، ومزج خطبه السياسية بكثير من آيات القرآن، وعمد إلى التركيز على الأفكار الأخلاقية الدينية وعلاقتها بالقومية المصرية، لا العربية، بل ودمجهما معاً، واستخدم تلك التيمات، كى يدعم بها النماذج التقليدية للسلطة والنظام الاجتماعى، وكان جزء من هذه الاستراتيجية هو تصويره لذاته كشخصية تقية ورعة، حيث أصبح يطلق على نفسه الرئيس المؤمن، وغدا يشارك بانتظام فى صلاة الجمعة، التى كان التليفزيون الرسمى للدولة يبثها، أيضاً، تم تصميم سياسات لنشر مظاهر التدين بين الشعب، ومعها الاعتقاد بأن الرعية المؤمنة هى التى تطيع راعيها ووليها.

ومن دون شك فإن هذه الصبغة تلاقت مع توجهات جماعة الإخوان، التى توظف الدين فى خدمة مشروعها السياسى، ولم تنظر فى البداية إلى الأمر على أن النظام ينافسها على استعمال الدين فى المجال العام، بل تعاملت مع هذا على أنه فرصة جيدة لتديين هذا المجال، ومن ثم تمهيد النفوس والعقول أمام مشروعها.

واستغل الإخوان هزيمة يونيو 1967 وهاجموا بضراوة نظام عبدالناصر، والتجربة الاشتراكية، وعزوا الهزيمة إلى «الابتعاد عن الدين» ورأوا أن تبنى الأيديولوجية الإسلامية هو الطريق الأمثل لمواجهة دولة دينية مثل إسرائيل.

ودعا مسئولون فى الحكومة إلى الدولة الدينية، وراح نائب رئيس الجمهورية السيد حسين الشافعى يهاجم الفكرة الفرعونية، وينادى بالانحياز التام والنهائى إلى «الأمة الإسلامية»، وتم الضغط على المنابر الثلاثة التى أطلقها السادات (اليمين، الوسط، اليسار) لتضع ضمن برامجها التى خاضت بها انتخابات البرلمان 1976 قضية «تطبيق الشريعة الإسلامية».

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشتركات بين السادات والإخوان 13 مشتركات بين السادات والإخوان 13



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon