أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

 لبنان اليوم -

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل

عمار علي حسن

أديب كبير وإنسان خلوق رائع، عبر كثيرون على كفيه وهو متطامن راض، فوق شفتيه ابتسامة رائقة، وفى قلبه امتنان عميم. يعمل فى صمت، وينتج بدأب، ولا ينتظر شيئاً من أحد، ويمضى مستغنياً بزهده، ومكتفياً بسطوره الفياضة بالجمال والمعانى. وفى هذه الأيام يواجه مرضاً عاتياً فى صبر، ولا يجد عناية كافية وفعلية من الدولة رغم أن كثيرين نادوها وخاطبوها بأن تهتم به كما فعلت مع غيره، بل مع من هم أقل منه.

استقبلَنا فى ميعة الصبا، ونحن نخطو على مهل نحو غاياتنا النبيلة، كان يجلس فى صدارتنا برأسه الذى يشتعل شيباً، يلملم أطرافنا البعيدة فى مكتب وسيع بجريدة المساء، وينصت إلى تباشيرنا بإمعان وجدية ظاهرة. يغمض عينيه حتى يقدح ذهنه، ويلتقط كل شىء من أفواهنا، وكأننا قد استوينا على عروش الأدب. وما إن ينتهى الواحد منا مما ألقاه، شعراً كان أو قصة أو جزءا من رواية، حتى يطلب من الآخرين أن يدلوا بدلوهم فيما سمعوه، وفهموه ووعوه. فإن أجاد أحدنا فى النقد، باركه وربت كتفه، وإن تجاوز تجريحاً وتقبيحاً زجره، فكان بذلك يعلمنا، فى يسر وسلاسة ومن دون خشونة وفظاظة ولا ادعاء، كيف يمكن أن يكون النقد مدفوعاً بالمحبة قدر اتكائه على العدل والاستقامة العلمية، والعمق والشمول.

أتذكر جيداً ذلك اليوم من شهر فبراير 1990، الذى حضرت ندوته للمرة الأولى، كنت طالباً بكلية الضباط الاحتياط، وما إن نزلت من «الباص الميرى» أمام محطة سكك حديد مصر، حتى هرعت إلى مسجد الفتح، فخلعت ملابسى العسكرية وارتديت زياً مدنياً كان مستقراً فى قعر حقيبتى، وهممت فى شارع الجمهورية، ومنه إلى شارع زكريا أحمد حيث «جريدة المساء». على الباب كان موظفو الأمن يتركوننا نصعد إليه، حين نقول لهم: ندوة الأستاذ محمد جبريل.

ولمَّا ترك موقعه كرئيس للقسم الأدبى فى الجريدة، انتقلت الندوة إلى مبنى نقابة الصحفيين القديم ذى الحديقة الساجية والمقاعد الخشبية البسيطة. انقطعت عنها سنين، وعدت ذات مساء، ودخلت على مهل فوجدته جالساً بين أصدقائه الصغار، ينصت إليهم من جديد. بعض القدامى كان لا يزال موجوداً، وغابت الكثرة، وحل محلها وافدون جدد، جاءوا من الشوارع الخلفية يبحثون عن مكان وسط الزحام الرهيب.

هكذا ظل الأستاذ جبريل مزاوجاً بين رغبته الطاغية فى الكتابة، والتى أثمرت عشرات الروايات والمجموعات القصصية والدراسات الأدبية، وبين حرصه على أن يسهم فى اكتشاف المواهب وتشجيعها، قدر استطاعته، وذلك فى وقت اكتفى فيه كثيرون بما يكتبونه وكأنه الدر المكنون، وأوصدوا أبوابهم أمام الآخرين من الباحثين عن فرصة للتعلم والتحقق، وهربوا منهم، بأنانية مفرطة ووهم طاغ بأن الساحة لا يجب أن تتسع إلا لهم، وأن أى نجم يلمع فى سماء الأدب سيسحب من أضوائهم هم فيتساقطون فى بحار الظلمات.

ورغم إنتاجه الغزير، لم يلق «جبريل»، حتى هذه اللحظة ما يستحقه من نقد أكاديمى عميق وواسع ولا من جوائز تقدر جهده وإبداعه مهما اختلف حول قيمته وقامته النقاد ومانحو الجوائز، لكن هذا لم يمنعه من أن يكتب هو عن غيره فى حفاوة وحب، غير ملتفت إلى ما يصيبه من تجاهل وجحود، وغير عابئ بما أورثه له الأدب، كتابة ورعاية، من رقة حال، وبساطة عيش، وهموم ثقيلة لا تنقضى أبداً. فبينما تراه، وهو فى هذه السن المتقدمة، يقفز فى «باصات» النقل العام آتياً من مصر الجديدة قاصداً قلب القاهرة الزاخر ضجيجاً وطحناً، تراه أيضاً منكباً على مكتبه، الأحلام فى رأسه والقلم فى يده والسطور البيضاء تسكنها الحروف أمامه، فيبدو لك راهباً مخلصاً للسرد والحكى والإمتاع والمؤانسة، وللجمال والمعنى، والإصرار الذى لا يتراخى على الإضافة والتجويد والتحقق، بكل ما أوتى من استطاعة وموهبة.

هذا الأديب يرقد مريضاً الآن وقرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب بشأن علاجه فى الخارج لم يفعّل، وبُح صوت الأدباء والمثقفين من أجل أن تتحمل الدولة نفقات علاجه كاملة، فهو فقير لا يملك من حطام الدينا شيئاً، لكن لا حياة لمن تنادى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل أنقذوا الأديب الكبير محمد جبريل



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon