بنك الأفكار

بنك الأفكار

بنك الأفكار

 لبنان اليوم -

بنك الأفكار

مصطفى الفقي

مثلما استقبلت «مصر» الوفود الاقتصادية فى مؤتمر «شرم الشيخ» الأخير، والذى يمثل تظاهرة سياسية دولية تعكس الاهتمام «بمصر» ودوريها الإقليمى والدولى، مثلما هو الأمر كذلك فإننا محتاجون إلى ما نسميه «بنك الأفكار» فالفكرة هى قائدة التاريخ وصانعة التطور وملهمة الشعوب فى مسيرتها نحو التقدم، نعم..

قد يكون للفرد دوره بل إن له بالتأكيد دوره المؤثر فى حركة الإنسانية ومسيرة البشرية ولكن تاريخ الأفكار يعكس فى الحقيقة درجة التواصل بين الماضى والحاضر وبين الحاضر والمستقبل، لذلك فقد قالوا قديماً إن الأمم العظيمة تصنعها الأفكار العظيمة ونحن هنا فى «مصر» لن يتحقق لنا ذلك الأمل الذى نسعى إليه فى بناء دولة عصرية ديمقراطية حديثة إلا إذا تدفقت الأفكار من عقولنا وانتقلت إلى سواعدنا تصنع ما نريد وتشيد ما نبنى وتقيم دعائم المستقبل، ولعلى أطرح هناـ مستلهماً من الواقع المصرى ـ الملاحظات التالية:

أولاً: إن تاريخ الأفكار هو تاريخ الإنسان على الأرض، فالعقل هو الذى يميزه عن سائر الكائنات وباقى المخلوقات، لذلك فإننا إذا أردنا أن نستلهم تاريخ البشرية فإن علينا القيام بعملية تتبع لتاريخ الأفكار فى كل عصر من العصور حتى نكتشف أسباب القفزة الحضارية التى تحققت للإنسان عبر مسيرته الطويلة، من هنا فإننا نرى أن الفكرة هى صانعة التاريخ وهى ملهمة التطور، ومثلما نودع أموالنا فى البنوك والمصارف فإننا نطالب بأن نودع أفكارنا فى بنوك تبدأ «بالعصف الذهنى» وتنتهى بصياغة الرؤية الشاملة للمستقبل.

ثانياً: إن الاستثمار فى العنصر البشرى هو أغلى الاستثمارات وأكثرها ربحية على المدى الطويل إذ إن كل الاستثمارات المادية فى الموارد الطبيعية قابلة للانتكاس أما الاستثمار فى الإنسان فهو الأبقى والأقوى والأكثر تأثيراً فى المستقبل لذلك لا نتوقف عن تكرار أهمية التعليم باعتباره بوابة المستقبل والطريق الأوحد نحو غد أفضل، وأنا أتحدى إذا كانت هناك دولة متخلفة فيها تعليم متقدم أو دولة ناهضة فيها تعليم متخلف، بل إننى أذكّر الجميع أن الدور المصرى إقليمياً يصعد ويهبط وفقاً لتقدم التعليم أو تراجعه.

ثالثاً: إننا نرحب فى هذه المناسبة بظهور وزارة للتدريب فى «مصر»، لأنها استكمال طبيعى لدور وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى، فلقد أثبتت التجارب الحديثة أن الدراسات النظرية والشهادات الجامعية والدبلومات العليا لا تكفى وحدها على الإطلاق لتصنع خبيراً مدرباً فى مجال عمله، وما زلت أتذكر من خلال عملى الدبلوماسى فى وزارة الخارجية أن المفاضلة بين اثنين من أبنائها حصل أولهما على الدكتوراه فى «دور مجلس الأمن» فى حفظ السلم الدولى بينما كانت ميزة الثانى أنه خدم فى «مجلس الأمن» ميدانياً ومباشرة ولعدة سنوات، لذلك كان حظه أوفق فى الحصول على المنصب من ذلك الذى اكتفى بالدراسة النظرية والكر والفر بين صفحات الكتب، وليس يعنى ذلك على الإطلاق أن الأساس النظرى والخلفية العلمية غير مطلوبين، ولكن لابد من تتويجهما بالخبرة العملية والتجربة المباشرة، من هنا تهللت وتهلل غيرى بميلاد وزارة مصرية للتدريب نرجو لها أن تسد حاجة ملحة فى البناء التعليمى والوظيفى لأبناء هذا الوطن.

رابعاً: إن الذين قالوا «إن الحاجة أم الاختراع» نرد عليهم قائلين إن «الفكرة هى أم الإبداع» لذلك فإننى من المؤمنين بأهمية الحوار الفكرى والجدل الإيجابى والنقاش البناء من أجل الوصول إلى صيغة مشتركة نطرق بها أبواب المستقبل، وأنا أظن مخلصاً أن رأى اثنين أفضل من رأى واحد وأن رأى الجماعة يعلو عليهما بينما يأتى ما أجمعت عليه الأمة لكى يكون هو الصواب بعينه، ولذلك فإن فلسفة «الديمقراطية» تنبع من هذا المفهوم الذى يحترم رأى كل مواطن ويساوى بين أصوات الأغنياء والفقراء، أصوات الرجال والنساء، أصوات أصحاب الديانات المختلفة والأعراق المتعددة، إننى أريد أن أقول هنا صراحة إن أى تجربة إنسانية كبرى لا تقوم على فكر إنسانى عميق هى تجربة خاوية وهشة ومهتزة ولا تصمد أمام رياح التطور ولا تلبى حاجات الإنسان.

خامساً: إن «مصر» هى بلد الأفكار الكبرى منذ فجر التاريخ فهى أول من رفع راية التوحيد وأول من علم الإنسانية فى مهدها طقوس الحضارة وأركان البناء، ويكفى أن نتذكر عبر القرنين الماضيين فقط أن شعلة التنوير قد خرجت من «مصر» يوم أن أضاءها «رفاعة رافع الطهطاوى» وأستاذه «حسن العطار» وتلاميذهما من أجيال التنوير المصرى فى المنطقة، كما أن النهضة العربية فكرياً وثقافياً قد خرجت من الكنانة بشراكة «مصرية شامية»، وحتى «الإسلام السياسى» بما له وما عليه هو مصرى المورد والنشأة، كذلك فإن «جمال عبدالناصر» و«أنور السادات» قد عبرا تاريخياً عن روح «مصر» ومزاجها المختلف من عهد إلى عهد، إننى أهيب برئيس البلاد المشير «عبدالفتاح السيسى»، الذى حقق نجاحات مشهودة وإنجازات تبشر بكل خير، أن يتبنى مشروع «بنك الأفكار» فى مؤسسة الرئاسة أو فى جهاز أمنى سيادى نسعى إليه جميعاً بالرأى والمشورة دون إعلان أو إعلام، فالمصلحة العليا للوطن هى الدافع بل الدافع الوحيد لما نقول.. حمى الله مصر من كل المكاره.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنك الأفكار بنك الأفكار



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon