عمار علي حسن
لم أتردد أبداً فى التوقيع على بيان أصدره عدد من كبار المثقفين والمفكرين والأدباء والخبراء العرب ضد قرار خاطئ وغريب أقدم عليه الرئيس الحالى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من شأنه إن لم يُعَد النظر فيه لتصحيح الخلل وإنهاء الزلل، أن يدمر مؤسسة تعليمية عربية عريقة. وأنشر هنا نص البيان كما وردنى، على أن أعلق عليه فى مقال الغد:
«نحن الموقعين على هذا البيان وقد تأكدنا من مصادر رسمية موثوق بها حقيقة المهزلة التى جرت فى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية ندين بكل شدة وعلى نحو مطلق ممارسات مديرها العام، التى تمثلت فى اختلاق مفضوح لتهم أدت إلى التحقيق مع الأستاذة الدكتورة نيفين مسعد، المديرة القديرة لمعهد البحوث والدراسات العربية، التابع للمنظمة، ومساءلتها عن هذه التهم المختلقة، ثم عزلها عن وظيفتها وتخفيض درجتها الوظيفية فى أول سابقة من نوعها فى تاريخ الجامعة العربية التى تتم فى هذه السنة سبعين عاماً من عمرها، مع العلم بأن إدارة المنظمة قد وقفت ضد تعيينها مديرة للمعهد منذ البداية، ما يؤكد شخصنة الخصومة.
والمؤسف أن معظم التهم التى وجهت إلى د. نيفين مسعد ذات طابع فكرى وتعود إلى عدة سنوات قبل توليها مسئولية إدارة المعهد، فضلاً عما يعنيه توجيه هذه التهم من تفتيش فى عقلها المكتوب على نحو يدين كل من شارك فى هذا المخطط بالمكارثية الثقافية والاجتراء على القانون، واتباع أساليب للإرهاب الفكرى تصيب أصحابها بالخزى. حدث ذلك من خلال التنقيب فى صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى أسسها مريدو الدكتورة نيفين مسعد من طلبتها لا تتضمن إلا مقالاتها المنشورة وادعاء مسئوليتها عن وثيقة مشكوك فى صحة نسبتها لجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، حول الموقف من فلسطين، وذلك لاستعداء المسئولين فى المملكة على الدكتورة نيفين مسعد التى لم يعرف عنها على الإطلاق اهتمامها بهذه المسألة عبر عشرات السنين، والأدهى أنها حوسبت على تحريرها كتاب «صنع القرار فى الوطن العربى»، الذى نشره مركز دراسات الوحدة العربية فى بيروت قبل خمس سنوات، ويعد الكتاب رائداً فى موضوعه وشاركت فيه نخبة من أبرز المثقفين العرب، وكذلك حوسبت على مواقف تبنتها فى برامج تليفزيونية تدافع فيها عن الكرامة الوطنية المصرية، وعلى مقالات نشرتها بحجة أنها موظفة دولية لا يجوز لها ذلك، مع أنها كتبتها بصفتها الأكاديمية وليست الوظيفية، وهو عرف سائد لدى عديد من الموظفين الدوليين دون أن تطولهم يد المكارثية. إن جوهر الأمر فى رأينا يتمثل فى أن الدكتورة نيفين مسعد دأبت على التصدى بمنتهى الموضوعية لمواقف مدير المنظمة المعادية للمعهد، التى عبر عنها فى المحافل الرسمية، فضلاً عن مواجهتها تجاوزات من قبَل نفرٍ من المحيطين به.
ويضاف إلى ما سبق أن هناك ازدراءً واضحاً للقانون يشوب كافة إجراءات التحقيق معها ومساءلتها وإصدار القرار بشأنها، وعدم الأخذ بدفوعها القانونية القاطعة فيما وجه إليها من اتهامات، وعليه فإننا:
١- ندعو الجهات المعنية فى مصر إلى مواجهة هذه الممارسات بالسرعة والصرامة اللازمتين ورفض ما أدت إليه من قرارات جائرة تمس الأستاذة الدكتورة نيفين مسعد، وهى أصلاً مرشحة الدولة المصرية لمنصب مدير معهد البحوث والدراسات العربية، على الرغم من توجيهات الرئاسة المصرية بالاهتمام بالموضوع، والأمر نفسه ينطبق على الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
٢- نناشد السلطات المعنية فى دولة الكويت، صاحبة الأيادى البيضاء على الثقافة العربية والمبادرات الخلاقة بشأنها والإنجازات النوعية فى نشرها، أن تمنع المدير الحالى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الذى يشرف بحمل الجنسية الكويتية، من الاستمرار فى تخريب الثقافة العربية والإساءة إلى الصورة الناصعة لدولة الكويت، وأن تعمل على اختيار من يعكس صورتها الحقيقية المشرفة لدى المثقفين العرب.
٣- نشكر السلطات السعودية على ما قامت به من مراجعة نزيهة لموقفها من هذه المسألة بعد اكتشاف حقيقة الأمر، ونطالبها بالاستمرار فى هذه المراجعة النزيهة حتى يتم القضاء على ما وقع من ظلم وتستقيم المسيرة الرسمية للثقافة العربية.
٤- نطالب كافة المثقفين العرب بالانضمام إلى هذا البيان. ومن جانبنا سوف نواصل خوض هذه المعركة من أجل حماية ثقافة الأمة والتصدى لمن يحاولون تخريبها، وإنا إن شاء الله لغالبون».. انتهى البيان والتعليق غداً إن شاء الله تعالى.