تجارب إصلاح الأزهر 23

تجارب إصلاح الأزهر (2-3)

تجارب إصلاح الأزهر (2-3)

 لبنان اليوم -

تجارب إصلاح الأزهر 23

بقلم : عمار علي حسن

ووضع الشيخ حسن العطار، الذى تولى مشيخة الأزهر فى الفترة من 1830 إلى 1834، لبنة جديدة فى بناء إصلاح التعليم الأزهرى، مستغلاً علاقته المتوازنة مع محمد على من جهة، وسعة اطلاعه من جهة ثانية، إذ كان ملماً، إلى جانب علوم الدين، بعلم الفلك والطب والكيمياء والهندسة والموسيقى والشعر، ما حدا بالمؤرخ المصرى العظيم عبدالرحمن الجبرتى إلى أن يصفه قائلاً: «قطب الفضلاء، وتاج النبلاء ذو الذكاء المتوقد والفهم المسترشد، الناظم الناثر، الآخذ من العلوم العقلية والأدبية بحظ وافر». وقد استفاد العطار مما خلفته الحملة الفرنسية من علوم، ومن رحلاته إلى أوروبا وبلاد الشام، فى سعيه إلى إصلاح الأزهر، وكانت الثمرة إنتاج جيل من رواد النهضة المصرية الحديثة، ممن تتلمذوا على يد العطار، وفى مقدمتهم رفاعة رافع الطهطاوى، ومحمد عياد الطنطاوى.

لكن الخطوة الفارقة على درب إصلاح التعليم الأزهرى جاءت فى عهد الخديو إسماعيل، ودشنها قانون صدر عام 1872، لتنظيم حصول الطلاب على شهادة «العالمية»، وتحديد المواد الدراسية بإحدى عشرة مادة زاوجت بين العلوم الدينية والأدبية، إذ حوت الفقه والأصول والحديث والتفسير والتوحيد والنحو والصرف والبيان والبديع والمعانى والمنطق. كما حدد القانون طريقة امتحان الطلاب، بأن يوضع الطالب موضع المدرس، ويصبح ممتحنوه فى موضع الطلبة، فيلقى الأول درسه ويناقشه الآخرون فى مختلف فروع العلوم، نقاشاً مستفيضاً قد يمتد لساعات طويلة، بعدها يتم الحكم على مستواه العلمى.

وبعد هذا بربع قرن تقريباً، وتحديداً عام 1896، دبت عافية الإصلاح قوية فى ربوع الأزهر، بفعل عدة قوانين صدرت فى عهد الإمام حسن النواوى، الذى تولى المشيخة خلال الفترة من 1896 إلى 1900، كان للإمام العظيم محمد عبده دور كبير فى سنها. وحددت هذه القوانين سن القبول للأزهر بخمسة عشر عاماً، شريطة الإلمام بمبادئ الكتابة والقراءة. والأهم كان إدخال عدة علوم على المناهج التعليمية الأزهرية، منها التاريخ الإسلامى والهندسة وتقويم البلدان (الجغرافيا). وبمقتضى القانون نفسه أضيفت «شهادة» قبل العالمية سميت «الأهلية»، كانت تتيح لحاملها الخطابة بالمساجد، أما من يحصل على «العالمية»، فيحق له التدريس بالأزهر.

وقد فتح الإمام محمد عبده، برؤيته المستنيرة الموسوعية، نوافذ الأزهريين على الحياة الفكرية العامة، فراح تلاميذه، أو من تأثروا بأفكاره، يكتبون إلى الصحف اليومية، بعد طول احتجاب. ومن بين هؤلاء محمد شاكر وإبراهيم الحيالى وعبدالمجيد اللبان ومحمد حسنين مخلوف، ومن بعدهم مصطفى لطفى المنفلوطى وعبدالعزيز البشرى ومصطفى عبدالرازق وقاسم أمين ومحمد الههيادى وعبدالرحمن البرقوقى، بل وصل الأمر إلى أن بعضهم أصدر مجلات أدبية، مثل «الثمرات» لحسن السندوبى، و«عكاظ» لفهيم قنديل، و«البيان» لعبدالرحمن البرقوقى، وشارك كثيرون فى الجدل الفكرى الذى أحاط بالحياة الاجتماعية والأحوال السياسية، التى سبقت وواكبت وأعقبت ثورة 1919.

وخلال عهد الإمام سليم البشرى (1900: 1902/ 1909: 1916) أنشئت «هيئة كبار العلماء»، تحديداً عام 1911، التى تغير اسمها فى ظل مشيخة الإمام محمد مصطفى المراغى (1928: 1929/1935: 1945) إلى «جماعة كبار العلماء»، وكانت تتكون من صفوة علماء الأزهر، وهى نواة لـ«مجمع البحوث الإسلامية» الذى يشتد حضوره راهناً فى الحياة الاجتماعية، إلى جانب «جبهة علماء الأزهر» التى تملأ الدنيا صخباً من خلال تعليق بعض أعضائها على الأحداث الجارية، أو رقابتهم على بعض الأعمال الفكرية والثقافية، التى يدور حولها لغط، ويتهمها البعض بالتجديف فى الدين، وهى المسألة التى زادت بشكل ملموس فى عهد إمامة الشيخ جاد الحق على جاد الحق (1982: 1996).

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجارب إصلاح الأزهر 23 تجارب إصلاح الأزهر 23



GMT 09:11 2022 السبت ,02 تموز / يوليو

«باريس» فى الأدب العربى الحديث

GMT 00:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 06:32 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

الكتابة تحت حد السيف

GMT 05:12 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

سيادة «القومندان» عارف أبوالعُرِّيف

GMT 13:33 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

التعليم والتطرف والإرهاب العرض والمرض والعلاج

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon