عمار علي حسن
هذا ليس كلاماً فى الكرة، ولا تفكيراً بالقدم، إنما هو إشارة إلى الهوة الواسعة بين كلام مسئولين فى الأهلى والزمالك واتحاد الكرة عن حبهم لمصر، وبين أفعالهم التى تعطى المصريين مثلاً سيئاً فى الوطنية، حين تفقدهم الثقة دوماً فى أن بوسعهم أن يعتمدوا على أنفسهم ولو داخل مستطيل أخضر لا يزيد عن فدانين ونصف الفدان من الأرض تقريباً، يكدح فيهما فلاح واحد، كل ضربة فأس من يديه أشرف وأنفع لمصر من جرى الصبية الأثرياء، من جيوبنا، وراء دائرة منفوخة على هواء وهوى.
ومناسبة هذا الكلام هو إصرار إدارتى الأهلى والزمالك على مدرب أجنبى، وكأن مصر فيها فائض من الدولارات، وحتى إن أتى مدرب مصرى كفء وحقق انتصارات ينظر إليه دوماً باعتباره عابراً وسقط متاع، أو فى أحسن الأحوال والأفعال مجرد قنطرة واصلة بين اثنين من الخواجات، رغم أن بعضهم، مثل هذا «الجاريدو» أقل كفاءة من أى مساعد مدرب فى الفريق الأحمر.
دعك من أن الأهلى والزمالك، لم يحرزا لمصر ميداليات أولمبية تساوى واحداً فى الألف من الضجيج الذى يثيرانه، ومثله من الجهد والوقت الذى يضيعه الناس فى الحديث عنهما، ونادٍ مثل «سموحة» السكندرى يتفوق عليهما معاً فى هذا الناحية، لكن لنأتِ إلى بطولات كرة القدم نفسها، لنجد أن الناديين يدمران بها، فى عالم الكرة، ما عاش المصريون منذ ثورة 1919 على أمل تحقيقه، وكافح طلعت حرب فى الاقتصاد من أجل ترسيخه، وهو الاعتماد على سواعد مصرية فى البناء، وهذا ما فعله عبدالناصر حين اعتمد على مصريين فى تسيير الملاحة فى القناة بعد تأميمها، وعلى رجل مثل عزيز صدقى ليبنى قلاعاً صناعية، رغم أن هذا وذاك قضيتان مهمتان كان من الممكن أن نغفر لناصر استعانته بأجانب فيهما. وكرة القدم أيضاً ليست صناعة أسلحة ولا أجهزة حاسوب دقيقة وما على شاكلتها، حتى نقول: لدينا نقص فيها ولا عيب فى أن نستعين بأغراب ذوى خبرة ونتعلم منهم.
فهل سأل القائمون على الأهلى والزمالك أنفسهم، من الذى حقق لمصر إنجازات أكثر فى كرة القدم؟ الإجابة معروفة، فالذى أوصلنا إلى كأس العالم مدرب مصرى، كان ضابطاً متقاعداً بالجيش اسمه محمود الجوهرى، رحمة الله عليه، والذى حقق لنا ثلاث بطولات قارية متتالية، وهو رقم قياسى لم تنجزه أى دولة فى العالم، هو مدرب مصرى، كان لاعب كرة فذاً، اسمه حسن شحاتة، الذين تآمروا عليه، حتى أبعدوه عن المنتخب الوطنى.
أنا أشجع الأهلى بغير تعصب أعمى، وعضو بناديه، لكن لا أملك لرئاسات النادى المتعاقبة، ومثلها فى الزمالك، سوى التوبيخ على الجرم الذى يرتكبونه فى حق المدربين المصريين، ولو وجدت فرقنا جميعها أن أكبر فريقين ببلدنا فى كرة القدم يتعاقب على تدريبهما مصريون، لحذت حذوهما، وبالتدريج سيصير للمدرب المصرى، وهو يستحق، مكاناً ومكانة فى العالم العربى، فى بلدان المغرب والخليج، وفى الأردن والسودان والعراق ولبنان وفلسطين واليمن.
على المستوى الشخصى لست مستغرباً هذا من أناس يقفون ضد الإصلاح والتغيير، ويبررون أو يتواطأون طيلة الوقت مع كل ما يشد فى بلدنا إلى الوراء، لأن فى هذا منفعة لهم، لكن أملى أن يضغط أعضاء الناديين على رئاستيهما بغية تعيين مدربين مصريين للفريقين، وحال إخفاقهما أو أى منهما، يكون البديل مدرباً مصرياً آخر. وهذا الكلام موجه أيضاً إلى أعضاء الاتحاد المصرى لكرة القدم، الذى يسب بعضهم الخواجة فى السياسة، ويذهبون إليه راكعين خاضعين هاجعين فى الرياضة، فبئس هذا الفصام.