العرب والمعارك الصغرى 22
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

العرب والمعارك الصغرى (2-2)

العرب والمعارك الصغرى (2-2)

 لبنان اليوم -

العرب والمعارك الصغرى 22

عمار علي حسن

 ولم تشأ الصين أن تستمر فى مناطحة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق فى عالم التسلح الرهيب، بل امتلكت فقط فى هذه الناحية ما يكفى للدفاع عن سيادتها الوطنية، ولم تجار القطبين الكبيرين إبان الحرب الباردة فى بلوغ أجواز الفضاء الرحيب، بل قررت أن تبدأ من مجال هامشى ضئيل فى عالم المال والقوة، لكنه بالغ التأثير فى دنيا الحضور الثقافى والرمزى، ثم الاقتصادى فيما بعد، وهو صناعة «لعب الأطفال»، التى لم تلبث أن اتسعت لتطوق مجالات صناعية تلبى الاحتياجات اليومية البسيطة للفرد والأسرة فى أرجاء العالم كافة، من ملبس وأدوات كتابية وزينة وهدايا... إلخ، وأنجزت فى هذه الناحية إلى الدرجة التى تثير حنق وحقد الولايات المتحدة.

أما الهند، التى اختارت العصيان المدنى طريقاً للمقاومة فى أداء عبقرى قاده رمزها العظيم المهاتما غاندى، فإن توصلها إلى السلاح النووى لردع غريمتها التاريخية باكستان لم يدفعها إلى التلويح بهذه «القوة الخشنة» طريقاً لحيازة مكانة دولية، بل التفتت إلى إدارة معركة صغيرة كان انتصارها فيها مظفراً بكل المقاييس، إلى درجة أن الدولة التى كانت تحتلها وهى بريطانيا باتت فى حاجة ماسة إلى الاستفادة من مظاهر هذا النجاح الهندى. والمعركة التى اختارتها الهند بدأت بالسينما والموسيقى ووصلت الآن إلى عالم الاتصالات والبرمجيات. فإذا كانت الموسيقى الهندية قد اكتسبت شهرة عالمية بتفردها وسحرها وعذوبتها وخصوصيتها التى تنبت من ذائقة الهنود ووجدانهم، فإن سينما الهند خطت طريقها باقتدار، وفرضت أسواقها، ونافست السينما الأمريكية فى آسيا وأفريقيا، على وجه الخصوص، وباتت تشكل مصدراً مهماً من روافد الدخل القومى للبلاد، فى وقت يزيد فيه الطلب يوماً إثر يوم على مهندسى ومبرمجى الكومبيوتر الهنود للعمل فى أرفع المؤسسات الاقتصادية والعلمية الأوروبية.

على النقيض من ذلك يقع الخطاب السياسى والثقافى العربى، على اختلاف المناهل الفكرية والأيديولوجية التى ينبع منها، فى فخ الينبغيات العريضة، فهو يطالب بمشروع نهضة كاملة وتمكن واسع ينتج مكانة وقوة دولية بارزة، دفعة واحدة، وفى سرعة فائقة، حتى بعد انهيار بعض الدول العربية ودخولها فى نفق الصراع السياسى والمذهبى.

وهذا الطرح لا يعبّر عن طموح بقدر ما يشى بتجاهل حركة الواقع وسنن التاريخ، وجهل فى قراءة الإمكانات الراهنة للعرب، فتكون نتيجته إما الاستسلام للبقاء فى الظل واستمراء الضعف والهوان والتفكك بعد تكرار الفشل فى تحقيق نجاح كاسح دفعة واحدة، أو الميل إلى التفسير التآمرى لكل شىء، وكأن العالم لا شغل له سوى الكيد لنا، وهذا يتم تحت وطأة خيال كسيح، لا سيما أن القادرين على التخيل مستبعدون من صناعة القرار فى أى مجال ولأى اتجاه.

وقد يكون العرب معذورين جزئياً فى استعجالهم وإحساسهم بأن هناك ما يدبر ضدهم فى الخفاء، فى ظل التحيز الأمريكى الجلى لإسرائيل، ومع احتلال العراق تحت ذرائع واهية، فى الوقت الذى تتمسك فيه الولايات المتحدة بالخيار السلمى طريقة لحل المشكلتين الكورية الشمالية والإيرانية، وفى ظل همزات الوصل بين أجهزة استخبارات غربية وجماعات وتنظيمات إرهابية تعمل على تفكيك الدول العربية، وكذلك فى ظل توظيف قوة مدنية داخلية مرتبطة بالغرب فى تعميق الاستتباع العربى للولايات المتحدة وحلفائها. لكن العيب أن يتم تضخيم هذا العذر ليصبح بمثابة مرض نفسى عضال يكرس حالة الهروب من مواجهة التفاصيل اليومية العربية، أو تجاهل مسائل مهمة صغيرة، وصغرها ليس طبعاً ولا طبيعة أصيلة فيها وإنما نتاج قيامنا بتهميشها بإرادتنا، وانحيازنا فى الوقت نفسه لحساب «الكليات» الكبيرة، التى هى بنت الأيديولوجيا أكثر من كونها الإفراز الطوعى للواقع الذى يتبدل باستمرار.

لقد حان الوقت للعرب، الشعوب قبل الأنظمة والناس قبل الحكام، أن يلتفتوا إلى المعارك الصغيرة فيخوضوها بثقة واقتدار، بدءاً من معركة تغيير الصورة النمطية المغلوطة عنهم، التى تطفح بها مناهج التعليم ووسائل الإعلام الغربية، وانتهاء بتقديم إسهام ولو بسيط فى حركة الحياة المائجة، قد يكون فى تلبية احتياجات الباحثين عن «الامتلاء الروحى» وما أكثرهم على سطح الأرض، وما أحوجهم لبساطة ومنطقية وسلاسة العقيدة الإسلامية بتبنيها التوحيد، شرط أن نخلص نحن الإسلام من الحمولات الثقيلة لتاريخ المسلمين. وقد يكون فرض احترام الموسيقى الشرقية الخالصة، التى تتفرد باكتمال لحنى لا يتوفر لنظيرتها الغربية، وقد يكون التخصص فى سلعة خارجة من رحم البيئة العربية، أو غير ذلك من مجالات حياتية تبدو، على قوتها وأهميتها، بسيطة فى نظر المتعجلين، الذين لا يرون الإنجاز إلا من خلال دق طبول الحرب.

إن هناك مجالات عدة يمكن للعرب الإسهام بها فى الحضارة الإنسانية المعاصرة، لكن عليهم أن يجلسوا أولاً لتخيل هذا الدور ومفرداته، ثم تخيل كيفية دفعه فى أوصال العالم من شرقه إلى غربه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والمعارك الصغرى 22 العرب والمعارك الصغرى 22



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon