عمار علي حسن
وصلتنى هذه الرسالة من الدكتور علاء رشدى، المدرس بقسم الإنتاج النباتى، كلية الزراعة، جامعة دمنهور، ونظراً لأهمية موضوعها وما ورد فيها من معلومات خطيرة ومقترحات جيدة أنشرها هنا كما وردتنى:
«أكتب هذه الرسالة استكمالاً لكشف أركان منظومة الفساد التى تحاصر الشعب المصرى وتزيد الخناق عليه. فكم سعدت بتعميم منظومة الخبز الجديدة، التى قضت على مشكلة سرقة الدقيق المدعم، ومناقصات وزارة التموين لتوريد دقيق للمخابز المدعمة، وما يحدث بها من فساد والتى قد تناولتها فى آخر رسائلى إليك تحت عنوان (مواجهة مافيا الدقيق). فقد اقتصر توريد الدقيق المدعم لتلك المخابز من خلال المطاحن الحكومية، إضافة إلى مطاحن القطاع الخاص الحاصلة على تصريح إنتاج دقيق 82% دون مناقصات، وهنا تبرز مشكلة أخرى وفساد لا يقل عن سابقه لا يتم من خلاله سرقة الدقيق ولكن يتم من خلاله سرقة القمح نفسه.
وتتلخص المشكلة فى أن الحكومة تقوم باستيراد الأقماح، وذلك من خلال هيئة السلع التموينية، وتوزيعها على المطاحن المُنتجة لدقيق 82% سواء عامة أو خاصة، على أن تقوم تلك المطاحن بإنتاج الدقيق المطلوب مقابل الحصول على المنتجات الأخرى الناتجة من عملية الطحن فى المقابل مجاناً. فبداية المشكلة هى الحكومة التى تقوم باستيراد الأقماح من عدة مصادر والتى تختلف فى أسعارها، وكذلك جودتها (الأمريكى 290، الروسى 260، الفرنسى 245، البولندى 240 دولاراً للطن) ولكن كله عند الحكومة...!!، وهذا يقلل من درجة تعظيم الفائدة من الأموال المخصصة لاستيراد القمح من أجل إنتاج «الرغيف المدعم»، كما يشجع المفسدين على سرقة قوت الشعب.
ولكن لأن الفساد قد تغلغل فى دولتنا على مدار عشرات السنوات فنجد أن تلك المطاحن -ولا أقصد هنا التعميم- تتلاعب بنسبة الاستخلاص حتى يتكون عندها فارق من كميات القمح التى تقوم بالطبع ببيعها فى السوق السوداء، ومن أجل التوضيح نفترض أن أحد تلك المطاحن طاقته اليومية 200 طن قمح فإنه سوف ينتج حوالى 164 طن دقيق يومياً، ولكن يتم التلاعب بنسبة الاستخلاص وجعلها 86% مثلاً، وبالتالى فهناك فارق استخلاص 4%، أو بمعنى آخر وَفر فى كمية القمح، التى فى هذه الحالة تقدر بــ8 أطنان قمح يومياً، والذى يكون سنوياً 2880 طناً كمتوسط لهذا المطحن فقط. أضف إلى ذلك التلاعب فى نِسب الترطيب أثناء عملية الطحن التى هى الأخرى تزيد من كمية القمح التى يتم اختلاسها أو يتم من خلالها «تظبيط» الدفاتر. ولك عزيزى القارئ أن تتخيل الكمية الكلية من قمح هيئة السلع التموينية الذى يتم سرقته على مستوى الجمهورية من أصحاب المطاحن منعدمى الضمير، وهذا ينطبق على القطاعين العام والخاص».