قصص قصيرة جـداً

قصص قصيرة جـداً

قصص قصيرة جـداً

 لبنان اليوم -

قصص قصيرة جـداً

بقلم : عمار علي حسن

مرارة

ألقى ملاعق السكر فى كوب الشاى، وتذوقه فوجده لا يزال مراً. أعاد رمى الملاعق حتى فاض الماء الأحمر، وسال على الطاولة. رفع الكوب إلى شفتيه، فاقتحمت المرارة ريقه. رمى ملاعق أخرى حتى ابيضّ الكوب تماماً. عندها أيقن أن المرارة ذهبت، لكنه وجدها قد اشتدت.

ترك كل شىء، وأسند ظهره إلى المقعد، وشرد فى كل ما جرى له، حبيبته التى فارقته بالأمس، وصاحب العمل الذى طرده، وشقيقه الذى أبلغه أن المرض اللعين قد حل بجسده، وصاحبة الشقة التى طلبت منه أن يُخليها لعجزه عن دفع الإيجار.

غفران

حين سجد تساقطت ذنوبه تحت جبهته وكفيه، أشواكاً من لهيب، وراحت توخزه وتلسعه، لكن دموعه الغزيرة التى انهمرت وهو يطلب الغفران فى خشوع، لانت لها الأشواك، وانطفأت النار، واستوى كل شىء تحته هيناً ليناً.

ثرثرة

كانوا عشرة يجلسون تحت شجرة وارفة الظلال فى النادى يتبادلون الابتسامات والكلمات، ويخوضون فى كل شىء.

جابوا الدنيا من مكانهم، بدأوا بالكرة المحلية، فالعالمية، وانزلقوا إلى حديث فى السياسة، وبعدها الأحوال الاقتصادية الصعبة، فالجرائم الغريبة التى شهدتها المدينة مؤخراً، وما عرضته البرامج المتلفزة بالأمس وقبله.

عادوا مرة أخرى إلى الكرة، ليذهبوا فى حديث هامس عن فنون النكاح، ولم يلبثوا أن انتقلوا إلى السياسة من جديد، وهكذا حتى تعبوا، فقاموا بعد أن تواعدوا على موعد آخر لمواصلة النقاش.

خطر

ما إن جلست إلى جانبه فى السيارة الجديدة حتى سألنى:

- ألا تعرفنى؟

أجبته على الفور:

- أنت السائق الذى أرسلته المؤسسة ليقلنى إلى المؤتمر.

ضحك وسأل من جديد:

- ألا تشاهد أفلام «الأكشن»؟

أجبته دون أن أعرف لمَ يسحبنى إلى هذه الزاوية:

- أحياناً.. لكن لا أفضلها.

قهقه وهو يضغط على بدال البنزين، فانطلقت السيارة فى سرعة جنونية، وقال:

- أنا واحد من اثنين فى هذا البلد، يستعين بهما المخرجون، ليصوروا مشاهد مطاردة السيارات وحوادثها المروعة.

ورأيت الطريق يضيق، بينما أولادى يقفون على جانبيه، يلوحون لى، وفى عيونهم أسى ودموع.

زيارة

جاءتهم الغريبة فجأة. ما إن رأها الأولاد حتى فزعوا، من سحنتها الكئيبة، وهندامها غير المرتب، وعينيها اللتين لا تستقران فى عينى أحد.

دخلوا إلى حجراتهم مسرعين، تاركين لها صالة البيت، مع أمهم، التى قالت لهم إنها قريبة لهم وستمكث أياماً فى غيابها. تداولوا الحديث، فأكدوا أن غياب الأم، الذى اعتبروه استراحة من النكد اليومى، سيزيدهم نكداً مع هذه الكئيبة التى لا يعرفون لها اسماً.

فى اليوم الثانى وجدوها تنظف البيت وتطبخ وتغسل ملابسهم وهى تغنى وترقص، ثم سألتهم عن ألعابهم وشاركتهم جزلانة. فى اليوم الثالث نادوها بالخالة، واتفقوا على أن يطلبوا من أمهم أن تبقى معهم دائماً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصص قصيرة جـداً قصص قصيرة جـداً



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon