الثورة المضادة

الثورة المضادة

الثورة المضادة

 لبنان اليوم -

الثورة المضادة

عمرو الشوبكي

حديث الثورة المضادة حديث قاصر يردده البعض حين يفشل في التواصل مع الناس، فيبحث عن شماعة يبرر بها أخطاءه، فلا يجد أفضل من تعبير الثورة المضادة كمصطلح جاهز ينعت به الخصوم والمنافسين حين يفشل في مواجهتهم بالوسائل السلمية والديمقراطية.

صحيح أن هناك خطابا سلطويا مقابلا يخون المعارضين ولا يرى في الصوت النقدى إلا مؤامرة للهدم، حتى صار الخلاف السياسى الذي يعرفه أي مجتمع طبيعى بين قوى يمينية محافظة وتقليدية، وقوى تقدمية تحررية، يصنف على أنه صراع بين الثورة والثورة المضادة لدى البعض، أو بين الوطنيين والعملاء لدى البعض الآخر.

والحقيقة أن خطاب الثورة المضادة هو جزء من مفردات استخدمتها التجارب الثورية الشيوعية المنقرضة في القرنين التاسع عشر والعشرين، وغابت عن أي تجربة تغيير ناجحة في نصف القرن الأخير من أوروبا الشرقية حتى أمريكا الجنوبية، مرورا بتركيا وماليزيا وإندونيسيا وتونس وغيرها، وكلها صنعت توافقات بين قوى النظام القديم- التي لم ترتكب جرائم- وبين القوة الجديدة والديمقراطية.

والحقيقة أن معضلة خطاب الثورة المضادة الذي استخدم على نطاق واسع عقب ثورة يناير أنه انطلق من منطلقات عفا عليها الزمن، فكل تجارب النجاح لم تر القوى اليمينية ثورة مضادة، بل جزءا من المسار السياسى، بل كثيرا ما وصلت للسلطة، في حين أن الخلل في مصر كان في نوعية من الخطاب الثورى، الذي اعتبر أن قطاعا واسعا من القوة التقليدية المرتبطة بالدولة منذ ثورة يوليو حتى الآن هو ثورة مضادة، واعتبر أن كل عضو من أعضاء الحزب الوطنى هو فلول وثورة مضادة يجب إقصاؤه، بل إن المرشح المدنى أحمد شفيق، الذي واجه مرشح الإخوان محمد مرسى وحصل على أكثر من 48% من أصوات الناخبين، اعتبر الإخوان وحلفاؤهم من بعض القوى الثورية أنه فلول ورمز للثورة المضادة دون أن يسأل أحد نفسه: هل يُعقَل أن يحصل مرشح الثورة المضادة على أكثر من 12 مليون صوت ويتقدم على كل مرشحى الثورة، ولا يناقش أحد ما إذا كانت نظرية الثورة المضادة صالحة لتفسير ما جرى في مصر أم لا؟

المؤكد أن الخلل في تلك النظرية التي تعطى حصانة خاصة للثائر وتعتبره فوق باقى خلق الله، أنها تعتبر ثورة 25 يناير معبرة عن كل الشعب المصرى، صحيح أنها تعبر عن أنبل ما في الشعب المصرى، إلا أنها لا تعبر عن كل الشعب، فهناك مواطنون كاملو الأهلية- وليسوا فاسدين ولا فلول- لا يؤمنون أصلا بالنظريات الثورية ولا بثورة 25 يناير، وبعضهم أيدها فقط طوال الـ18 يوما، ثم رفض مآلها حين شاهد سنوات الفوضى وخطاب المراهقة الثورية.

وفق نظرية الثورة المضادة ، هؤلاء جميعا في وضعية أقل من الثوار، في حين أنه وفق النظريات الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، هم مواطنون كاملو الأهلية يمكن وصفهم بـ«قوى اليمين أو القوى المحافظة والتقليدية»، التي ترفض الفكر الثورى بشكل عام، وتشمل قوى اجتماعية وشبكات مصالح ومؤسسات دينية عملاقة كالأزهر والكنيسة وغيرها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة المضادة الثورة المضادة



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon