عن الذين طالتهم «حرفة الأدب»
استشهاد 16 فلسطينياً بقصف إسرائيلي استهدف منزلين في شمال النصيرات وسط قطاع غزة وزير الصحة الفلسطيني يُعلن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة غداً مدير منظمة الصحة العالمية يُؤكد أن الوضع الصحي في شمال غزة مروع ويُدين الهجوم على مستشفى كمال عدوان وفاة الفنان المصري مصطفى فهمي عن عمر يُناهز 82 عاماً بعد تدهور حالته الصحية وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن حصيلة الغارة الإسرائيلية على مبنى في حي الرمل بقضاء صور في محافظة الجنوب ارتفعت إلى 7 شهداء و17 جريحاً وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 2653 شهيداً و12360 جريحاً الاحتلال الإسرائيلي يعتقل جميع الطواقم الطبية والجرحى في آخر مستشفى عامل بشمال غزة هيئة الطيران الإيرانية تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي شركة طيران أميركية تدفع ثمناً باهظاً لسوء معاملتها للمعاقين
أخر الأخبار

عن الذين طالتهم «حرفة الأدب»

عن الذين طالتهم «حرفة الأدب»

 لبنان اليوم -

عن الذين طالتهم «حرفة الأدب»

عمار علي حسن

لا يمكن لتاريخ الثقافة العربية أن يتجاوز المشهد الذى يجسد حركات ونبضات أبوحيان التوحيدى، وهو يجثو على ركبتيه ليأكل من حشائش الأرض، ويتصاعد خلفه دخان كتبه العميقة علماً والمتفجرة إحساساً، بعد أن أحرقها لأنها لم توفر له لُقيمات يقمن صلبه المكدود من عناء البحث النهم عن المعرفة، والسعى الجاد وراء الحقيقة.

فهذا المشهد، أعيد إنتاجه بشروط مختلفة فى الدرجة، ولأسباب متنوعة، فوخز ضمائر حية، وارتجفت له قلوب رحيمة، ووجد فيه كثيرون دليلاً دامغاً على بؤس علاقة المثقف بالسلطة، لأن النار التى أحرقت ما أنتجته قريحة التوحيدى المتوقدة، لم تتوقف ألسنتها المشتعلة عن الامتداد فى الزمن، لترمز إلى احتجاج لا يتوقف من مثقفين ومبدعين وعلماء جوعى ومرضى، يطيلون النظر فى أغلفة كتبهم، أو لوحاتهم البديعة، أو ابتكاراتهم العلمية، دون أن يمتلك أحدهم شجاعة التوحيدى، ويطعم النيران الورق أو الألوان، وربما لم يجرف أحدهم اليأس إلى تلك الدرجة المتردية، التى يشعر فيها المثقف بعدم جدوى ما يفعله، لا للمجتمع، ولا لنفسه وذويه.

ففى زماننا هذا تجول الأديب المغربى محمد شكرى على القمامة ليلتقط ما يقيم أوده. وبات الشاعر المصرى عبدالحميد الديب ليالى طويلة خاوى البطن. وأكل العجز والكساح عبدالحكيم قاسم، دون أن يلقى له أحد بالاً، رغم موهبته المتوحشة وإنتاجه الأدبى الغزير. ولم يجد الروائى الجميل علاء الديب ما يدفعه لعلاج مرض عضال أصاب قلبه، وهو الحاصل على جائزة الدولة التقديرية فى مصر. واستشهد فارس الرومانسية الروائى محمد عبدالحليم عبدالله على يد سائق تاكسى لخلاف على قيام الأخير بزيادة الأجرة بمقدار خمسة قروش فقط. وتشرد الروائى السورى حنا مينا سنوات طويلة فى بلاد غريبة بحثاً عن بضع ليرات. وحصل خيرى شلبى من بيع رواياته للسينما على أقل مما يناله ممثل كومبارس. وكان أمل دنقل ونجيب سرور يهيمان على وجهيهما جائعين مريضين فى شوارع القاهرة المفتوحة على الغربة والضياع. وباع أدباء العراق كتبهم فى زمن الحصار. وباع كثيرون ضمائرهم وقناعاتهم تحت ضغط الحاجة الملحة للغذاء والدواء والكساء والإيواء.

وداخل أسوار الجامعات العربية الحبيسة، وفى مراكز الأبحاث المهملة، آلاف العقول المتوقدة، لعلماء أجلاء، قلوبهم عامرة بحب الوطن، وأذهانهم مشغولة بالتجارب والاكتشافات، وجيوبهم خاوية، وأياديهم على أفواههم المقددة، بحثاً عن حد الكفاف، فى بلاد تنفق على اللهو أضعاف ما يدفع لتطوير البحث العلمى.

إنها مشاهد متناثرة، لا تشكل سوى أمثلة قليلة على هوان المثقف العربى وفقره، وانسحاقه أمام ظروف قاهرة، يضيع جل وقته فى ترويضها، أو التحايل عليها، وقد يستسلم لها فى خاتمة المطاف. ويمتد هذا التحايل أو ذاك الانسحاق من المواقف السياسية والاجتماعية الكلية إلى المسائل المرتبطة بنشاط المثقف نفسه، أو ما ينتجه من إبداع.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن شعراء العامية، فى عالمنا العربى، يهجرون أحياناً، هذا اللون من الأدب، نظراً لعدم إقبال المجلات الثقافية على نشره، ويلجأون لكتابة القصائد الفصحى، سواء كانت نثرية أم عمودية، حتى يحصلوا على أى مقابل مادى لإنتاجهم الأدبى.

وينطبق هذا الأمر أيضاً على القصة القصيرة، فنظراً لاعتبارات المساحة، فإن فرص نشرها تبدو أكبر بكثير من فرص نشر الرواية، ولذا يُقبل الروائيون عليها، أحياناً، طلباً للرزق، ويظلون ينتجونها رغم ما يقال عن أننا نعيش فى «زمن الرواية».

ويهجر الشعراء والروائيون الكتابة الإبداعية إلى المقال الصحفى السيار، لأنه الأكثر دراً للمال، أو الأكثر طلباً عند جماهير تردى الذوق العام لأغلبيتها إلى مستوى مخيف. وفى خاتمة المطاف يتحول كثير من المثقفين إلى «طيور ترتضى أن تعيش حول الطعام المتاح» كما يقول أمل دنقل، بعد أن ارتخت المناشير والمناقير، فتصير الصقور عصافير مهيضة الأجنحة، وتصبح العصافير ذباباً يطن فوق أوطان خربة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الذين طالتهم «حرفة الأدب» عن الذين طالتهم «حرفة الأدب»



GMT 20:34 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 20:32 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 20:30 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 20:28 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 20:25 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 20:23 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 20:21 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

على مسرح الإقليم

GMT 20:19 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ضربة إسرائيلية ضد إيران!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon