كلية القمة الحقيقية

كلية القمة الحقيقية

كلية القمة الحقيقية

 لبنان اليوم -

كلية القمة الحقيقية

بقلم : عمار علي حسن

«كن ممتازاً فى كلية عادية، ولا تكن عادياً فى كلية ممتازة» هكذا كان يقول لنا مدرس اللغة العربية فى طابور الصباح بمدرسة المنيا الثانوية العسكرية. ورغم أن النصيحة تنطوى على أمر إيجابى وهو حث الطالب على اختيار الكلية التى سيتفوق فيها، بغض النظر عن مجموعه ومكانه على سلم درجات مكتب التنسيق، فإنها تحمل مغالطة عميقة فى أثرها السلبى حين تقسم الكليات إلى «ممتازة» و«عادية».

وقد ابتدع مجتمعنا بدعة لا مثيل لها فى العالم حين جعل ابتداء لدراسة العلوم التطبيقية أو البحتة أفضلية على دراسة العلوم الإنسانية، ثم حاول أن يربط التعليم بسوق العمل، وكأننا نتعلم لنعمل فقط، مع أننا يجب أن نتعلم لنتحضر، ونتعلم لنعرف، ونتعلم لنتعايش، ثم جعل من العائد المادى للخريج، أو الوضع الاجتماعى حتى لو كان مصطنعاً زائفاً قائماً على الاستغلال، معياراً لتقسيم الكليات إلى قمة وقاع، بغض النظر عن القيمة الأصيلة التى يضيفها هذا الخريج إلى الدولة والمجتمع.

وهذا التقسيم جعل من كليتى الطب والاقتصاد والعلوم السياسية، التى تخرج كاتب المقال فيها، وكذلك كليتا الهندسة والإعلام من كليات القمة، وجعل من سائر الكليات موزعة بين وضع متوسط وآخر متدنٍ، مع أن بعضها نحن فى حاجة أشد لديه لو كانت لدينا برامج حقيقية للتقدم العلمى والتنمية الشاملة، وأشير هنا بالتحديد إلى كليتَى الزراعة والعلوم.

ومع بلد عاش طيلة حياته يشار إليه على أنه «بلد زراعى» مثل مصر، التى يجب فى الوقت نفسه أن تتقدم فى مسار الصناعة ويكون لديها ما تسهم به فى التجارة العالمية وفى مجال الخدمات، فلا بد من الاهتمام بالزراعة وما يرتبط بها من صناعات، خاصة أننا نستورد ما يربو على ستين فى المائة من احتياجاتنا الغذائية.

من هنا فأنا ممن يعتبرون كلية الزراعة هى «كلية القمة الحقيقية» فى مصر إذا سلمت بمنطق تقسيم الكليات إلى قمة وقاع، أما إن لم أُسلِّم، وهذا بالفعل موقفى القاطع، فيكفى أن أقول إنها كلية مهمة جداً، ونافعة جداً، والدراسة فيها مختلفة بشكل لافت للانتباه. وكم أضنانى الكاتب المحترم الأستاذ أحمد طه النقر حين كتب مقالاً قبل سنوات يعتبر فيه كلية الزراعة هى أعلى وأهم الكليات الجامعية، ويبدى تأسفه من أن أحداً من طلاب المرحلة الأولى، حسب تنسيق الثانوية العامة، لم يتقدم لكليات الزراعة فى مختلف الجامعات المصرية.

كم نحتاج بشدة إلى خريجين متمكنين فى المجالات التى تدرسها كليات الزرعة فى مختلف أقسامها إن كنا نريد فعلاً أن نطور حياتنا إلى الأفضل، لا سيما مجال الكيمياء الحيوية النباتية والحيوانية، والصناعات الغذائية، ناهيك عن أساليب الزراعة الحديثة، وطرق الرى الجديدة، وطريقة تنمية الثروة الحيوانية.. إلخ.

ووقت أن كانت مصر ملتفتة على هذا المسار المهم كان المهندسون الزراعيون لهم مكانتهم ودورهم، لكن إهمال الزراعة انعكس على صورة خريجيها، رغم أهمية ما يدرسون وما هم متدربون عليه ومدركون له وفاهمون فيه، وهو وضع مغلوط أن له أن يختفى من حياتنا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلية القمة الحقيقية كلية القمة الحقيقية



GMT 09:11 2022 السبت ,02 تموز / يوليو

«باريس» فى الأدب العربى الحديث

GMT 00:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 06:32 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

الكتابة تحت حد السيف

GMT 05:12 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

سيادة «القومندان» عارف أبوالعُرِّيف

GMT 13:33 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

التعليم والتطرف والإرهاب العرض والمرض والعلاج

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon