حريتى أن أوسع زنزانتى 22
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

"حريتى أن أوسع زنزانتى" (2-2)

"حريتى أن أوسع زنزانتى" (2-2)

 لبنان اليوم -

حريتى أن أوسع زنزانتى 22

عمار علي حسن

والجدار الثانى ضد حرية الكتّاب فى بلادنا، بعد غشم السلطة السياسية واستبدادها، صنعه تجار الدين الذين استغلوا حاجة الناس الروحية وإيمانهم العميق برب السماوات والأرض، وراحوا يشيّدون حائطاً عريضاً بينهم وبين جلال النصوص ومقاصد الشرع بتأويلات بشرية ادعى أصحابها أنها صحيح الدين، وما هى إلا محض اجتهادات تحتمل الصواب والخطأ، وتأويلات تحتمل الصدق والكذب، لكنهم يمنحونها قدسية وإطلاقية، ويجعلون من الدين الذى نزل لإسعاد الناس، من خلال تعميق الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى والخيرية والنفع، مصدراً للشقاء والتعذيب والقتل والتخريب، بعد أن يحولوه إلى تجارة بائرة، أو أيديولوجية بائسة، أو عصاب نفسى ممقوت، أو إطار عام لتبرير استباحة الأرض والعرض والنفس والمال، من خلال الاستهانة بالمختلفين فى الاجتهاد أو التصور، فما بالنا بالمغايرين فى الاعتقاد والمذهب؟!

وإذا تمكنا من هدم هذا الجدار عبر التفريق بين «الإلهى» و«البشرى» وجعل العقل مكملاً لمسيرة الوحى وليس خصماً منها أو معارضاً لها، والوصول مباشرة إلى «النص الأساس» أو المؤسس، حسب وصف أدونيس فى كتابه المثير للجدل «الثابت والمتحول»، والإيمان العميق بحرية الاعتقاد، فسيكون علينا أن نواجه الجدار التالى، وهو لا يقل صلابة وقسوة عن الاثنين اللذين سبقاه.

هذا الجدار الثالث هو ما توارثناه من عادات وتقاليد اجتماعية بالية، تخل بقيمة الحرية قدر ما تجرح قيم المساواة بقسوة، وذلك مثل تقدير مكانة الشخص بجذوره العائلية وليس بما حقق من إنجاز، واعتبار صاحب المنصب الرسمى، حتى لو كان لصاً ومنافقاً وجباناً، أهم مكانة وأرفع وضعاً ممن لم يحظ بالمناصب حتى لو كان عالماً فذاً أو مبدعاً موهوباً، أو حتى مجرد مواطن بسيط لكنه شريف ونزيه ونظيف اليد ومعطاء.

ولا يتسع المقام هنا لأحصى عشرات العادات التى يجب وأدها، وإن كنت أقول إن هناك من التقاليد الحميدة ما يجب أن نعض عليه بالنواجذ، وأعتقد فى أن القديم لا يمكن أن يموت كله. وفى المقابل يوجد من العادات ما يشكل عقبة كبيرة أمام بلوغ سقف كاف من الحرية، حتى تخف حمولة الزنازين التى نحملها فوق ظهورنا المكدودة. وهذه العادات تدور فى الغالب الأعم حول التابوهات الثلاثة: الدين والسياسة والجنس، وتصنع عبر رسوخها فى النفوس والعقول حبالاً متينة تلتف حول الأقلام لتعيقها وتقيدها، ولا ينجو من قيودها سوى قلة من الكتّاب أبت أن يحد من حريتها شىء سوى ما تمليه الضمائر وتجود به النفوس الأبية ويفرضه العمل فى سبيل نفع الناس والاتقاء بمعاشهم.

وفى بعض مداميك هذا الجدار يتم استحضار عموم الناس وعوامهم من قبَل السلطة السياسية لمطاردة وحصار وتجريس المختلفين معها أو المعارضين لها، فى حال أقرب إلى «المكارثية» أو «الفاشية»، مرة بتكفير المخالفين باسم الدين، وأخرى بتخوينهم باسم الوطن، وثالثة بتكميم أفواههم لأن البلاد فى حرب مستمرة من نوع مختلف، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

هنا يشعر المختلف بأنه معزول، وقد تطلق ضده شائعات مغرضة تنال من حياته الخاصة ودوره العام، وتجرح صورته فى عيون الناس بلا رحمة ولا ورع، وعليه فى هذه الحال إما أن يستسلم أو يصمت أو يتحايل على الأكثر ليجارى القطيع، ويمكنه فى المقابل أن يتمتع بجسارة رافعاً لافتة «لا تستوحشوا طريق الحق وإن قل سالكوه»، ويراهن على أن الأيام تعمل لصالحه، وستبرهن على صدق ما يقول وما يكتب وما يفعل وما يطلب، لأن الزبد يذهب جفاء، وما ينفع الناس يمكث فى الأرض.

وإذا تخطينا الجدار الثالث هدماً أو عبوراً كان علينا أن نواجه الجدار الأكثر ارتفاعاً والأكبر سمكاً، وهو ما فى أنفسنا من قيود تقفز رقيباً ذاتياً لحظة الكتابة، وتلعثماً وقت المجاهرة بالحق والصدق، وقعوداً إذا دعا الداعى إلى يوم الحرية الأكبر، ولامبالاة فى مواجهة ظاهرة «الفرز العكسى» فى مؤسساتنا التى تثيب ضعاف الإمكانيات وتحط من قدر المتمكنين، لا لشىء سوى لأنهم معتدون بأنفسهم، غيورون على المصلحة العامة، مجاهرون بمقاومة الفساد والتحكم الإدارى البليد. كما يمتشق هذا الجدار الداخلى حين نضعف أمام ملذات الدنيا، فيتحول الإنسان لدينا إلى سلعة، والسلعة إلى قيمة عظمى، وننسى أن الله قد خلق الأشياء لخدمتنا، ولم يخلقنا لخدمتها.

وما فى نفوس الكتّاب من قيود يعود بالدرجة الأساسية إلى التأثير الضاغط للبيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى يعملون فيها، فقهر السلطة لبعض الكتاب سجناً وتجريساً وتنكيلاً، ووجود العادات التى تنفّر من الحرية وتألف الاستعباد، والظروف المعيشية الصعبة لأرباب القلم، تشكل جميعاً سياقاً قابضاً على نفس الكاتب ووجدانه، ولا يقاومها إلا من امتلك قدرات فائقة تمكنه من أن ألا يبالى بذهب السلطة أو سيفها، وآراء عوام الناس وتحيزاتهم، وشظف العيش وقسوته. ومهما كان سمك جدران الزنزانة وارتفاعها فلا بد من هدمها مهما طال الزمن، وقل الزاد، وامتد الطريق. وحين تسقط هذه الجدران الأربعة نكون قد وسّعنا الزنازين، بالقدر الذى يجعل أعناقنا بوسعها أن ترى حواف السجن الكبير، لنرفع من سقف شعارنا فيصبح «حريتنا أن نهدم السجن ونجعل السجّان يتسول الغفران».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حريتى أن أوسع زنزانتى 22 حريتى أن أوسع زنزانتى 22



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon