أقـاصيـص قصيرة جداً

أقـاصيـص قصيرة جداً

أقـاصيـص قصيرة جداً

 لبنان اليوم -

أقـاصيـص قصيرة جداً

بقلم : عمار علي حسن

رغيف

قال لها مداعباً، وهو ينظر فى عينيها بامتنان:

- أنتِ طيبة كرغيف خبز.

ردت مازحة كعهدها:

- رغيف! لمَ لا تكون فطيرة بالزبد والسكر، أم أنت بخيل؟

أمسك يديها، وزاد من التحديق فى وجهها الرائق الجميل، وقال:

- الرغيف أكثر طيبة وأصالة، والحاجة إليه أعمق وأوسع.

ومن يومها كلما مرت على بائع الخبز، وقفت دقائق أمامه تتأمل الأرغفة فى حال من التبتل والفرح.

غُربة

ما إن يدخل غرفته فى أى فندق حتى يجد الأرق ممدداً على السرير، يحتله تماماً، ويخرج له لسانه، بينما تتسع مقلتاه الجاحظتان حتى تبتلعاه، فيصرخ هو من أعماقه:

- أهلاً بغربتى.

افتتان

تأنّقت الجميلة على خير صورة، فتابعتها العيون الساخنة فى الشارع الضيّق، وراحت تُجرّدها من ردائها باهظ الثمن، وتغطيها بالنشوة والافتتان.

طعام

كلما رمى حجراً فى النهر صار سمكة، تلمع فى رحاب الشمس العفية. ملأ حقيبته أحجاراً، وعاد إلى زوجته لتُجهز وجبة العشاء.

حين ألقت الأحجار فى الزيت المغلى صار ماءً، وراحت الأسماك تتقافز منه، وتتساقط على أرضية المطبخ النظيفة، وتزحف نحو أدراج صارت قوارب صيد مشدودة إلى شباك متينة، يثقلها جوع أولاده، الذين ينتظرون على طاولة لم يوضع عليها طعام منذ أيام.

انتظار

لم ينقطع الرنين، لكن المكالمة التى ينتظرها لم تأتِ، فجمع كل الأرقام التى سجلها هاتفه، وكوّن منها الرقم الذى لا تريد صاحبته أن تهاتفه منذ فراقهما، ووعدها بأن تتصل به فى يوم لم تُحدده.

ظلام

كلما ضغط زر الكهرباء صرخت فى وجهه الثُريّا:

- لن يرحل الظلام حتى تضاء نفسك بنور المحبة.

عزاء

مد يده إلى الداخلين إلى دار المناسبات الملحقة بالمسجد القديم وهم يعزّونه فى وفاة والده. كانوا يشكلون طابوراً طويلاً من رجال ونساء يتوكأون على عصيهم المعقوفة، وعيونهم تحط عند أقدامهم من فرط انحناء ظهورهم.

وكان عليه وهو يمد يده أن يحصى عدد العزاءات التى عليه أن يحضرها عما قريب، ليرد الجميل لأصحابها.

سباحة

جلسوا ينصتون إلى سيمفونية «البحر» التى سمعوا أن براعة من ألفها فاقت الحد. أغمضوا عيونهم، وطوحوا رؤوسهم طرباً، وفى منتصفها راحوا يخلعون ملابسهم، سابحين فوق أنغام تسرى بين الماء والسماء.

لعبة

طلب نقوداً ليشترى لعبة كأقرانه، لكن الأب وضع يده فى جيبه، وسحبه أمامه فارغاً، وقال:

- لو كان معى ما حرمتك من شىء.

شرد الولد قليلاً، والحزن يأكله، ثم انتفض، وصعد إلى سطح البيت، والتقط بوصات ذرة يابسات، قشرها وصنع مركباً. ومزق بعض الملابس البالية التى ألقتها أمه فوق خن الدجاج، وربط مركبه بخيوط ملونة، ثم أخذ من ريش الديك الذى ذُبح قبل أيام، وثبّته فوق المركب.

هبط وجرى نحو البركة التى يلعب عندها الأولاد بألعاب اشتروها، فلما وضع مركبه فى الماء، أخذ عيونهم، فتركوا ما معهم ملقى على الأرض، وراحوا يتابعون المركب البديع، وهو يتراقص فوق الماء الهادئ.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقـاصيـص قصيرة جداً أقـاصيـص قصيرة جداً



GMT 22:28 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

GMT 22:27 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

الامتحان الحقيقي في سوريا...

GMT 21:35 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

قصة مملّة ورواية باهتة

GMT 21:34 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إرهاب سيدني وتدمر... «عادْ نِحنا إلّا بِدينا»

GMT 21:33 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التطرف وباء «القرية الكونية»

GMT 21:32 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن... تحدي هندسة التنازع الإقليمي

GMT 21:31 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

وداع «الست» على موسيقى «ألف ليلة»

GMT 21:30 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

تسويات «إلا حتة»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:47 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء
 لبنان اليوم - مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء

GMT 00:46 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

وصفة طبيعية لتحصلي على أكواع بيضاء

GMT 22:53 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

الشهري يستقيل من تدريب فريق النهضة السعودي

GMT 22:47 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

جورج قرداحى يسلم جائزة "اسم من مصر" للفائز

GMT 07:07 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

كارول سماحة تنتهي من تصوير "وحشاني بلدي"

GMT 15:56 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

الموضة الرائجة للبلوزات خلال موسم ربيع وصيف 2022

GMT 10:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

وزير مصري سابق يؤكّد أنّ أعراض "كورونا" تختلف بحسب الطقس

GMT 10:35 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين وإصابة 300 في إعصار عنيف ضرب تايوان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon