عمار علي حسن
تناول المقالان السابقان خمسة أمور مشتركة بين السادات والإخوان قادت إلى التفاهم ثم التحالف بينهما مؤقتاً وهى التحايل وإضفاء الصبغة الدينية على السياسة، والخلاف الحاد مع عبدالناصر، والطابع اليمينى المحافظ، والسعى لبناء العمق الاجتماعى. وهنا أكمل، العنصر السادس والأخير:
6- العنف وسيلة للتغيير: كان السادات يؤمن فى مرحلة من حياته بأن العنف وسيلة للتغيير، وبذا أقدم على اغتيال أمين عثمان وزير المالية فى حكومة الوفد ورئيس جمعية الصداقة المصرية البريطانية فى الثامن من أكتوبر 1944، وذلك فى وقت كان فيه التنظيم الخاص لجماعة الإخوان ينفذ عمليات عنف وإرهاب ضد مخالفى الإخوان فى الآراء والمواقف. لا يعنى هذا أن السادات ظل مؤمناً بهذا المسلك طيلة حياته، وحتى بعد أن تولى رئاسة مصر، فهو مارس الاغتيال السياسى فى شبابه فقط، ثم شارك فيما بعد فى عملية تغيير أوسع عبر توظيف مؤسسة وطنية هى الجيش فى الإطاحة بالملكية وإعلان الجمهورية، وقبلها كان قد انخرط فى العمل الصحفى بعد خروجه من السجن، حيث عمل مراجعاً صحفياً بمجلة المصور حتى ديسمبر 1948 وأُسندت إليه عام 1953 رئاسة تحرير جريدة الجمهورية التى أنشأها مجلس قيادة الثورة، وبالتالى أتيحت له فرصة استخدام قلمه أو توجيهه لأقلام فى سبيل تحقيق الهدف السياسى، واختلف الأمر مع توليه منصب وزير دولة فى سبتمبر 1954، فيما انتُخب عضواً بمجلس الأمة عن دائرة تلا بالمنوفية ولمدة ثلاث دورات ابتداءً من عام 1957. وانتُخب فى 21 يوليو عام 1960 رئيساً لمجلس الأمة، فيما عُين عام 1961 رئيساً لمجلس التضامن الأفرو - آسيوى. واختاره عبدالناصر نائباً لرئيس الجمهورية، ثم أصبح الرئيس بعد وفاة ناصر فى سبتمبر 1970، حيث ارتبط تحقيق الأهداف فى كل هذه المحطات بالمشروعية القانونية والشرعية السياسية.
على النقيض من هذا استمر الإخوان فى الإيمان بالعمل من خارج مؤسسات الدولة، وعدم التخلى عن العنف فى كل مراحلهم، فإن كانوا قد كفوا مؤقتاً عن العنف المادى حين أعادهم السادات إلى الساحة السياسية فهم استمروا فى ارتكاب العنف الرمزى واللفظى، بينما استمر أتباع النظام الخاص، المؤمنون بالعنف وسيلة للتغيير، يعززون وجودهم داخل الجماعة بعد رحيل حسن البنا إلى أن ظفروا به بعد وفاة المرشد الثالث للجماعة عمر التلمسانى، فأخذوا يأخذون الجماعة أكثر نحو التسلف، والميل إلى الأفكار الانقلابية التى طرحها سيد قطب.