الأديب نبيل عبدالحميد

الأديب نبيل عبدالحميد

الأديب نبيل عبدالحميد

 لبنان اليوم -

الأديب نبيل عبدالحميد

عمار علي حسن

رجل وديع يغلب الصمت فيه الكلام، يكتب وينشر دون صخب، ولا ينتظر شيئاً من أحد، ولا يطلب، مكتفياً بلذة الكتابة، وممتناً لها لأنها تجعله يتمسك بأهداب الحياة، ويشعر بالسعادة، ويفتخر بأنه ينتمى إلى قبيلة الساردين.

تراه يدخل الندوات الأدبية، ويجلس فى المقاعد الخلفية، وينصت دوماً، غارساً عينيه الضيقتين فى أفواه المتكلمين، دون أن تعرف فى ملامحه المنبسطة فى رضاً ما إذا كان الكلام يعجبه أم لا، ثم يقف ويلقى نظرة شاملة على المكان، ويمضى صامتاً كما جاء وجلس.

إنه الأديب الأستاذ نبيل عبدالحميد الذى قوبل بإهمال شديد من النقاد لأعماله التى تصل إلى عشر مجموعات قصصية وسبع روايات، وكثيرون لو كانوا مكانه ولاقوا هذا التجاهل لأصيبوا بالإحباط، وكفوا عن الكتابة، وانسحبوا تماماً من المشهد الإبداعى. وكم شهد عالم الأدباء كثيرين ممن أحبطهم التجاهل فجفّ مداد أقلامهم، واختفوا غير نادمين، حاملين فى أنفسهم مرارة شديدة. ليس من بين هؤلاء نبيل عبدالحميد الذى ربما زاده التجاهل إصراراً على أن يكتب غير عابئ بما يلاقيه، أو قد يعبأ لكنه يصبر ويحتسب، حتى لو بقيت فى نفسه بعض مرارة، لكنها لا تأتى على ما لديه من هدوء وترفُّع، وهو يمضى فى سنين عمره على الموقف ذاته من النقاد ومجايليه من الكتّاب ومن لحقوا به فى عالم الإبداع الأدبى، والذين يلقون منه كل عناية وترحاب فى رحاب «نادى القصة» الذى يرأسه.

قرأت اسمه للمرة الأولى قبل سنين طويلة على قصة فى ملحق أهرام الجمعة، ومن يومها تابعت ما ينتجه، ولا أزعم أننى قرأته كله، لكن بعضه الذى يكفى لرسم ملامح التجربة الأدبية للرجل، والتى تتوقف الآن فى محطة روايته الأخيرة «ركام البحر» التى صدرت العام الفائت عن سلسلة «روايات الهلال» العريقة، وكالعادة، لحقها صمت حيال صاحبها، رغم أنها رواية مميزة إذا قيست بروايات أخرى أقل قيمة، وتثير بعض الضجيج.

ومن أسف فإن بعض الاهتمام بأعماله كان يأتى أحياناً فى ركاب تحويلها إلى أعمال درامية أو أفلام تليفزيونية، وفى هذا يقول: «لم تلقَ قصتى غزو الأرانب أى عناية أو اهتمام من قبَل القراء أو النقاد إلا بعد أن تم تحويلها إلى فيلم تليفزيونى، فبعدها بدأت الاتصالات التليفونية تنهال علىّ».

والضجيج القليل الذى أثاره نبيل عبدالحميد كان فقط حين تعرّض نادى القصة لأزمة مالية طاحنة كادت تغلقه، فوقتها وقف ليذكّر الجميع بأن جدران هذا المكان ذى الأثاث البسيط شاهدة على أمسيات أدبية ومناقشات ثقافية لكبار كتابنا، فالنادى أنشأه إحسان عبدالقدوس عام 1954، وترأسه طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف السباعى وغيرهم من الكتّاب العظام، وقد قدم للحياة الأدبية من خلال مسابقاته السنوية قمماً روائية وقصصية من بينهم محمد البساطى وأحمد الشيخ وعبدالعال الحمامصى وكمال رحيم وفؤاد قنديل، والسلسلة تطول. وفى هذا الشأن ينتقد الرجل، بوصفه رئيس نادى القصة الحالى، تبعيّته لوزارة التضامن، ويطالب وزارة الثقافة دوماً بأن توليه مزيداً من الاهتمام حتى يستطيع القيام بدوره على أكمل وجه.

أما عن كتاباته فالرواية عند نبيل عبدالحميد نابعة من الفن الذى يخلص له، وهو القصة القصيرة، فعالمه المكثف حتى روائياً، وجمله القصيرة المتتابعة، والصور المرسومة بأقل الكلمات هى خاصية أساسية لكتاباته، كما أنه يكتب عما يعرفه وعايشه وكابده، ولذا فإن شخصيات أعماله موجودة أمامنا وبيننا، وهى بسيطة كمن صوّرها أو رسم ملامحها، كما هى فى الواقع، وأضاف إليها من مخيلته، على قدر ما أسعفه الخيال.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأديب نبيل عبدالحميد الأديب نبيل عبدالحميد



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:48 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon