الاستراتيجية وأهميتها 22
أخر الأخبار

الاستراتيجية وأهميتها (2-2)

الاستراتيجية وأهميتها (2-2)

 لبنان اليوم -

الاستراتيجية وأهميتها 22

عمار علي حسن

ومما لا شك فيه أن التصنيفات أو التوزيعات التى فرضها تعقد مجالات الحياة ودروبها، والتى تم تناولها فى مقال الأمس، لا يمنع من أن الاستراتيجيات واحدة فى جوهرها وأساليبها ونهج التفكير المرتبط بها.
يجب أن تتوافر فى كل ما يتصف بالاستراتيجى الارتباط بمعايير معينة مثل: وجود تهديدات أو منافسة، واتخاذ القرارات بواسطة أعلى مستوى قيادى، وشمول جميع الأهداف الرئيسية أو الغايات الأساسية لواضعى الخطة، ثم وضع تكليفات محددة بالمهام المطلوبة. وفى ضوء هذا يتسم القرار الاستراتيجى بالثبات النسبى طويل الأجل، وبضخامة الاستثمارات أو الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذه وبمكانة القائمين على اتخاذه، إذ يجب أن ينتموا إلى الإدارات العليا، وكذلك بضخامة عدد من ينفذون القرار فى تفصيلاته العديدة والمعقدة.
وفى كتابه المهم «الاستراتيجية ومحترفو الأمن القومى: التفكير الاستراتيجى وصياغة الاستراتيجية فى القرن الحادى والعشرين»، الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2011، يؤكد لنا هارى آر. ياجر أن الخطط والاستراتيجيات، هما أعلى درجة فى التفكير والتدبير والترتيب ونطاق التأثير والأفق الزمنى من «السياسة» وإن كانا مثلها يتعلقان بـ«فن الممكن» أو «فن إدارة الخلاف والاختلاف»، والثلاثة متداخلون، ويتشاركون فى منظومة الغايات والطرائق، واستخدام الفكر الاستراتيجى بدرجات متفاوتة. وتبقى الاستراتيجية هى عملية فكرية منضبطة ذات مخرجات وغايات ووسائل محددة بوضوح، وهى تخدم الهدف السياسى الوطنى، وتخدم السياسة فى إطار التقلبات والتعقيدات والهواجس والغموض، ويصبح «التفكير الاستراتيجى هو القدرة على تطبيق الاستراتيجية فى الواقع، ثم صياغة ما يخدم بنجاح مصالح الدولة، من دون تحمل مخاطر يمكن تفاديها، ولذا فهو يتضمن جانبى الفن والعلم معاً.
ونظراً لأن التفكير الاستراتيجى يتطلب كلاً من التفكير النقدى والتفكير الإبداعى، إلى جانب التفكير فى التأثير المتبادل بين المنظومات والتفكير فى الزمن والتفكير الأخلاقى، فإن للخيال دوره المهم فى صياغة الاستراتيجيات، من زاوية المساهمة فى زيادة الفهم، وتوسيع التفسيرات المنطقية الممكنة، ووضع الخيارات البديلة، وتحديد الفرص المحتملة. وكل هذا يصب فى إطار «صياغة الثالوث الاستراتيجى المتمثل فى الأهداف والأفكار والموارد»، وكل منها يحتاج إلى خيال.
وهذا الاحتياج يعود إلى أن الاستراتيجية تتسم بأنها «استباقية توقعية»، وإن لم تكن «تنبؤية»، وهذا الاستباق يرمى إلى رعاية المصالح الوطنية وحمايتها مما يخبئه المستقبل، ولذا يجب ألا يقوم على التقديرات الجزافية أو الخيالات الأسطورية، إنما دراسة الاحتمالات والسيناريوهات، ووضع الافتراضات والمنطلقات، والتى تكون بدورها مشروطة بما يجرى على الأرض، وبالإمكانات المتاحة. وهذا معناه أن الخيال الذى يتم توظيفه فى إنتاج الاستراتيجيات هو خيال منطقى خلاق، يبدو ضرورياً حتى يمكننا توقع ما يأتى، واستباق الأخطار والعمل على تفاديها، أو تحقيق المكاسب وتعزيزها.
وحتى تكون الاستراتيجية محكمة وفعالة وتمتلك قدرة على التنبؤ يجب أن تعى دروس التاريخ جيداً، وتستفيد فى الوقت ذاته من عطاء مختلف العلوم الإنسانية، بل إننا قد نجد استراتيجيات موزعة على علوم بعينها، وهذا ما جعل مهارات وضع الخطط والاستراتيجيات تتقدم بشكل مذهل فى السنوات الأخيرة، مما يفرض علينا، نحن العرب، أن نهتم بهذا النوع من التفكير بعد إهمال وغياب طويل.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية وأهميتها 22 الاستراتيجية وأهميتها 22



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon