الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3

الإسلام والكرامة الإنسانية (3 -3)

الإسلام والكرامة الإنسانية (3 -3)

 لبنان اليوم -

الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3

عمار علي حسن

وعلى وجه العموم، فإننا لا يمكن أن نطرح مسألة الكرامة الإنسانية بمعزل عن السياق الاجتماعى الذى يحيط بالفرد، ويعمل فيه. فاحترام هذه الكرامة أو انتهاكها يعتمد فى جانب كبير منه على القواعد العامة المرعية للسلوك فى أى مجتمع. ولا يمكن فصل ما تحمله الجماعة من قيم وما يبدر عنها من تصرف عن الوضع السياسى القائم، وذلك من منطلق أن السلطة يجب عليها أن تحرس الفضائل الاجتماعية وتعمل بجد على مقاومة الرذائل، أو الحد منها عبر توظيف القانون، وتشجيع الخطاب الدينى الذى يحض على الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى.
إلا أن رشد السلطة وعقلانيتها ليس هو العامل الوحيد المسئول عن حفظ كرامة الأشخاص، فالجماعة نفسها عليها واجب كبير فى هذا الشأن، فقبل أن يكون هناك احترام لحقوق الأشخاص، يجب أن يتوافر حس بالترابط الاجتماعى مع هؤلاء الذين نعترف بحقوقهم، ونؤمن بضرورة أن يعيشوا حياة تليق بآدميتهم، باعتبارهم بشراً مثلنا. وهنا يأتى دور مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان لتساند شروط الاحترام الفعال للحقوق الإنسانية.
لا يكتفى البشر بعيش الحياة، لكنهم يجدون أنفسهم فى حاجة ماسة إلى تقييم وجودهم، وتحديد ما إذا كانوا يحيون حياة كريمة، أم حياة بشعة رخيصة، وهم دوماً يسعون إلى الحكم على قيمة الأهداف التى يسعون إلى تحقيقها، والغايات العريضة الكامنة وراء ما ينهضون به من أفعال. ويريد البشر دوماً معرفة ما إذا كان مسلكهم حسناً أم رديئاً، منصفاً أم ظالماً، معقولاً، أم ينطوى على حماقة وجنون، لأنهم يريدون تبرئة ساحتهم فى نظر أنفسهم أولاً، ويتيقنون من أن أسلوب المعيشة الذى اختاروه، يتصف بالخيرية، ويتم على أساس صائب أخلاقياً.
ويقود الشعور بالكرامة إلى ميلاد اتجاهات وقيم سياسية إيجابية، لا غنى عنها لأى مشروع وطنى يقوم على الممانعة والمقاومة. فهذه القيم وتلك الاتجاهات والتوجهات تحصن الإنسان نفسيا وعقليا ضد العناصر التى تعمل على تآكل روحه وتداعى قدرته على الصمود، وهى تسهم بطريقة جلية وملموسة فى صنع الإطار العام الذى يحكم نظرة الإنسان إلى الأمور، وحكمه على المواقف والأحداث والشخصيات والأفكار. وكلما كان هذا الإطار متماسكاً منيعاً، تضاعفت إمكانيات التصدى لـ«الآخر المعادى»، سواء كان العدوان متجسداً فى جيوش وعروش، أو متمثلاً فى أفكار ورؤى، أو متضمناً فى استراتيجيات وخطط وحيل ومكائد.
وأول الاتجاهات التى يصنعها شعور الإنسان بالكرامة هو حيازته «الاقتدار السياسى»، الذى يبدأ بتقدير الذات Self Esteem، وهو يقوم على حكم الفرد على أهميته الشخصية، فإن رفع من قدرها، وأعتز بها، امتلأ شعوراً بأهميته، وجدارته بالاحترام والتقدير، وامتلأ ثقة فى صحة أفكاره وميوله. وعلى العكس من ذلك، فهو إن أبخس نفسه، وحط من منزلتها، فسيتضاءل شعوره بقيمة شخصية، وسيصاب بإحساس بأن الآخرين يلفظونه، وأنه عاجز عن فعل ما يريد. والحاجة إلى التقدير تشير إلى معنيين رئيسيين، الأول هو الحاجة إلى القوة والإنجاز والكفاية والتمكن، والثانى هو الحاجة إلى السمعة والمكانة، والشهرة، والفخر، والأهمية، فإن أشبع الإنسان هذه الحاجات امتلك الشعور بالثقة، وأحس بأن له قيمة فى الحياة، وليس مجرد رقم فى طابور طويل لا ينتهى، أو عالة على الدنيا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3 الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon