أولاد الخطيئة والإجرام
أخر الأخبار

أولاد الخطيئة والإجرام

أولاد الخطيئة والإجرام

 لبنان اليوم -

أولاد الخطيئة والإجرام

عمار علي حسن

شاعراً كنت أو إنساناً مجروحاً، لا يهم الآن، لكن المهم هو أن تضع يدك على ما تنساه الأغلبية الكاسحة من الناس، وهى تخطف بأيديها أوراقاً هشة لحياة عابرة، وتلقيها فوق الحقيقة الأصيلة لتغطيها ولو إلى حين، وهى تظن أنها قد نجحت فى طردها من الأذهان، بقصد ووعى، محاولة أن تنجو من آثار المواجهة.
والحقيقة أننا من صناعة الخطيئة، ألم يُطرد أبونا آدم من الجنة العليا ويهبط إلى الأرض السفلى لأنه عصى حين استسلم لوسوسة الشيطان فمد يده ليأكل من الشجرة المحرمة راغباً فى الخلود، ليكون حياً لا يموت، قيوماً لا ينام، أى يصير إلهاً؟! وهو ما كان مستحيلاً، لأن الكون لم يكن ولن يكون له سوى إله واحد، لكن آدم كما هى ذريته، كان ظلوماً جهولاً، لم يدرك فى بلهنية العيش فى الفردوس أنه مجرد عبد مخلوق.
واكتملت الخطيئة حين قتل قابيل أخاه هابيل من أجل إطفاء الشهوة فى فرج الأخت الجميلة، فمات الطيب الذى تقبّل الله قربانه، وعاش الشرير الذى رفض الله قربانه، وتزوج ونسى جريمته، وضاجع وأنجب، ومن نسله جئنا نحن جميعاً، لنكون أبناء وأحفاد القاتل الشرير، وبذا يظل الشر فى هذه الدنيا هو الأصل، والخير هو الاستثناء.
فنحن الناس جُبلنا على الفجور، ولا تدوسه إلا قلة فى طريقها إلى التقوى، والبقية تمارس عشقها للافتراس والقنص طيلة الوقت، شأنها شأن الحيوانات البرية فى الغابات. وطيلة الزمن يظل من بيننا الأسود التى تلتهم بلا رحمة، والضباع الخسيسة التى تنتظر البقايا لتلتهمها بلا تحسب، ومنا الثعالب الماكرة، والأرانب المذعورة، والنعاج المطيعة، والتيوس النطّيحة، ومنا الذئب الغادر الفاجر، والفيلة الضخمة الطيبة، والدببة البليدة، ومنا النسور الجارحة واليمام الوديع.
وإن كنا نتميز عن حيوانات الغابة بأن لنا عقولاً فإن العقل قد يذهب فى سورة الغضب، وإن كنا ندرك أن لنا تاريخاً فقد قتلنا إدراكنا هذا بإيماننا الجازم بأن هذا التاريخ يعيد نفسه، لنسقط فى فخ الدائرة الجهنمية التى ما إن تبدأ حتى تنتهى، وما إن تنتهى حتى تبدأ. وداخل إطارها المغلق بإحكام نتصارع نحن بلا هوادة على كل شىء، ونظل فى رحلة بحث دائم عن القوة والجاه، ولا يوقفنا عن هذا إلا الموت، الذى لولا إدراكنا أنه آت لا محالة، لتحولنا إلى حيوانات أشد فتكاً من الأسود والنمور والضباع والذئاب.
لهذا وزع الحصفاء وعلماء الفراسة وضباط أجهزة المخابرات البشر على سبعة حيوانات، فما إن يروا شخصاً حتى يحيلوه إلى حيوان من تلك السبعة، فيمسكوا بمفتاح سليم لمعرفة الكثير عنه، إنها الحكمة أو الرغبة أو الحاجة، لا يهم، فالكل يدرك فى لحظات الصفاء والاتساق مع الذات، أو لحظات الخطر والحرج، أن الخطيئة التى لازمت وجودنا، والجريمة التى صاحبت إنجابنا، ضالعتان فى صناعتنا من المهد إلى اللحد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولاد الخطيئة والإجرام أولاد الخطيئة والإجرام



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon