أوبر × أبيض وأسود

أوبر × أبيض وأسود

أوبر × أبيض وأسود

 لبنان اليوم -

أوبر × أبيض وأسود

عمرو الشوبكي

قصة العلاقة بين شركة «أوبر» والتاكسى الأبيض وأسود، كما اصطلح على تسميته، كاشفة لخلل فى رؤيتنا للقوانين التى تنظم التنافس والصراع داخل المجتمع.

يقيناً أن خدمة شركة أوبر العالمية وفرعها المصرى هى خدمة حديثة وشفافة أثارت اعتراضات كثيرة فى العديد من بلاد العالم المتقدم والثرى قام بها سائقو التاكسى، وأذكر أنى كنت فى زيارة العام الماضى إلى مدينة جنيف (سويسرا هى الأكثر ثراء والأعلى دخلاً فى أوروبا) وفوجئت بمظاهرة لسائقى التاكسى ضد شركة أوبر.

والحقيقة أن مشكلة مصر ليست فى اعتراض سائقى التاكسى على «أوبر»، إنما فى ترك هذا التفاوت بين الجانبين يتفاقم حتى أصبحنا أمام عالمين لا علاقة لهما ثقافيا ومهنيا ببعضهما البعض، فعالم «أوبر» المهنى، الذى تحدده علاقة عمل شفافة بين مقدم الخدمة والمستهلك: فهناك تعريفة محددة يدفعها الراكب، وهناك جهاز «جى بى إس» الذى يحدد مكان الزبون ووجهته، وهناك موقع إلكترونى يوصل طالب الخدمة بسائق أوبر القريب من مكانه ويحدد له بدقة موعد وصوله.

إذن نحن أمام علاقة واضحة وغير متكررة كثيراً فى مصر تحكم علاقة المستهلك بصاحب الخدمة، خاصة فى مجال المواصلات، تقابلها خدمة رديئة (تحسنت جزئياً) يقدمها تاكسى الأبيض وأسود، ظلت لسنوات طويلة دون عداد، وكان التاكسى فى تسعينيات القرن الماضى عملة نادرة يتمنى المواطنون رضا السائق عليهم وتوصيلهم لمكان قريب من المكان الذاهبين إليه، وعانى الكثيرون من ركوب أكثر من مواطن فى نفس «التوصيلة».

تغير الوضع قليلاً مع نهايات العقد الماضى، حين تم تجديد سيارات التاكسى المتهالكة بأخرى حديثة، ووضع عداد جديد يبدأ من 3 جنيات (على ما أعتقد)، بعد أن ظل ما يقرب من 30 عاماً (سنوات مبارك فى الحكم) ثابتاً على 60 قرشاً، ونسى الناس وجوده، وأصبح الفصال والعراك بين السائق والراكب سمة تلك المرحلة، حتى لو كان تسامح الشعب المصرى وبساطته خففت من حدتها.

وتميزت علاقة سائق التاكسى بالركاب بسمة أخرى فريدة، وغير متكررة فى أى مكان آخر فى العالم، وهى أن الراكب قبل أن يركب التاكسى يسأل السائق إذا كان يقبل الذهاب إلى هذا المكان أم لا؟ ويقرر السائق ما إذا كان المكان مناسباً له فيسمح له بالركوب أم لا فيتركه منتظر الفرج.

يقيناً «أوبر» نموذج نجاح للعلاقة بين صاحب الخدمة والزبون، ولكن السؤال: ألا يجب أن نعمل أيضاً على تطوير أداء التاكسى فى مصر، ولا نتركه فريسة للتعليقات الخائبة مثل تلك التى رددها بعض السائقين بأن «أوبر» تأتى لمصر للتجسس عليها، أو أنها تعمل على انحراف البنات وغيرهما من مفردات الحالة البائسة؟

أن تعلن الحكومة على لسان متحدثها الرسمى: أن رئيس الوزراء شكل لجنة قانونية لتقنين أوضاع شركات سيارة الأجرة، وأن التاكسى الأبيض بحاجة لتطوير خدماته ورفع مستواه مع الحفاظ على عمل شركات «أوبر وكريم» تعتبر خطوة فى الاتجاه الصحيح، لأن نجاح أى تجربة حديثة مثل «أوبر» أو غيرها لن يكون كاملاً إلا إذا فتحت فرص المنافسة والتطوير للأطراف الأضعف، والتاكسى الأبيض يمثل هذا الطرف وفى حاجة إلى تطوير بربطه بمركز اتصالات حديث يستطيع التواصل مع السائقين وإرسالهم للزبائن، ونظام للمحاسبة يفرض على السائقين تشغيل العداد.

فى مصر عالمان، أحدهما متقدم والثانى (الغالب) لا يجب أن نحكم عليه بالتخلف ونتركه فريسة الشركات العالمية الكبرى، فلن ينافس بإمكاناته الضعيفة، فلابد أن نساعده طالما اتفقنا أن من حق الأكثر قوة ومهنية أن يبقى فى السوق فلا نترك الضعيف.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوبر × أبيض وأسود أوبر × أبيض وأسود



GMT 13:50 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مفتاح جنوب البحر

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أحلام فترة النقاهة!

GMT 20:53 2024 الجمعة ,15 آذار/ مارس

دولة طبيعية

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 17:35 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

المشير والمشيرون

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon