الجماعة التى انقلبت على الحزب 1 2

الجماعة التى انقلبت على الحزب (1- 2)

الجماعة التى انقلبت على الحزب (1- 2)

 لبنان اليوم -

الجماعة التى انقلبت على الحزب 1 2

بقلم : عمرو الشوبكي

على عكس التجربة المصرية التى وُلد فيها حزب الحرية والعدالة بعيب خلقى تمثل فى تبعيته الكاملة لجماعة دينية اسمها الإخوان المسلمين، ظهرت جماعة الخدمة فى تركيا التى أسسها وقادها فتح الله جولن كجماعة دينية دعوية منفصلة تماماً عن أى حزب سياسى حتى لو وُصف بأنه إسلامى.

واعتمدت الجماعة التركية، أو كما يطلق عليها الجماعة الموازية، على مرجعية ذات بعد صوفى واضح، وتتبنى «الإسلام الروحى» بديلاً عن الإسلام السياسى، وحملت إطارا فكريا ذا طابع قومى تركى ركز على مسلمى تركيا وابتعد عن باقى الهويات الإسلامية، ولديه انفتاح واسع على الغرب، على خلاف جماعة الإخوان المسلمين التى يمكن أن توظف علاقتها بالغرب فى صراعها على السلطة، ولكن مرجعتيها الفكرية معادية للغرب على المستوى الحضارى والفكرى، حتى وصفته أكثر من مرة بـ«الصليبى».

واهتمت جماعة الخدمة بالدرجة الأولى بالتعليم وإنشاء المدارس داخل وخارج تركيا، إضافة لإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية، وتعتبرها وسيلة لإعداد كوادر المستقبل، حتى تبقى الحكومات تحت وصايتها أو تأثيرها. وتركز الجماعة على التعليم الحداثى فى جميع المستويات، ولها مدارس ومعاهد منتشرة فى جميع القارات.

وكعادة كثير من الجماعات الدينية فقد سقطت فى ممارسات سياسية انتهازية، ولم يكن لها موقف مبدئى من قضايا كثيرة، فقد دعمت انقلاب 1980، وأشادت بقادته العسكريين فى مواجهة تيارات سياسية إسلامية، وعادت ودعمت الصيغة الجديدة من هذه التيارات ممثلة فى حزب أردوغان (العدالة والتنمية)، وكانت من الأسباب الرئيسية وراء نجاحه فى الانتخابات ثلاث دورات متتالية، حتى دب الخلاف بينهما فى السنوات الأخيرة ودخلت فى صراع مفتوح مع حزب أردوغان ونظامه، حتى اتهمها بترتيب الانقلاب العسكرى الفاشل مؤخراً.

الفارق بين الجماعة التى انقلبت على الحزب فى تركيا وبين الجماعة التى خلقت ذراعاً سياسية فى مصر، أن الأولى حالة حداثية عصرية وأن نجاح أو فشل الحزب لا يعنى نجاح أو فشل الجماعة، ففشل أردوغان سيكون بسبب سياساته وطريقة حكمه لا لكون حزبه ذراعاً سياسية لجماعة دينية.

بالمقابل فإن صيغة الجماعة الدينية الشاملة التى لها أذرع اجتماعية ودعوية وسياسية، وأحياناً إرهابية، مثل الإخوان غير متكررة فى أى بلد فى العالم، ولذا ظل فشلها مساوياً لفشل العملية السياسية برمتها وتغيرها لا يمكن أن يتم بالوسائل الديمقراطية لأنها جماعة دينية وليست حزباً سياسياً، وسيظل وجودها بهذه الصيغة أحد عوائق التحول الديمقراطى فى مصر.

أما فى تركيا فرغم قسوة الصدام الذى حدث بين الجماعة والحزب إلا أن انفصال الاثنين جعل المجتمع يستكمل مساره رغم الصعوبات، وأصبحت مشكلة تركيا هى مع نظام أردوغان أكثر منها مع الجماعة الدينية حتى لو اتهمها أردوغان بترتيب الانقلاب وبإنشاء كيان مواز.

بالتأكيد هناك فارق كبير وعميق بين ما تقوله جماعة الخدمة فى تركيا (لها مدارس دولية ناجحة فى مصر أيضاً) وبين ما تقوله جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وبصرف النظر عن مستقبل أردوغان، الذى شارف على نهايته، إلا أن جزءاً رئيسياً من صمود التجربة التركية، رغم ما يرتكبه نظام أردوغان من أخطاء، أنها قامت منذ البداية على أسس صحيحة، أى فصلت بين الجماعة الدينية والحزب السياسى.

ويبقى سؤال الغد: هل هذا قدر حتمى فى العالم العربى والإسلامى أن تظل هناك جماعات دينية مرتبطة أو منفصلة عن الأحزاب السياسية، أم هو أمر غير حتمى يمكن الفكاك منه؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجماعة التى انقلبت على الحزب 1 2 الجماعة التى انقلبت على الحزب 1 2



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon