بقلم : عمار علي حسن
(1) يعد سعى بعض علماء الأزهر لتكوين أمانة للتقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية (السنى، الشيعى، الإباضى) خطوة مهمة، من شأنها أن تساهم، ولو بقدر قليل، فى وأد الفتنة السياسية الحالية التى تلبس لبوساً دينياً.
إن هذا المسلك ليس جديداً على بعض الأزهريين، فالشيخ محمود شلتوت سبق أن تبنى مثل هذه المبادرات، وقطع فيها شوطاً لكن جهده توقف، وإن كان الأزهر لا يزال يدرس المذهب الاثنى عشرى، من ثم فإن القائمين على بذل جهد التقريب هذا عليهم أن ينسقوا مع مشيخة الأزهر، حتى لا توضع العراقيل أمامهم، فإذا رفض الأزهر رسمياً مباركة هذه الخطوة فليس معنى هذا التخلى عنها وهجرها، لكن يجب الانفتاح على المجتمع الثقافى والسياسى لمساندتها. وعموما فإن كل من يرفض هذا الطريق، هو يعمل، بقصد أو بغير قصد، فى سبيل خدمة من يريدون أن يفتحوا باب الصراع الدينى فى المنطقة من أجل تدميرها.
(2) كانت استقالة القيادى الإخوانى محمد كمال من كل المناصب الإدارية داخل الجماعة أمراً متوقعاً ومظهراً من مظاهر التصدعات التى يتعرض لها التنظيم منذ فترة نتيجة صراع جبهات متعددة لها توجهات متباينة.
فالجماعة تعانى من صراعات جيلية بين الشباب والشيوخ، وانقسامات سياسية بين أنصار التصعيد ضد السلطة فى مصر وبين من ينادون بالتهدئة ولو تكتيكياً، كما أن هناك صراعاً بين من يريد الجماعة مستقلة وذات رأى وسيادة وبين من يجعلها تابعة لتوجهات قطر وتركيا والغرب، علاوة على الصراعات التقليدية القديمة حول المسائل الإدارية والمالية بين الأعضاء داخل مصر وخارجها.
ومع كل هذا فإن طريقة العمل السرى والكتمان الذى يُعد سمة أساسية فى الإخوان يحول دون ظهور خلافات أشد وأعمق أمام الرأى العام العالمى، وإن كانت الجماعة قد اعتادت طيلة تاريخها على مثل تلك الأحداث. وبالنسبة لـ«كمال» فإنه التزم الصمت ولم يفضح بعض أسرار الجماعة، سيتجاوز الإخوان عما فعل ويقومون بتعيين شخص آخر بدلاً منه، أما إذا تحدث عما يشين ستقوم الجماعة بمهاجمته وتشويه صورته وتدعى بأنه خان الأمانة أو تم شراؤه من جهات أخرى، وهذا نهج تتبعه مع كل من يخالف قياداتها.
(3) قد يكون الهدف الأساسى للقاء وفد من حزب النور السلفى مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر هو أن تظل فرص دعاة وخطباء موالين للحزب قائمة فى صعود منابر المساجد. والأزهر من جانبه منفتح على جميع طوائف وتيارات المجتمع بما فيها السلفيون، خاصة بعد أن تصاعدت الرؤية السلفية فى الحياة الأزهرية منذ سبعينات القرن الماضى. علاوة على هذا فليس هناك ما يمنع من الناحية القانونية أو الدينية من لقاء حزب النور مع شيخ الأزهر، لأن الأزهر مظلة للمسلمين كافة. المهم أن يدرك الأزهر فى نهاية المطاف أن دوره ليس تكريس الرؤى التقليدية السائدة، إنما قيادة إصلاح دينى حقيقى، وهذا لن يتم إلا إذا أصلح الأزهر من نفسه أولاً.
(4) قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإزالة أو تطوير بعض الأحياء العشوائية فى القاهرة ومنها حى «تل العقارب» ينهى العالم الذى تدور فيه روايتى الأخيرة «باب رزق». لقد تجولت كثيراً فى هذه المنطقة العشوائية الخطرة وأنا أكتب روايتى، حتى أعرف العالم الذى تدور فيه عن قرب.
سيصبح هذا الحى نسياً منسياً، وقد لا يجد من يريد أن يعرف فيما بعد عن الذين عاشوا فيه سوى روايتى لتبين له جانباً من ملامح المكان، الذى كان، والبشر الذين عاشوا فيه حياة قاسية، وهى مسألة لن تتمكن الدفاتر الرسمية من تبيانها.