حكمت المحكمة

حكمت المحكمة

حكمت المحكمة

 لبنان اليوم -

حكمت المحكمة

عمرو الشوبكي

قضت المحكمة الدستورية العليا، أمس الأول، بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وألزمت الحكومة بالمصروفات، وقضت بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون 202 فى شأن تقسيم الدوائر بمجال الإدارة على الانتخاب بالنظام الفردى.

وأوضحت حيثيات الحكم أن المادة 102 من الدستور وضعت ضابطين أساسيين لتقسيم الدوائر الانتخابية هما: التمثيل العادل للسكان والتمثيل العادل للمحافظات، وأن التمثيل العادل للسكان يعنى أن يمثل النائب فى أى دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذى يمثله باقى النواب فى الدوائر الانتخابية الأخرى، ولا يعنى هذا المبدأ أن يكون التساوى بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة تساويا حسابيا مطلقا، وإنما يكفى لتحقيق هذا المبدأ أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول.

وانتهت المحكمة فى حيثياتها إلى عدم دستورية جداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردى، مؤكدة أن المشرع قد أخل بضوابط التمثيل العادل للسكان والمتكافئ للناخبين، المتطلب دستوريًا.

والحقيقة أن ما سبق أن أشرت إليه فى هذا التفاوت الصارخ فى تقسيم الدوائر الفردى الـ420 من أن هناك 77 دائرة بمقعد واحد و119 دائرة بمقعدين و35 بثلاثة مقاعد، هو أمر يدل على أن التفكير بالقطعة هو الحاكم، لأن الطبيعى والبديهى أن يوضع نظام انتخابى للأمة لا يفصّل على مقاس أحياء أو أقسام أو دوائر فقط، وأن يكون هذا النظام موحداً لكل الجمهورية.

والحجة التى ذكرها واضعو القانون أنهم كانوا مضطرين لهذا التقسيم بسبب القوائم لأنهم تحركوا فى نسبة مقررة سلفاً من المقاعد الفردية، أى 420 مقعداً، وبالتالى اضطروا إلى الوقوع فى هذا التفاوت.

نظرياً الحجة صحيحة، ولكنها عملياً انطلقت من أن رقم 420 مقعداً فردياً و120 مقعد قوائم هو أمر مقدس، لا يجب تغييره أو المساس به، فلو أعدنا النظر فى نظام القوائم الأربع الكارثى، خاصة بعد ما شهدناه أثناء عملية تشكيل القوائم من ضعف للأحزاب ومن تدخلات للدولة ومن سيطرة للمركز فى القاهرة على تشكيل كل القوائم التى لعبت فيها المحافظات دور الكومبارس أو المحلل لما تتفق عليه العاصمة، فمن المؤكد أن تغيير نظام القوائم الأربع وتحويله إلى نظام قوائم يخص المحافظات (25 محافظة مثلًا) وبنسبة الثلث، سيعنى تمثيلاً أفضل للقوى المحلية، وفرصاً أكبر للقوى السياسية والمجتمعية بدلاً من القوائم التى هرول إليها البعض، متصورين أنها قوائم تعيين وليس انتخاباً بكل ما يمثله ذلك من أخطار على العملية السياسية برمتها.

وإذا حددنا الدوائر الفردى بنسبة الثلثين، وتعلمنا أن التراكم فى حياة أى أمة هو الذى يرسخ ويقوى تجربتها السياسية، واعتمدنا نظام مرشْحَيْن فى كل دائرة، كما اعتاد الناخب المصرى أن يفعل لعقود طويلة مع مرشح العمال والفلاحين، وواجهنا الخيار الكارثى الآخر الخاص بالدوائر الصغيرة التى تنتخب نائباً لكل 120 إلى 130 ألف ناخب، لتساعد على انتخاب نائب بعشرة آلاف أو عشرين ألف صوت من عشيرته أو شلته، فإن هذا سيفتح الباب واسعاً أمام نواب العصبيات وشراء الأصوات.

نائبان لكل ما يقرب من نصف مليون ناخب سيساعد على اختيار نائب له علاقة بالشأن العام، أما نائب لكل 100 ألف ناخب فهذا يساعد على اختيار «عرضحالجى» يلف على المقاهى ويحضر الأفراح والليالى الملاح وينام أو يغيب فى الجلسات غير المذاعة تليفزيونياً.

القانون الحالى يحتاج إرادة سياسية حقيقية لتغييره جذرياً، وهو أمر لا تدل مؤشرات كثيرة على أنه وارد الحدوث.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكمت المحكمة حكمت المحكمة



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:48 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon